خرق المرشح الديموقراطي للانتخابات الرئاسية الأميركية جون كيري التوقعات أمس، بفوزه على الرئيس جورج بوش، في أول وأهم مناظرة تلفزيونية مباشرة بينهما، عنوانها السياسة الخارجية، جمعتهما فيها اسرائيل وفرقتهما العراق والحرب على الارهاب، قبل شهر تحديداً من موعد الانتخابات. وأشار كيري الى "الخطأ الفادح" الذي ارتكبه بوش بالذهاب الى العراق، فيما انتقد الرئيس "اشارات كيري المتقلبة" والتي لا تؤهله للرئاسة. وأكد المرشحان التزامهما أمن اسرائيل، والذي كان "سبباً للحرب على العراق" كما قال بوش 58 عاماً، و"دافعاً لانجاحها" كما أعقب كيري. ونجح كيري 60 عاماً في محاصرة بوش في خط الدفاع منذ الدقيقة الأولى باتهامه الرئيس بارتكاب خطأ جسيم ب"توريط الولاياتالمتحدة" بالدخول الى العراق وتجاهل قرارات الأممالمتحدة وتحويل الاهتمام عن الكرة الرئيسة في الحرب على الارهاب والمتمثلة في القبض على أسامة بن لادن والقضاء على شبكة "القاعدة". وقال كيري ان "الحرب على العراق اعطت بن لادن حجة لافتراض أنها حرب على الاسلام". ورد بوش بالقول: "بن لان لا يقرر سياسة البيت الأبيض". تقدم كيري في الاستطلاعات وأشارت استطلاعات الرأي الصادرة امس، الى تقدم بارز لكيري في أدائه في المناظرة والتي وصلت الى 30 نقطة في استطلاع شبكة "ان.بي.سي" الاخبارية وبنسبة 66 في المئة لكيري في مقابل 36 في المئة للرئيس. وأشار استطلاع مركز "غالوب" الاحصائي الى تقدم لكيري أيضا وبنسبة 53 في المئة في مقابل 37 في المئة لبوش. وتميز كيري عن بوش بنبرة صوت قوية وجمل متراصة وأقل خطأ من تعابير بوش الذي وصف الارهابيين ب"زمرة من الأصحاب"، وخلط بين "أسامة بن لادن وصدام حسين". وقال المحلل السياسي والخبير الرئاسي بروس بوكنان في حديث الى شبكة "أن.بي.سي" أمس، ان "بوش بدا مرتبكاً أحياناً، وكيري أكثر جدارة بالتعبير". وأضاف: "ان الرجلين أوضحا مواقفهما، واتهم بوش منافسه بالمتقلب، في حين قال كيري أن بوش كان دائماً على خطأ، وأتت تعابيره أكثر فهماً". العراق 98 مرة ووردت كلمة "العراق" 98 مرة. واحتلت الساعة الأولى من مناظرة التسعين دقيقة. وقال كيري في سؤال من مدير الحوار الاعلامي جيم ليرير عن الأحكام الخاطئة للرئيس في العراق: "يؤسفني القول أن هذا الرئيس ارتكب خطأ جسيماً في اطلاق الأحكام، والحكم الصحيح هو صفة أساسية يجب أن يتحلى بها كل رئيس أميركي". ورد بوش بتكرار ست مرات أن المرشح الديموقراطي "متقلب في آرائه وغير كفي للقيادة". وقال بوش أن "كيري صوت لاستعمال القوة في العراق قبل أن يصفها بالحرب الخطأ". وأضاف: "لا أعتقد ان بامكانك قيادة مسألة تعتبرها في المكان الخطأ والزمان الخطأ". وشدد كيري على الثمن الاقتصادي والبشري الباهظ للحرب، واالذي "ارتفع في تموز يوليو عن حزيران يونيو وفي آب أغسطس عن تموز، وفي أيلول سبتمبر عن آب". وأشارت أرقام وزارة الدفاع الأميركية الى وصول حصيلة القتلى في الجيش الأميركي الى 1052 عنصراً، وتعدي النفقات ال191 بليون دولار. وانتقد كيري عقود اعادة الاعمار "المطرزة على قياس شركة هاليبرتون" التي أدارها نائب الرئيس ديك تشيني منذ 1995 وحتى عام 2000. ايران والسودان وكوريا وبرزت الاختلافات بقوة بين المرشحين في مواضيع الأزمات الايرانية والسودانية وأزمة كوريا الشمالية. واذ أثنى بوش على التعاون مع "فلاديمير" الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في الحرب على الارهاب، انتقد كيري الحكومة الروسية وسياسات بوتين "القمعية برمي المعارضة في السجون وفرض رقابة مشددة على وسائل الاعلام". وأكد كيري العمل على التخلص من المواد النووية في دول الاتحاد السوفياتي سابقاً خلال فترة أربع سنوات بينما تأخد الادارة الحالية أكثر من 13 عاماً. وربط كيري أزمة اقليم دارفور غرب السودان بالحرب على العراق. وأشار أن سياسة الادارة الانفرادية وعدم تعاونها مع ألمانيا وفرنسا وبريطانيا في انزال العقوبات و"التهاءها بالعراق"، ساهمت في تحول الوضع الى كارثة انسانية. واتفق المرشحان على عدم تدخل عسكري أميركي في الاقليم وتوكيل الأمر للاتحاد الافريقي. وانتقد بوش تصريحات كيري حول انزال عقوبات على الحكومة الايرانية. وأشار الى أن "هناك عقوبات اليوم، ولا داعي للمزيد". ووعد المرشحين بالتواصل مع المجتمع الدولي للضغط على ايران ووقف ترسانتها النووية. كما تعهد كيري التفاوض مع "الملالي الايرانيين وتعزيز المبدأ الديبلوماسي" وفيما دعا كيري الى مفاوضات ثنائية مع كوريا الشمالية واحتواء التهديد النووي الذي "تضاعف بعد الحرب على العراق حذر بوش من الخطوة وأكد التزامه بالمفاوضات السداسية والتي تتولى فيها الصين دوراً رئيساً. وحاول كيري ابراز قوته القياديه بنيله الدعم من كبار الجنرالات في الجيش الأميركي أبرزهم جون أيزنهاور نجل الرئيس السابق دوايت أيزنهاور. كما ركز على خبرته المكثفة في السياسة الخارجية والتي ستساعده في اعادة بناء "تحالفات أنجح من التي قادها الرئيس بوش على العراق والمقتصرة على بريطانيا وأستراليا". ونبه بوش كيري مرتين الى وجود دولة "بولندا على اللائحة". كما اعتمد كيري على استراتيجية جامعة للحزبين في كلامه، وأشار أنه سيمشي على خطى الرئيس الجمهوري الراحل رونالد ريغن وقبله الرئيس الديموقراطي جون كنيدي. وأثنى كيري على رصيد جورج بوش الأب، الذي "ارتأى وبحكمة عدم الذهاب الى العراق ، وعدم تعدي حدود البصرة". وقال كيري: "عرف بوش الأب أن ما من استراتيجية للخروج من العراق. ونحن اليوم جنود احتلال أرض مرة وعدوانية". وكرر بوش التزاماته ب"الدفاع عن أميركا مهما كلف الأمر"، و"محاربة الارهابيين خارج الولاياتالمتحدة". كما شدد انجازات الادارة في افغانستانوالعراق واطاحة نظامي "طالبان" وصدام حسين . ووعد بالنصر في العراق وبناء الجيش العراقي وتدريب قوى الأمن لمحاربة الارهابيين. و أكد بوش أن الحرب العراقية هي امتداد للحرب على الارهاب وأن العالم تغير بعد 11 أيلول سبتمبر 2001، و"تحرير العراق سيساعد في أمن أميركا والشرق الأوسط". وهاجم كيري استراتجية الادارة وتضليل الأميركيين بعدم قول الحقيقة واصرار نائب الرئيس ديك تشيني على "وجود رابط بين العراق واعتداءات 11 أيلول". واكد عدم وجود أي رابط بين "اعتداءات 11 أيلول وصدام حسين".