وسط اعتراضات داخلية متزايدة ضد الحرب على العراق وخوف من اعتداء إرهابي آخر، تسمّر ملايين الأميركيين أمام شاشاتهم الصغيرة لمشاهدة أول مناظرة رئاسية تلفزيونية كانت مقررة فجر اليوم الواحدة بعد منتصف ليل أمس، بتوقيت غرينتش، على أمل أن تأتيهم بجديد يبدد مخاوفهم ويساعدهم في حسم قرارهم بين إعطاء الرئيس جورج بوش ولاية ثانية أو انتخاب خصمه الديموقراطي جون كيري. وقبل 31 يوماً من موعد الانتخابات الرئاسية، استعدت جامعة ميامي في ولاية فلوريدا طيلة نهار أمس، لاستقبال أول مواجهة مباشرة بين المرشحَين، تتناول السياسة الخارجية ومواضيع الأمن القومي والحرب ضد الإرهاب والتي تشكل المحور الرئيس للانتخابات لأول مرة منذ فيتنام. وأشارت استطلاعات الرأي الأخيرة إلى ارتفاع نسبة المعارضين لسياسة الإدارة في الحرب على العراق والتي وصلت إلى 54 في المئة في مقابل 48 في المئة في مطلع الشهر. كذلك أشار استطلاع مركز زغبي الدولي إلى اعتقاد 59 في المئة من الأميركيين أن الرئيس بوش ضللهم في الحرب على العراق. واعتبر ثلثا المستطلعين أن قرار الحرب كان خاطئاً. وأشار مقربون من الحملة الجمهورية ل"الحياة" إلى أن الرئيس بوش سيعتمد في مناظرته الأولى على إعطاء وجه متفائل في السياسة الخارجية وإبراز صفاته "القيادية والصارمة" في الدفاع عن أمن الولاياتالمتحدة، وتصوير الحرب العراقية من زاوية الضربات الوقائية التي "خلصت أميركا والعالم من خطر صدام حسين". وسيعمد بوش إلى تسليط الضوء على الصفات "المتقلبة وغير القيادية" لمنافسه والتي أسهمت حتى الآن في إبقاء بوش في الصدارة. وأظهر استطلاع لصحيفة لوس أنجليس تايمز الصادر أمس إلى تقدم بوش بفارق خمس نقاط ونسبة 51 في المئة في مقابل 46 في المئة لكيري. من جهة أخرى سيسعى كيري إلى توضيح موقفه من الأزمة العراقية واستراتجيته في الحرب على الإرهاب، وتحديد نقاط الخلاف مع الإدارة لتعريف ال52 في المئة بحسب استطلاع "وول ستريت جورنال" أمس التي لا تجد فرقاً بين المرشحين، باستراتيجيته في السياسة الخارجية. وأشار ريتشارد هولبروك السفير السابق للأمم المتحدة ومساعد حملة كيري، في حديث إلى شبكة "سي أن أن" إلى أن الخطة تتضمن إعادة بناء التحالفات الدولية وتغيير عقود اإعادة الإعمار في العراق لمشاركة أوروبية أوسع، كما تعتمد على التواصل مع المعتدلين في العالم العربي لمكافحة الإرهاب وخطر المتطرفين. وسيبرر سناتور ماساتشوستس رصيده المتقلب في مجلس الشيوخ. اليوم... تحول رئيس في السباق ويفيق الأميركيون اليوم على تحوّلات رئيسة في السباق كما أكد المحلل جون زغبي ل"الحياة". وأضاف أن استطلاعات الرأي وردود الفعل بشأن المناظرة ستحسم السباق، ذلك أن "أي خطأ لفريق سيكون نجاحاً لمنافسه". وأكد أن مهمة كيري أصعب من مهمة بوش في إعادة تعريف الأميركيين به ونقض صورة "المتقلب وغير القيادي" المرسومة لدى الرأي العام. وسيعيد نجاح كيري السباق إلى نقطة الصفر، في حين قد يلغي نجاح بوش اليوم، أي حظوظ متبقية لكيري في الوصول إلى البيت الأبيض. وسيعيد المرشحين عباراتهم المفضلة في الحملة. ويكرر بوش التزاماته ب"الدفاع عن أميركا مهما كلف الأمر"، و"محاربة الارهابيين خارج الولاياتالمتحدة". كما يشدد على إنجازات الإدارة في أفغانستانوالعراق وإطاحة "طالبان" وصدام حسين. وسيهاجم كيري استراتيجية الإدارة بإعطاء "صدام حسين أولوية على بن لادن"، وتضليل الأميركيين بعدم قول الحقيقة، وإصرار ديك تشيني نائب الرئيس على "وجود رابط بين العراق واعتداءات 11 أيلول/سبتمبر". كما يشير إلى الاختلافات السياسية داخل الإدارة بين وزارة الخارجية والبنتاغون والتناقضات بين تصريحات وزير الدفاع دونالد رامسفيلد ووزير الخارجية كولن باول ونائبه ريتشارد آرميتاج حول الأزمة في العراق والانتخابات المرتقبة. وتتناول الجلسة التي يديرها الإعلامي البارز جيم ليرير من برنامج "ساعة الأخبار" في محطة "بي بي أس" الرسمية، إلى مواضيع جانبية في السياسة الخارجية، مثل الصراع العربي - الإسرائيلي، والخطر النووي الإيراني، والذي يتفق فيه كلا المرشحين على دعم الحكومة الإسرائيلية وأولوية الخيار الديبلوماسي مع طهران. وتعتبر أول ربع ساعة من مناظرة التسعين دقيقة الأهم في اجتذاب أكبر عدد من المشاهدين والنجاح في "دخول غرف جلوس الأميركيين". وأثبت كل من بوش وكيري براعتهما في فن المناظرات، التي أتقنها كيري منذ أيامه الجامعية ومعارضته لحرب فيتنام، فيما ساعد بوش أسلوبه الواضح وتعابيره القصيرة في هزيمة المرشح الديموقراطي آل غور عام 2000 والوصول إلى البيت الأبيض. وعمد مساعدو كيري إلى تلقين مرشحهم عبارات بسيطة وقصيرة مفهومة عموماً في الرأي العام الأميركي، وتجنب العبارات الديبلوماسية مثل: السياسة الانفرادية والانعزالية"، وأداة الشرط "إذا" وفعل "لكن"، والالتزام بخط واضح وبسيط.