بعد سجالات قانونية تخللتها اتهامات متبادلة على خلفية تفسير الدستور بقرار أو بقانون لم يتمكن المجلس النيابي الذي التأم أمس في جلسة ثانية برئاسة الرئيس نبيه بري وحضور رئيس الحكومة رفيق الحريري لمناقشة تفسير المادتين 60 و70 من الدستور المتعلقتين بمحاكمة الرؤساء والوزراء من البت في هذا الموضوع فأرجأ الجلسة الى 15 آذار مارس المقبل للاتفاق على صيغة تساعد على الخروج برأي واحد. وذكّر الرئيس بري بمداخلات الجلسة الماضية. واقترح النائب روبير غانم تأجيل الجلسة مبدياً خشيته ان يخلق تفسير الدستور سابقة للتحايل على الدستور". ورد الحريري في مداخلة له بقوله: "إن أخطر شيء ان نخرج من الجلسة مشككين في حق المجلس في تفسير الدستور، هل نحن في مدرسة، ما هذا الكلام؟ المجلس النيابي هو أعلى سلطة في البلد ينتخب رئيس الجمهورية ويشرع وسأل كيف يكون قرار المجلس الدستوري ملزماً وقرار الهيئة العامة غير ملزم؟". وعلق الرئيس عمر كرامي قائلاً: "لا اختلاف في ان للمجلس النيابي حق التفسير، فالمجلس يملك كل شيء، نحن علينا أن نحسم الأمر لأننا نشرِّع للمستقبل لكننا نشعر بأننا نشرّع لأشخاص معينين". وقال النائب نقولا فتوش ان "القرار الذي يصدر بالتفسير له قوة القضية للحكم الأخير ويجب ألاّ يكون سبباً للتعديل، فالتفسير عندما يصدر يكون ملزماً ولا جدل في ذلك". وتمنى النائب بطرس حرب ألاّ تمارس الأكثرية النيابية الديكتاتورية على الأقلية. ورد الرئيس بري عليه متمنياً على الآخرين المعارضة النيابية ألاّ يمارسوا الديكتاتورية على المجلس. وعقب حرب "المعارضة مش قادرة، هناك توافق بين الكتل البرلمانية الكبيرة التي تتحكم بالمجلس النيابي للخروج بقرار مسبق"، وهنا خاطب بري حرب قائلاً: "لا أحد يعتقد اننا نريد تفسير الدستور حتى يكون له مفعول رجعي على أحد ما في أي من القضايا العالقة وهذا أمر محسوم"، نافياً ان تكون الكتل النيابية متفقة على رأي واحد في شأن التفسير. وأعرب عن أسفه "لأن نسمع ان ثمة تهديدات من الأقلية ضد الأكثرية عبر الجرائد". ودافع حرب عما ورد عنه في احدى الصحف قائلاً: "انا انسان ديموقراطي وكما أعرف فإن الأكثرية تتحكم بالأقلية تحت شعار الديموقراطية". وعقب بري قائلاً: "الواقع هنا مختلف. هناك ديكتاتورية تمارس من خلال التهديد عبر الصحف". وتابع حرب: "لا يوجد عندنا قضية مطروحة من هذا القبيل، نحن نقول إذا أردنا أن نخرج بقرار في المجلس يجب أن يكون بموجب قانون دستوري، وليس من خلال توازنات سياسية وصدور قرار بذلك لا يصلح إلا بتعديل دستوري". لكن بري رأى ان هناك مزجاً بين التعديل والدستور، وقال ان ما حصل في قضية الوزير علي عبدالله والوزير السابق شاهي برصوميان عَجَّل بضرورة بحث الموضوع وتفسيره. وأكد ان لا نية مسبقة ولا اتفاق بين الكتل وان كان ذلك من ضمن العمل الديموقراطي. وأشار الى ان هناك تبايناً في الآراء "وحرام أن لا نلجأ الى تفسير من أجل خلافات سياسية معينة"، وقال: "نحن أمام ثلاثة آراء هي: هل يصدر بقرار أو باقتراح قانون أو بقانون دستوري؟". ورفض بري المس بصلاحيات المجلس. وقال الرئيس حسين الحسيني: "ثمة اجماع على ان المجلس هو الذي يفسر الدستور، لكن لا يمكن تفسير الدستور إلا بقانون دستوري. النص واضح". واعتبر النائب مخايل الضاهر ان الصلاحية الموجودة في الدستور تعلو على الصلاحيات الأخرى. ورأى النائب انطوان غانم "ان للمجلس السلطة المطلقة في التفسير لكن الخلاف على آلية التفسير، وان التفسير غير ملزم اطلاقاً للقضاء". وعارض النائب نادر سكر بحدة التفسير بقرار لأنه يمنع على رئيس الجمهورية حق رده ويجب ان لا يحجب هذا الحق عنه، خلافاً لما يحصل في حال كان التفسير بقانونه او بقانون دستوري بأكثرية نيابية أو شروط معينة، فرد الحريري مؤكداً ان "الهدف الرئيسي هو منفعة القانون والدستور، وقال: "صدر كلام لا نقبله وهو ان تطبيق الدستور يعني حمايات معينة للرؤساء والوزراء. لا أحد منا يفتش على حماية له. كل ما في الأمر ان ثمة نصاً دستورياً يجب تطبيقه. هناك مشكلة موجودة هي ان للقانون الرقم 13 محاكمة الرؤساء والوزراء آلية تطبيقه صعبة، ومحاولة القول ان آلية التفسير هي من أجل حماية أناس موجودين في السلطة كلام في غير محله". وأضاف: "أقول بكل صدق وشفافية هناك مادة دستورية معينة تحتاج الى الحسم والمجلس النيابي اختار بنفسه حسمها وهي قضية تفسير الدستور. لذلك فالتفسير أمر ضروري وملح لأن الموضوع يتعلق بأي محكمة ستحكم، والقانون 13 ينص على اجراءات صعبة وتجب اعادة النظر فيه، ولو ان اجراءات القانون ميسرة للناس لكان حسم هذا الموضوع". وهنا حسم الرئيس بري الجدل عندما اقترح تأجيل الجلسة لمدة شهر وخلال هذه المدة تجتمع هيئة مكتب المجلس ولجنة الإدارة والعدل لإيجاد صيغة لآلية تفسير تساعد على الخروج في رأي واحد بالتزامن مع مواصلة اللجنة درس تعديل القانون 13 المتعلق بأصول المحاكمات ورفعت الجلسة التي تخللها توزيع جدول أعمال الجلسة العامة التي ستعقد اليوم وتستمر ثلاثة أيام.