في زمن كورونا، انتفضت الجهات المعنية بأماكن سكن العمالة الوافدة، وصارت تُجري جولات تفتيش، للتحقُّق من بيئات سكن ملايين العمال، ووضعت اشتراطات، تضمن عدم تسبُّب مساكن العمال في انتشار الأوبئة، غير أن هذه الانتفاضة، ما لبثت أن ذهبت في سبات عميق. لذلك، رأينا تقارير تُظهر أن المنازل التي تكون في أطراف المدن، والاستراحات، باتت سكناً لأنواع مخالفة من العمالة، وبالتالي، صارت مساكن هذه العمالة تشكِّل خطراً، ومواقعا يتجمع فيها مخالفو أنظمة الاقامة والعمل. لهذا، لا بأس من إعادة مقترح كنا قد طرحناه من قبل، لعلّ في الإعادة إفادة. نعلم أن هناك ما تسمى "لجنة التنمية الاجتماعية الأهلية"، وهي موجودة تقريباً في كل حي. هذه اللجنة تكاد تكون الحاجة لها، شبه معدومة، فكلنا نسكن أحياء، وكلنا لا نعرف هذه اللجان، ولا نعرف كيف نستفيد منها، أو كيف تفيدنا هي، ولا نعرف لماذا أنشئت من الأساس. ونعرف أن لجان التنمية الاجتماعية، آلت إلى أن تكون جهازاً بيروقراطياً، يُشكل عبئاً مالياً، وإدارياً على الإدارة الحكومية، ولا ينسجم مع توجهات الرؤية، ولا مع الوقت الذي نعيشه الآن. ومادام الجميع يتفق على أن تجربة لجان التنمية الاجتماعية الأهلية قد فشلت، ولم تحقق الأغراض التي أنشئت من أجلها، فلماذا لا يتم حلها، أو تحويرها إلى نشاط أهم وأكثر جدوى؟ وهنا نقترح أن يتم تحوير، أو تغيير اختصاص لجان التنمية الاجتماعية الأهلية، إلى لجنة لمتابعة كل ما يهم الحي. ويكون اسمها مثلاً :"مركز إدارة الحي". وتكون هذه المراكز مسؤولة عن كل صغيرة وكبيرة في الحي، ومسؤولة عن خدمات الحي، وعن أي خلل يحدث لهذه الخدمات، وأي نقص يطلبه سكان الحي. بمعنى أن يكون مركز إدارة الحي، هو المرجع لكل الجهات حكومية كانت، أو غير حكومية، في كل ما يخص الحي من خدمات، وبنية تحتية، ومتابعة أمنية أيضاً. وألا توضع طوبة في الحي دون معرفة وتنسيق ومتابعة وإشراف مركز إدارة الحي. وبشرط أن يكون لمركز إدارة الحي، تفويضا كاملا بأن يتصل مباشرة، وبشكل فوري، بكل الوزارات، والجهات الحكومية، وكل الجهات الخدمية، وفرق الطواريء لمعالجة أي حالة طارئة، أو خلل طاريء يحدث في الحي. فإن توقف الماء، أو انقطعت الكهرباء، أو ضعف الانترنت، أو تردت خدمات الاتصالات عن سكان الحي، أو احتاج الحي لرصف طريق، لماذا يُطالب المواطن الفرد بمراجعة الجهات المعنية لإصلاح الخلل؟ بل يتولى ذلك مركز إدارة الحي. إن أهل الحي هم الأقدر وهم الأكثر حرصاً على صيانة حيهم، والمحافظة عليه، وتفقد احتياجاته، والمحافظة على أمنه وأمانه، وهم الأقدر على معرفة أي خلل يحدث في حيهم، ومن ذلك ما تُحدثه العمالة المخالفة لأنظمة الإقامة، والعمل، وأمن الحدود، من أفعال وتجاوزات، تشكِّل خطورة على السكان، وعلى أمن البلد بأكمله.