} أنهى المجلس النيابي جلسته التشريعية العامة التي ترأسها رئيس المجلس النيابي نبيه بري وتمثلت فيها الحكومة برئيسها سليم الحص، واستمرت يومين، بالمصادقة على عدد من القوانين واقتراحات القوانين، وأبرزها: اقتراح تعديل قانون الإثراء غير المشروع الذي بات يقضي بتقديم الرؤساء والوزراء والنواب تصاريح عن ثرواتهم خلال ثلاثة اشهر من تولّيهم مسؤولياتهم، وكذلك التعديلات على قانون التنصت حاصراً مهمة مراقبته على المسؤولين بوزارة الداخلية. بدأت الجلسة بمناقشة اقتراح القانون المتعلق بتلافي نقص المواد المشطوبة من قانون التنصت بقرار من المجلس الدستوري، والتي تسمح باعتراض مخابرات الرؤساء والنواب والوزراء اسوة بباقي المواطنين. فلفت النائب نقولا فتوش الى ان "القانون المعدل مخالفة قانونية". فرد بري: "لسنا في صدد مناقشة حكم قضائي ودستورية النص ام لا، لأن عملنا محصور بما تنص عليه المادتان ال15 و16". وقال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري "بصرف النظر عن التعديلات نريد ان نعرف من هي الجهة التي تقوم بعملية التنصت". فعلق بري: "لنترك الامر لمجلس الوزراء الذي عليه ان يحددها". وقال النائب نسيب لحود "بمجرد خضوع النواب والوزراء للتنصت القضائي، على قاضي التحقيق ان يعطي السبب للهيئة المستقلة المشكّلة التي تتولى المراقبة ولكن ضمن ضوابط". ورد بري: "لا مانع من تقديم اقتراحات فنحن نعمل على تصحيح القانون فقط". وأشار وزير العدل جوزف شاول الى ان "من حق المجلس الدستوري الطعن في أي قانون". واعتبر نائب رئيس المجلس إيلي الفرزلي ان "الجهة الصالحة لتصحيح هذا الامر هي الهيئة العامة للمجلس النيابي"، داعياً الى تعيين جلسة خاصة لمناقشة الموضوع. فأيده بري "من اجل الاتفاق على صياغة جديدة". ودعا النائب شاكر أبو سليمان الى اعادة القانون الى اللجان المشتركة لإعادة درسه. فرفض بري "لأننا نناقش مادتين لا تطاولان موضوع النقاش". وقال الحريري "ثمة اشكالية منذ الطائف بأن القوى الامنية التي تتدخل في حياة الناس هي قوى الامن والامن العام لا الجيش". وقال بري "نحن نقول بناء على اقتراح وزير الداخلية ومجلس الوزراء". فأصر الحريري على وجوب تحديد الجهة. واقترح النائب مصطفى سعد ان يطرح مجلس الوزراء جهازاً معيناً. ورأى الرئيس حسين الحسيني ان "المجلس الدستوري يعتبر اهم انجاز في الاصلاحات الدستورية على الاطلاق، والجلسة الآن ليست صالحة لمناقشة هذه المسألة". واقترح الفرزلي ان "تكون وزارة الداخلية الجهة المخولة لذلك". وقال النائب بطرس حرب "ليس من اختصاص المجلس تحديد الجهة، فهذا من حق مجلس الوزراء". وقال النائب مروان حمادة "لسنا في صدد تسليم السلطات التشريعية الى اي جهة قضائية او أمنية والقانون يستأهل ان يحال على اللجان لدرسه مجدداً وإلا نكون وضعنا رقابنا تحت مقصلة الاجهزة". فرد بري الطلب. وتلا اقتراحاً تقدم به الحريري بحصر مهمة التنصت بوزارة الداخلية فصدق. وصدق القانون معدلاً. ثم طرح مشروع قانون الاثراء غير المشروع. فسأل النائب تمام سلام عن المرجعية التي يصرح أمامها عن الثروة. فأوضح بري ان "المادة الرابعة واضحة فمجلس الوزراء مثلاً مسؤول عن الوزراء الذين يراجعونه وكذلك المجلس النيابي". وفي المادة السادسة قال الحريري "لا يجوز اعتبار رئيس الجمهورية في مهلة شهرين مستقيلاً اذا لم يصرّح عن ثروته". وأيده في ذلك النائب حمادة الذي اعتبر في ذلك "مخالفة للدستور واتفاق الطائف". ورأى حرب ان "القانون لم يطبق منذ العام 1953 بسبب عدم تصريح المسؤولين عن الثروة فإما ان نسير جدياً في المشروع واما ان نسحبه". واستدعى بري نائبه ليتولى إدارة الجلسة ونزل عن المنصة وأدلى بمداخلة خاطب فيها الحريري مذكراً اياه بان حكومته كانت تقدمت بمشروع مشابه وسأله: "هل المطلوب حصر الأمر بالمواطنين العاديين أم شموله السياسيين ايضاً؟". فرد الحريري: "والسياسيين ايضاً". وأضاف بري "ان ما يسمى "التخلّف" عن القيام بالتصريح خلال مدة الشهرين كان موجوداً في مشروع القانون الذي كنت وقّعته، إنما بدلاً من القول "يعتبر مستقيلاً" كما ينص المشروع الآن وفق صيغة اللجان المشتركة، ورد في مشروع القانون الذي وقّعته تطبيق المادة ال70 من الدستور. وأتمنى أن نتمعن بهذا الموضوع، فالمسألة ليست مناظرة بيني وبينك، وأني طرحت سؤالاً: هل نريد تطبيق هذا القانون على الموظفين أم على السياسيين أيضاً؟". فأجاب الحريري "وعلى السياسيين". وقال بري: "الفساد في البلد يُتهم به الموظفون نتيجة العمل السياسي، فلنتكلم صراحة. هذا المجلس لا يجوز ان يعطي الراية في موضوع الإصلاح لغيره، وأتمنى على الجميع أن ينتبهوا الى هذا الموضوع، ورأيي ان تطبيق المادة ال70 يعني تعطيل المادة"، معللاً السبب بالقول "أنا رئىس مجلس نيابي الآن، وتعرفون ان البلد طائفي ومذهبي، وإذا أردنا نقل موظف يقولون اننا نهدم ركناً مقدساً، فكيف يمكن ان "تدق" برئيس حكومة او رئيس مجلس او رئيس جمهورية؟ أتمنى الاتفاق على تفسير المادة على الشكل الآتي: التخلف المنصوص عنه في هذا الموضوع مقصود فيه عندما ينتخب شخص جديد او يتولى منصباً جديداً. فأنا اذا كنت سأنتخب رئيساً للمجلس عليّ أن أؤمّن التصريح في سرعة، وإذا كنت مستعجلاً استطيع تأمين ذلك في 24 ساعة. فتقديم التصريح شرط من شروط تولي الخدمة العامة. اما اذا كنت الآن موجوداً ويريدون تطبيق موضوع الإقالة او الاستقالة عليّ في هذا الأمر، فعندها يجب العودة الى النص الدستوري. بمعنى آخر اني اجمع بين اقتراحك الحريري والنص الوارد، آملاً بحل الموضوع بهذا التفسير والسير فيه". وقال الحريري: "المقصود بالنقاش في المجلس المنفعة، لا التهرّب من تقديم تصريح ولا عدم إقرار القانون، المادة ال70 هدفها إعطاء ضمان للرؤساء والوزراء والمادة 40 للنواب. فلا نستطيع ان نعتبر ان هذه مسألة معقّدة، ففي السياسة اذا وضع القانون بهذا الشكل لا استطيع ان اتخيل اي مسؤول رئيساً او رئيساً للوزراء او وزيراً او نائباً سيتخلف عن تقديم التصاريح ويقيم مشكلة ويدعو الى جمع المجلس النيابي. وعلى رغم ذلك ما اطالب به ان يعطى مهلة". وسأل بري: كم المهلة؟ فأجاب الحريري: 3 أشهر. فطرح على التصويت وصدّق الاقتراح. وفي المادة ال12 التي تنص على ان يتولى قاضي التحقيق الشكوى المقدمة، اقترح الحريري ان يناط الأمر بهيئة قضائية تغربل الشكاوى، "وإلاّ فإن الأمور ستفلت ولا نعرف الى اين سيصل البلد". فعارضه زاهر الخطيب وقال "لا نريد ان نشرّع قوانين ضد احكام الدستور"، وسأل حرب "لماذا يخضع المواطن العادي للقضاء ولا يخضع السياسي؟"، ورأى الحسيني "ان كل شيء يحدّ من السلطة القضائية باطل". وردّ الحريري "من اجل تطبيق القانون يجب اعطاء ضمانات للناس". وعرضت المادة ال18 التي تنص على ان تبدأ مهلة مرور الزمن من قضايا الإثراء غير المشروع في ما يتعلق باستعادة المال العام من تاريخ اكتشاف الجرم، فأحيلت على التصويت وصدّقت. فيما سجل تحفّظ وحيد من النائب زاهر الخطيب.