فرض الهم الانتخابي الذي طغى على جدول أعمال الجلسة التشريعية للبرلمان اللبناني التي التأمت في ساحة النجمة أمس، نفسه على مداخلات النواب، مع سلوك اقتراح رئيس المجلس النيابي نبيه بري المعجل المكرر بتقصير ولاية المجلس النيابي وإجراء الانتخابات قبل نهاية العام طريقه المرسوم قانونياً إلى الدوائر المختصة في البرلمان، إذ قدمه أمس أمين سر كتلة «التحرير والتنمية» النائب أنور الخليل، موقعاً من عشرة نواب. أما أبرز ثمار التشريع، فتمثلت في إقرار قانون الأحكام الضريبية المتعلقة بالنشاطات البترولية، بمادة وحيدة مع بعض التعديلات باضافة فقرة بانشاء وحدة للجباية والتدقيق في وزارة المال وتعديل التوزيع. وفيما نعى بري الانتخابات الفرعية بفعل المخالفة الدستورية، أكد رئيس الحكومة سعد الحريري «أننا اتخذنا القرار باعتماد البطاقة البيومترية وسننفذه» لإجراء الانتخابات النيابية. وانطلقت الجلسة التشريعية عند الحادية عشرة برئاسة بري، وحضور الحريري. وقبل الغوص في جدول الأعمال، كان عرض للأوراق الواردة فتحدث 17 نائباً من أصل ال42 الذين سجلوا أسماءهم من ضمن طالبي الكلام، كان أولهم النائب روبير غانم الذي قال: «لن أتحدث عن أزمة السير الخانقة أو النفايات التي تطل مجدداً ولا عن تلوث المياه ولا عن موضوع الكهرباء الذي كلف وفق رئيس الحكومة 30 بليون دولار خلال 15 سنة، وهذا يعتبر إخباراً». وأشار إلى «خط عسكري للمسافرين في المطار مقابل بدل 500 دولار». ثم سأل عن التحقيق العسكري الذي يجريه الجيش في ما خص معركة عرسال ، وقال: «ليس للدفاع عن الرئيس تمام سلام، بل لوضع الأمور في نصابها، الجيش هاجمته جماعة عدوة». وسأل: «ماذا فعل الجيش بعد الهجوم عليه ولماذا لم يطلق أي رصاصة؟ هذا شيء معيب». فقاطعه بري قائلاً: «الموضوع قيد التحقيق فلننتظر التحقيق، هذا الكلام غير دقيق، لا يجوز التعرض للجيش أو أن نسجل على جيشنا أنه تخاذل يوماً، الجيش دافع ودارت معارك وسقط شهداء، لكن تحصل هفوة هنا وهناك». وطلب تسجيل اعتراض في المحضر على كلام غانم «لأن الجيش خط احمر ولا يجوز التعرض له، وهو قام بواجباته». وسأل النائب الوليد سكرية عن «غياب مشاريع تنمية الطريق والمرافئ في وقت تسعى إسرائيل إلى انتزاع هذا الدور من لبنان، فكيف نخطط للبنان المستقبل وتم تجميد الأوتستراد العربي؟». وطالب النائب إميل رحمة ب«المساواة في الإنماء، والاهتمام بالمناطق في البقاع التي أعطت إنجازاً للبنان من خلال انتصار الجيش على الإرهاب»، وقال: «عندما أجول في البقاع وعكار تتعطل السيارة وإطاراتها». ورد بري: «اقعد عاقل وخليك بالبيت». وتناول النائب محمد الحجار عدم تأمين التوازن الطائفي، وقال: «هل يعرف المواطن بانتمائه إلى الوطن أم إلى طائفته؟»، معتبراً أن «ذلك يشكل انتهاكاً للدستور والقوانين والمواطنية». وأكد رئيس كتلة «الكتائب» النائب سامي الجميل أن «عدم الاستقرار المؤسساتي والتشريعي والتلاعب بالمواعيد الدستورية مقلق، ويزيد انعدام الثقة بالبلد، وينعكس سلباً على ثقة الشركات التي ستستثمر في قطاع النفط «، متطرقاً إلى « الإنتخابات الفرعية ومخالفة الدستور بعدم إجرائها، وإلى المخالفات المتتالية للدستور ورأي إدارة المناقصات في موضوع البواخر». وقال: «يتم إقرار القوانين وبعد يومين يتم تقديم تعديلات عليها، وهذا الأمر حصل في قانون الانتخابات حيث تُطرح اليوم تعديلات عليه حول نقاط كثيرة تمت إثارتها خلال مناقشته في مجلس النواب واعترضنا عليها، من ضمنها البطاقة الممغنطة، لكن تم الإصرار عليها في الجلسة واليوم نرى ان الكثير من النواب الذين صوتوا عليها يتقدمون بتعديلات لتغييرها». وأضاف: «الأمر ذاته يحصل في موضوع الضرائب، وهذا الامر ناتج من قلة دراسة». ورد بري: «من دون قرار المجلس الدستوري ما بيمشي شيء، فلننتظر رأيه». ولفت النائب بطرس حرب ، إلى أن «عدم إجراء الانتخابات النيابية الفرعية يشكل مخالفة دستورية»، مشيراً إلى أن «المشكلة الكبرى أن الحكومة مطمئنة لأكثرية نيابية مضمونة تسكت أو تغطي كل مخالفاتها حتى لو طاولت أسس النظام وأحكامه الدستورية، فنحن لسنا من هذه الأكثرية ولن نسكت عن خرق الدستور وسيكون لنا من هذه المخالفة الكبيرة موقف». ورد بري: «حصلت المخالفة وخلصت «تخبز بالأفراح». وطالب حرب، وزير الداخلية نهاد المشنوق بأن يقف ويتحمّل مسؤوليّة إجراء الانتخابات في موعدها مع البطاقة الممغنطة ، وإلا فهذا لغم لتطييرها». وسجل حرب مخالفة على الحكومة في موضوع المناقصة في ملف استقدام بواخر الكهرباء، «عندما لم تأخذ برأي دائرة المناقصات في هذا الإطار»، معتبراً أنها «مخالفة كبيرة ستسجل سابقة تتجاوز الهيئات الرقابية». وأشار النائب وائل أبو فاعور إلى أن «الجدال في موضوع الانتخابات طبيعي نتيجة القانون الاحجية الذي اقترفناه وهذا ما جنته على نفسها مراكش». وتوجه إلى بري قائلاً: «نثق، في اللقاء الديموقراطي، بحرصك الدائم وبحكمة الرئيس سعد الحريري بالوصول إلى تفاهم ثابت بينكما لإجراء الانتخابات في موعدها، وألا يحول دون إجرائها أي اعتبار سياسي أو تقني وأن يكون الثابت الأول فيها وطنياً لضمان الحياة الديموقراطية والحفاظ على هيبة المجلس الذي لا يقبل أحد المس بها». وأثار النائب علي فياض «مشكلة الكهرباء في الجنوب التي تحتاج إلى حل»، لافتاً إلى أن «لا يجوز أن يعطى الجنوب 4 ساعات ونصف ساعة تغذية يومياً»، مطالباً «الوزارة ومؤسسة كهرباء لبنان بحلول فنية صريحة». وسأل النائب عاصم عراجي: «هل عرسال مدينة لبنانية أم لا؟ بري: «لكن شو؟». وقال: «عندما زرنا عرسال، ظهرت على وسائل التواصل عشرات التعليقات تظهرنا على أساس أننا من الإرهابيين؟».بري: «لا أحد يستطيع المزايدة على عرسال في عروبتها ووطنيتها ولا بانتمائها». ودعا عضو حزب «القوات اللبنانية» النائب أنطوان زهرا ، إلى «عدم ربط إجراء الإنتخابات بإنجاز الهوية البيومترية، لأن قانون الانتخابات لحظ إجراءات أخرى يمكن اعتمادها». كما تناول نواب المشكلات المناطقية الانمائية ومواضيع الكهرباء وأزمة السير والانتخابات والبطاقة الممغنطة وخطر عودة النفايات. الحريري : كفى مزايدات سياسية ورد الحريري على ملاحظات النواب ومطالبهم، واعلن «أننا اتخذنا القرار باعتماد البطاقة البيومترية وسننفذه وقادرون على تنفيذه». وسأل «لماذا لم يطالب أحد بإجراء الانتخابات الفرعية عندما استقال النائب روبير فاضل؟ عندها لم أسمع صوتاً معارضاً واحداً. لماذا كل هذه الضجة؟ تفضلوا احترموا القانون والدستور. نعم تخطي الانتخابات الفرعية خرق للدستور إنما لِمَ لم تقم الضجة سابقاً»؟. وقال: « نعمل على حلول مرحلية للتخفيف من الضغط في المطار وسنعمل على توسعته على أن نقر خطة في الأسبوعين المقبلين لاستيعاب 12 مليون مسافر». وقال: «صحيح أن هناك هدراً في الكهرباء ولكن كلنا مسؤولون عن هذا الهدر ولا أحد بريء وقد كلف الدولة 30 بليون دولار، فلماذا لم تنفذ الخطة التي وضعناها عام 2010». ودعا إلى «لجم المزايدات في ملف الإنماء لكسب أصوات انتخابية، ونحن لا نميز منطقة عن أخرى»، مشيراً إلى أن «إدارة المناقصات لديها صلاحية وضع ملاحظات ولكن من حق الحكومة عدم الموافقة عليها». وتحدث عن خط التوتر العالي في المنصورية، قائلاً: «رح يخلص بعد كم يوم»، ليردّ عليه النائب سامي الجميل بالسؤال: «بالملالات؟»، فقال الحريري: «شو ما كان بدنا نخلص». وأضاف الحريري: «الحكومة أخذت قراراً بالسير فيه إلى النهاية. لقد ذهبت إلى مدرسة نموذجية في طرابلس ووجدت خط الكهرباء فوق رؤوسهم وهذا الأمر موجود في كل المناطق، خلصوا منها هالقصة. ما بقى نزايد سياسياً على بعض في هذا الموضوع من أجل كسب أصوات انتخابية، تفضلوا احترموا القانون والدستور. توقفوا عن هذه الحركات. ما في ناس غير ناس». ودعا إلى إخراج ملف النفايات من الجدل السياسي، قائلاً: «إذا أردنا وضعه مادة انتخابية من أجل تحصيل أصوات انتخابية زيادة فإن الزبالة ستصبح في الشارع. نحن نعمل على خطة وسنقرها مهما كانت الكلفة ولن نسمح بعودة النفايات إلى الشارع». وعزا بري عدم الدعوة إلى انتخابات فرعية لدى استقالة روبير فاضل إلى أنه «كان هناك وقتها فراغ دستوري». وبعد ذلك، باشر المجلس البحث في جدول أعماله، فطرح بري مشروع القانون المتعلق بالأحكام الضريبية المتعلقة بالنشاطات البترولية. فطالب الرئيس فؤاد السنيورة ب «إقراره بمادة وحيدة»، وقال: «خلال الأعوام الماضية حصلت اختراقات أساسية في استخراج النفط ما خفض الاسعار». وطالب ب «توحيد الضريبة بضم ضريبة التوزيع إلى ضريبة الدخل ولتصبح بين 25 و28 في المئة». وقال وزير المال علي حسن خليل: «هناك أمور لا نستطيع أن نتجاوز فيها الاتفاقات الدولية البترولية». وطلب النائب نواف الموسوي «تبرير بعض الملاحظات حول ما يتردد عن أن الحكومة اختارت الشراكة في الأرباح وليس في الإنتاج». ورأى أن «الأتاوة والضريبة منخفضة على بلدان مشابهة». وسأل: «لماذا لم تقدم الحكومة على تأسيس شركة وطنية». غلطة... وسجال بري: «هذا القانون لن يكون وحيداً. يجب أن يتبعه صندوق سيادي، واليوم تم تقديم اقتراح في هذا الشأن وقد أرسلته قبل 15 يوماً إلى رئيس الحكومة، وثم قانون الشراكة وكذلك قانون يتعلق بالبر». وعندما أراد بري إعطاء الكلمة للسنيورة فقال الكلمة لرئيس الحكومة. الحريري: «شو تخليت عني يا دولة الرئيس؟» بري: «لأ لأ، هيدي غلطة مطبعية». الحريري ضاحكاً: «غلطة كبيرة». الموسوي: «الحمد لله رئيس الحكومة الأسبق وليس السابق». السنيورة: «هيدا الكلام لا يعني شيئاً». الموسوي: «وأنت لا تعني شيئاً». فتمنى السنيورة على بري الإيعاز بشطب هذا الكلام. ورد الموسوي: «وكلامه أيضاً». وهنا طلب بري شطب كل الكلام. وتحدث السنيورة فتمسك ب «ضرورة أن تكون الضريبة مجموعة». وقال الحريري: «نريد الحصول على أكبر نسبة من الأرباح مع تحفيز الشركات»، وتمنى «السير بالضريبة كما هي محدده في المشروع». ثم صدقت المادة كما هي. وتحفظ الموسوي عن إقرارها، ثم أضيفت مادة تلزم وزارة الطاقة ب «تقديم تقرير إلى المجلس النيابي كل 4 أشهر عن مراحل العمل والاستكشاف». وصدق القانون كاملاً. ورفع بري الجلسة إلى السادسة مساء لاستكمال مناقشة جدول الأعمال وإقراره. وكان بري التقى الحريري قبيل بدء الجلسة العامة صباحاً.