أبدى علماء مصريون اعتراضات شديدة على موقف شيخ الأزهر الدكتور محمد سيد طنطاوي من عزم فرنسا على اصدار قانون يمنع المظاهر الدينية، بما فيها الحجاب في المدارس الحكومية، وطالبوا بإقالته، فيما اعتبر آخرون أن طنطاوي يعبر عن رأيه الشخصي الذي يخالف موقف بقية علماء الأزهر. وكان طنطاوي أعلن لدى استقباله وزير الداخلية والأديان الفرنسي نيكولا ساركوزي أول من أمس في الأزهر انه "إذا كانت المرأة المسلمة في غير دولة الاسلام، مثل فرنسا، وأراد المسؤولون فيها ان يقرروا قوانين تتعارض مع مسألة الحجاب فهذا حقهم... لا استطيع أن أعارض فيه". وعلمت "الحياة" أن اعضاء في مجمع البحوث الاسلامية، وهو أعلى سلطة في الازهر، وآخرين من اساتذة جامعة الأزهر سيصدرون بياناً ل"إبراء ساحتهم" من تصرف طنطاوي. ورأى المفكر الاسلامي الاستاذ في كلية دار العلوم الدكتور عبدالصبور شاهين ل"الحياة": "كنا ننتظر أن يكون رأي شيخ الأزهر صادراً عن موقف أصولي يؤمن بأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، ولكنه بكل أسف وقف الى جانب المخلوق ضد الخالق". وأعرب عن مخاوفه من أن ينظر المسلمون في العالم الى "الاسلام المصري" على أنه "يتم في مطبخ السياسة الاميركية التي تتجاهل كل التزام عقائدي". واعتبر أن مثل هذه المواقف "تؤدي إلى سحب البساط من تحت أقدام الأزهر الذي اهتزت مرجعيته". وطالب الدولة "اذا كانت منحازة الى الاسلام ان تقيل شيخ الأزهر. اما اذا كانت منحازة لاميركا وسياستها فالله يتولى الجميع". ووصف المفكر الاسلامي الاستاذ في جامعة الأزهر الدكتور عبدالعظيم المطعني موقف طنطاوي بأنه "لا يمت إلى الإسلام بصلة"، وقال: "إن من يبيحون لفرنسا إلغاء الحجاب الواجب بالكتاب والسُنة والإجماع إنما يسهم معهم في انتصار الكفر على الاسلام سواء كان ذلك عن جهل أم علم". أما استاذ العقيدة والفلسفة في كلية أصول الدين الدكتور محمد المسّير، ففند مبررات طنطاوي. وقال: "اذا كانت الفتوى قائمة على أساس أن هذه حالة اضطرارية تعيشها المسلمة هناك فإن ذلك يعد وصمة عار في جبين فرنسا... وإلا كيف تصل امرأة تعيش في دولة ما الى مرحلة الاضطرار بمعنى أنه يصل بالانسان الى درجة التهلكة، فجاز له أن يرتكب المحرم حفاظاً على نفسه من الموت؟". وأصدر "مركز المستقبل للدراسات" الاسلامي بياناً قال فيه: "إن فتاوى طنطاوي عموماً، وموقفه من قضية الحجاب في فرنسا خصوصاً، لا يمكن أن تستقر في ضمير الناس الذين أيقنوا أن شيخ الازهر يمارس عملاً سياسياً وليس دينياً" لافتاً الى أن علماء المسلمين داخل مصر بمن فيهم علماء الازهر "خالفوا طنطاوي ولكنهم حافظوا على موقفهم من الدين والشريعة". وقال الدكتور علي جمعة مفتي مصر، عن مشروع القانون الفرنسي: "هذا تدخل سافر في عقيدة المسلمين وشعائرهم وفي نصوص عليها إجماع من فقهاء الأمة". أما الدكتور عبدالصبور مرزوق نائب رئيس المجلس الاعلى للشؤون الاسلامية وعضو مجمع البحوث فثار أمام مراسلي وسائل الإعلام قائلاً: "شيخ الأزهر برأيه هذا لا يمثل إلا نفسه وبالتالي فهو لا يعكس رأي الاسلام الذي يرى ان الحجاب فريضة في كل زمان ومكان. ولكن للأسف الشديد انتزع الوزير الفرنسي من شيخ الأزهر ما يريده ووصل الى غايته".