منح شيخ الازهر الدكتور محمد سيد طنطاوي الحكومة الفرنسية دعماً قوياً لقرار حظر ارتداء الطالبات الحجاب في المدارس الحكومية الفرنسية. إذ اعتبر أن الطالبات المسلمات في فرنسا "في حال اضطرار" يجيز لهن خلع الحجاب. ويعارض طنطاوي، في هذا الموقف، آراء علماء، منهم الشيخ يوسف القرضاوي ومفتي مصر الدكتور علي جمعة وآخرون، عارضوا القرار الفرنسي، لاعتبارهم أن الحجاب "فريضة" وليس مجرد رمز ديني. وعلى رغم أن طنطاوي أكد، خلال استقباله أمس وزير الداخلية الفرنسي المسؤول عن الأديان نيكولا ساركوزي، أن الحجاب بالنسبة الى المرأة المسلمة "فرض إلهي" وأنها اذا قصرت في أدائه "حاسبها الله على ذلك"، وقال: "إذا كانت المسلمة في دولة غير اسلامية كفرنسا وأراد المسؤولون فيها أن يقرروا قوانين تتعارض مع مسألة الحجاب فهذا حقهم... حقهم... حقهم"، معتبراً أن المسلمات "عليهن أن يلتزمن قوانين الدولة غير المسلمة، لأن المرأة في هذه الحال في حكم المضطر من الناحية الشرعية". وأضاف: "كما أنني لا اسمح لغير المسلمين أن يتدخلوا في شؤوني كمسلم، فإنني لا اسمح لنفسي التدخل في شؤون الآخرين". الوزير الفرنسي الذي بدا راضيا عن موقف طنطاوي عقب اللقاء، قال: "إن الاسلام أصبح اليوم في فرنسا من أكبر الديانات التي يؤمن بها الفرنسيون، وما من دولة أوروبية قامت بما قامت به فرنسا من ضمان حرية إقامة الشعائر الدينية ليس للمسلمين فقط وانما لكل الاديان... وقد تبلور هذا في نيسان ابريل الماضي بإنشاء مجلس أعلى لتمثيل المسلمين في فرنسا، وبالتالي يكون مسلمو فرنسا مثلهم مثل اليهود والمسيحيين بكل طوائفهم من حيث التعبير بحرية عن آرائهم الدينية وأداء شعائرهم لأنهم جميعاً أمام القانون الفرنسي سواء". وأضاف، اذا كانت للمسلمين في فرنسا حقوق فإن عليهم واجبات يجب التزامها مثل الآخرين. وشدد على أن بلاده "متمسكة بمبادئ العلمانية في كل أمور الحياة سواء كانت المدارس او غيرها، وهذه العلمانية تطبق على الجميع، وفي كل المدارس الحكومية حيث تمنع العلمانية اي علامات مميزة تعبر عن الانتماء الديني. وليس هذا نوع من المساس بعقيدة أحد وبالتالي ليس في ذلك عدم احترام للإسلام وإنما هو موقف عام وشامل لجميع اتباع الديانات، ولذلك فإن احترام قانون البلاد هو أكبر ضمان حقوق المسلمين". وأثنى ساركوزي على ما قاله شيخ الازهر من وجوب احترام حرية الاديان والثقافات وضرورة التزام المقيمين في فرنسا لقوانينها، معتبراً أن طنطاوي "يعد من دعاة الحوار السلمي بين اتباع الاديان والحضارات". في موازاة ذلك، أعلن مفتي مصر الدكتور علي جمعة في تصريحات صحافية تخوفه من أن تكون هذه الخطوة الفرنسية مقدمة لخطوات أكبر لضرب الوجود الاسلامي في فرنسا حيث يوجد اكبر عدد من المسلمين. وكان لافتاً أن شيخ الازهر اصر أن يكون حديثه امام كل وكالات الانباء العالمية حتى ينقلوا رأيه من دون أي مزايدات او مغالطات، وذلك بعدما عقد جلسة مع ساركوزي اقتصرت عليهما. ونظراً الى اختلاف اعضاء "مجمع البحوث الاسلامية" على القضية، أعلن شيخ الازهر أن المجمع في حال انعقاد دائم حتى يصدر بياناً شاملاً عن القضية، باعتباره المرجعية الاسلامية الكبرى في العالم. وكان الوزير الفرنسي التقى سابقاً نظيره المصري السيد حبيب العادلي، وبحث معه في التعاون في المجالات الامنية المختلفة، خصوصاً توسيع تبادل المعلومات والخبرات الفنية في مجال مكافحة الجريمة والارهاب بأشكالها المختلفة. ووقع الوزيران خلال اللقاء، مذكرة تفاهم للتعاون في مجال الحماية المدنية.