بدأ قاضي المحكمة الوطنية بالتاسار غارثون امس باستجواب الصحافي في قناة "الجزيرة" تيسير علوني بحضور أحد محاميه. وقرر تمديد توقيفه 72 ساعة اخرى وهي المدة القصوى للتوقيف الاحترازي كي تتمكن الشرطة من تقديم أدلة جديدة وتحليل الوثائق التي عثر عليها بحوزة علوني. وبدا الصحافي الاسباني من أصل سوري مرهقاً قبل بدء الاستنطاق، لكن أجواء التحقيق وفرت له بعض الراحة النفسية اللازمة للادلاء بأقواله من دون تردد. وأقر بأنه كان يرسل مساعدات انسانية ضئيلة الى أشخاص يحتاجون اليها ربما كانوا ينتمون ل"القاعدة"، وانه كان يحصل على هذه المساعدات من عماد الدين بركات "أبو دحدح" المعتقل في اسبانيا منذ حوالى سنتين، وبرر ذلك بأنه كان من باب "التضامن بين أفراد الجالية السورية". وقال ان هذه التحويلات حصلت أربع أو ست مرات بقيمة 1500 دولار. ونفى ان يكون منتمياً لتنظيم "القاعدة" أو ان تكون له أي علاقة مباشرة معه، واشار الى ان مقابلته مع زعيم هذا التنظيم اسامة بن لادن كانت عملاً صحافياً بحتاً. ويبدو ان الاتهامات الموجهة لعلوني لا تتعدى كونها ظنوناً من جانب اجهزة الأمن الاسبانية، وان الاعتقال حصل بناء على تقارير قدمتها هذه الاجهزة فلم يأخذ بها المدعي العام بشكل كامل، بل طلب من القاضي غارثون تمديد مهلة التوقيف لاعطاء الشرطة فرصة ثانية من أجل تثبيت تقاريرها بأدلة اكثر جدية. ومن المنتظر ان تتسلم المحكمة تقارير اخرى من دول عربية واجنبية عدة بينها المانيا والولايات المتحدة واندونيسيا وغيرها. وقال المدعي العام في قراره الاتهامي ان تيسير علوني لم يقترف أي جرم بإجرائه مقابلة صحافية مع اسامة بن لادن، ولا يوجد في ملف التوقيف أي معطيات كافية تثبت انتماءه لتنظيم "القاعدة" وانما هناك أدلة على علاقته بأشخاص لم تثبت حتى الآن عليهم تهمة الانتماء لهذا التنظيم، وبالتالي فإنهم لم يحاكموا بعد. وانتهت الجلسة الأولى من التحقيقات بالمزاح بين علوني و"حضرة القاضي غارثون"، فقال الأول: "نظراً إلى انني بحكم عملي أجري مقابلات مع شخصيات مهمة، فبعد خروجي سأعود إليك لاجراء مقابلة صحافية معك". ويدافع عن تيسير علوني فريق من المحامين حضر منهم إلى المحكمة ثلاثة، لكن القاضي سمح بدخول واحد فقط، اختاره الموقوف نفسه. واستمرت ردود الفعل على توقيف علوني، إذ استنكر "اتحاد جمعايت الصحافيين في اسبانيا" اعتقال الصحافي الاسباني السوري ووضع بتصرفه أحد كبار المحامين. وأكد الأمين العام للاتحاد خوسيه ماريا توري ثيرفيغون ان "حرية التعبير والمصادر التي يلجأ إليها صحافي خلال عمله والحقوق المدنية تتعرض للخطر إذا لم ندافع عنها". كما تسلم رئيس الوزراء خوسيه ماريا اثنار رسالة من جميع العاملين في قناة "الجزيرة" يطلبون فيها اطلاق سراح زميلهم علوني في أقرب وقت ممكن. إلى ذلك، تجري اتصالات ديبلوماسية على مستوى عالٍ بشأن علوني بين قطرواسبانيا التي أقر مجلس وزرائها قبل عشرة أيام إعادة فتح سفارتها في الدوحة. ونشرت جريدة "سري" الالكترونية الاسبانية ان القاضي غارثون هدم طموحات الاستخبارات الاسبانية التي كانت تلاحق علوني لتجنيده في خدمتها. وقالت الجريدة إن الاستخبارات "كانت وراء دعوته لإلقاء محاضرة في الجامعة الصيفية بالقرب من مدريد، وكانت من شجعه على العودة إلى اسبانيا والإقامة على أرضها بغية التوصل إلى اتفاق للعمل معه". وفي رسالة مفتوحة الى قاضي الارهاب الاسباني بالتسار غارثون، قالت "اللجنة العربية لحقوق الانسان" مقرها باريس، انه اذا كان مراسل قناة "الجزيرة" المعتقل في اسبانيا ارهابياً "فكلنا ارهابيون". وناشدت اللجنة، في رسالة حملت توقيع الناطق باسمها هيثم المناع، غارثون الذي شاع اسمه عندما خاض "معركة نبيلة ضد أحد أشرس رموز الديكتاتورية في اميركا اللاتينة، اوغوستو بينوشيه" ان يكون "كبيراً ويبقى ذلك القاضي الذي يأبى ان تجبره العقلية الأمنية على الخروج من التاريخ من بابه الصغير".