تتنافس القنوات الفضائية على اجتذاب اكبر شريحة ممكنة ومتنوعة من فئات المجتمع، التي تعد المرأة من اهمها، الأمر الذي دفع بالمحطات المختلفة الى طرح عدد من البرامج التي تعنى بشؤونها الخاصة، والعامة. وكثفت الضوء على مظهرها الخارجي، إضافة الى تطلعاتها الفكرية، والاجتماعية، والطبية، والأسرية التي، بطبيعة الحال، تأخذ الحيز الاوسع. إلا ان السؤال الذي يفرض نفسه وسط كل هذا الزخم الاعلامي الهائل هو: هل استطاعت الفضائىات، ببرامجها التي تحاور عقل المرأة المعاصرة وبمواضيعها الجريئة احياناً، الغوص في المشكلات التي تعانيها النساء العربيات عموماً؟ وهل اصبحت برامج المرأة ضمن الخريطة الاساسية والمحورية لكل قناة تسعى الى التحسين ام انها تبقى طرحاً شكلياً وسطحياً؟ تقول حصّة عبدالرحمن العون، كاتبة وسيدة أعمال سعودية: "نعم استطاعت هذه البرامج اصابة الهدف ايجاباً او سلباً، بمعنى ان للبرامج التي تبثها الفضائىات مردوداً ما على النساء اللواتي يتابعنها ويتواصلن معها كل بحسب ميوله واهتماماته. فكثرة هن اللواتي يتابعن الموضة والصحة، كجزء من ميولهن وفطرتهن، على حساب الثقافة الدينية والأسرية". وتشير العون الى بعض البرامج النسائية التي تهتم بالقضايا الوطنية، وتستضيف النساء الرائدات في مختلف المجالات وتعتبرها ذات مردود ايجابي، إضافة الى تلك البرامج التي تعنى بالقضايا الفقهية. في المقابل، تقول العون: "القنوات برامج للتسلية فقط من دون المساس بأي نقطة جوهرية إلا سياسة الجذب المتعمد وهذه النوعية مسيطرة وتتماشى مع مقولة "الجمهور عايز كده". وعمّا اذا كانت المرأة بعناوينها المختلفة تجذب المتابعين من الجنس الآخر، تقول: "بالفعل اجد ان برامج المرأة تستهوي عدداً لا بأس به من الرجال ولأسباب عدة منها: الفضول والاهتمام بقضايا الجنس الآخر، خصوصاً في البرامج الجادة وفي بعض الاحيان يلعب الفراغ والضجر لعبته في جعل الرجل يتابع بعضاً من هذه الاطروحات قهراً عندما لا يجد موضوعاً افضل من المرأة للمتابعة". من جهتها، تقول أميمة سند، صحافية ومذيعة سابقة: "الثقافة الذكورية سائدة في العالم العربي، وبالتالي الاعلام الذكوري هو المهيمن على برامج الفضائيات العربية. من هنا، فإن معظم المواد التي تقدم على الشاشات يجتذب النساء عموماً". وتشدد سند على ضرورة البرامج النسائية الاجتماعية والمعرفية المفيدة. وتجد ان مشاهديها "هم من الرجال اكثر من النساء انفسهن، وهذا ليس بغريب في مجتمعاتنا التي يتبنى فيها الرجال قضايا المرأة". وترجع سند الامر الى سببين: "الاول ان هذه البرامج تشغل مساحة محدودة جداً من الزمن المعطى لبرامج اخرى. والسبب الثاني ان هذه البرامج على قلتها ما زالت تناقش قضايا المرأة بحياء، يجعلنا مجرد نبش على السطح، وليس غوصاً في العمق بموضوعية، بعيداً من الاثارة المفتعلة". وتشير الاكاديمية في كلية التربية للبنات والصحافية حليمة مظفر الى ان "هناك مواد كثيرة موجهة للمرأة تنقل اليها الموضة والاستشارات الطبية والاحلام المخملية، الا ان الهدف الاول والأخير للقنوات التلفزيونية هو استقطاب أكبر عدد من المشاهدين، وبما ان المرأة هي اكثر من يجلس في البيت، وتصاحب التلفزيون، اهتموا بحاجاتها، ولبّوا تلك الحاجات من طريق صناعة اعلامية غربية في طبق عربي. وتوضح مظفر بعين ناقدة ان البرامج التي تشاهدها "غير واضحة الملامح، إذ ان العولمة فرضت علينا اتجاهاتها لتشعرنا بأننا في قرية صغيرة لم نستعد بعد لتحمل اوزارها في شكل صحيح". اما كامل عبدالفتاح رئيس قسم الإعداد في شبكة "راديو وتلفزيون العرب"، فيرى ان "مشكلة البرامج النسائية مهنية تتمثل في عدم اهلية من يشرفون على إعدادها وتقديمها، والخلل في معظم المعدين المقدمين يأتي من نقص الثقافة العامة وغياب مفهوم المحاورة البنّاءة". وتؤكد لمى محمد الاخصائية الاجتماعية، ان "اللائمة لا تقع كاملة على ما تقدمه الفضائيات، بل ان للمرأة دوراً مهماً في إبراز نوعية "وجبتها" الاعلامية المفضلة". وتخلص محمد الى انه "للخروج من دائرة البرامج السائدة، على النساء انفسهن فرض سياسات جديدة لتغيير واقع مؤلم عقيم وايجاد محاور اساسية يتفهمها العالم ليطرح بالتالي نوعيات تهتم بسيدة الاعمال، الطبيبة، الديبلوماسية، وغيرها من المناصب التي اثبتت المرأة جدارة في اعتلائها".