أعلن الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة، مساء السبت، تشكيل لجنة لدراسة ملف المفقودين في الجزائر، في ضوء تحقيقات جديدة تهدف إلى طي الملف نهائياً. وجاءت الخطوة متزامنة مع تصاعد الصراع في شأن الاستحقاقات الرئاسية المقررة مطلع 2004. وأوضح الرئيس الجزائري أن تشكيل هذه اللجنة "يندرج ضمن مسار واسع للمصالحة الوطنية ويترجم اصرار الدولة على الاضطلاع بمسؤوليتها من حيث حماية أمن الاشخاص والممتلكات"، مشيراً إلى أن هذه اللجنة "لا يمكن اعتبارها لجنة تحقيق تحل محل السلطات الإدارية والقضائية المعنية، بل هي مركز تسيير وسيط بين السلطات العمومية والأسر المعنية". وحضر حفلة تنصيب اللجنة في إقامة الميثاف في العاصمة، رئيسا مجلس الأمة عبدالقادر بن صالح ومجلس الشعب كريم يونس وأحمد أويحيى رئيس الحكومة ومحمد بجاوي رئيس المجلس الدستوري وعدد من الوزراء وكبار مسؤولين سامين واساتذة وحقوقيون. وأكد الرئيس الجزائري أن الشعب الجزائري "برهن على تمسكه بالسلم المدني وبالمصالحة الوطنية"، مشيراً إلى أن قانون الوئام المدني "أسهم في تحسين الوضع الأمني واستعادة السلم المدني". ملاحظاً أنه "لا يمكن فصل ملف المفقودين عن ظاهرة الإرهاب الغريبة عن المجتمع الجزائري وثقافته"، ومؤكداً في سياق كلمته أن مسألة المفقودين تشكل "عنصراً مهماً في عناصر اشكالية حقوق الانسان". وتابع: "ان مهمة هذه اللجنة موقتة"، وان الحكومة "تتولى من جانبها صوغ خطة وطنية لترقية حقوق الانسان". وتوقع رئيس اللجنة الاستشارية لحقوق الإنسان محمد فاروق قسنطيني أن تنهي اللجنة أعمالها في غضون ثلاثة شهور، أي قبل الاستحقاقات الرئاسية. وفي حين تقول الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان أن عدد المفقودين، خلال السنوات الأولى للعنف، يتجاوز 10 آلاف، أكد قسنطيني ل"الحياة" أن العدد يبلغ نحو 4500. وتحسب الأوساط السياسية ورقة "المفقودين" على قيادة الجيش الجزائري على اعتبار أنه تولى إدارة المواجهة ضد الجماعات الإسلامية المسلحة، غير أن الرئيس الجزائري دافع مراراً عن المؤسسة العسكرية في الملف. وأكد أنه من مخلفات "الهجمة الإرهابية المقيتة على الشعب الجزائري". على صعيد آخر، تحتجب اليوم أكثر من عشر صحف مستقلة عن الصدور، احتجاجاً على المضايقات التي تتعرض لها من أوساط قريبة من السلطة منذ نشر ملفات فساد تضمنت بعض الوجوه من محيط بوتفليقة وبعض أفراد عائلته. وكانت قاعات تحرير غالبية الصحف التي تحتجب اليوم فارغة. وتجمع الصحافيون أمام مدخل "دار الصحافة" التي تضم أبرز الصحف الجزائرية. في السياق ذاته، تلقت يومية "لوسوار دالجيري" أمس أربعة استدعاءات من الشرطة في شأن مقالات كانت صدرت في الصحيفة قبل شهور وتتعلق بقريبين من الرئيس الجزائري. وأكد بدرالدين منعة، رئيس تحرير الصحيفة، أن الاستدعاءات وجهت إلى مدير الصحيفة فؤاد بوغانم وثلاثة صحافيين "لكننا لن نتوجه إلى مركز الشرطة إلا إذا قرروا مجدداً اعتقالنا، لأن أجوبتنا سنقدمها فقط للعدالة وحدها". إلى ذلك، غادر بوتفليقة أمس إلى نيويورك لحضور أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، ولقاء عدد من رؤساء الدول. وعلم من مصدر في الرئاسة أن بوتفليقة سيزور خلال تشرين الأول اكتوبر طهران، في أول زيارة رسمية لرئيس جزائري منذ اندلاع الثورة الإيرانية العام 1979. ويتوقع أن يختم الرئيس جولته بزيارة ماليزيا للمشاركة في مؤتمر منظمة العالم الإسلامي.