تهدد أجواء التوتر بين الاعراق والقوميات في كركوك شمال بالانفجار في أي لحظة، غير ان المسؤولين العرب والاكراد والتركمان بدوا متفقين على مسايرة الاميركيين والعمل من أجل تهدئة الاوضاع. ويلخص اللفتانت كولونيل راندي جورج مساعد قائد قوات التحالف في كركوك 225 كلم شمال شرقي بغداد الوضع بقوله: "الوضع ليس متوتراً، لكن هناك مناطق توتر. ثمة اناس يأتون لافتعال المشاكل والوضع قد ينفجر في أي لحظة". ومع عودة الاكراد الذين طردهم صدام حسين من المنطقة بأعداد كبيرة، بدأ تبادل الاتهامات والتوتر بين الاكراد والعرب لخلاف على هوية المدينة وعلى ملكية الاراضي ناجم عن سياسة تعريب هذه المنطقة الكردية التي انتهجها النظام السابق. ويؤكد العرب انهم يشكلون غالبية سكان المنطقة ويقبلون مرغمين تغيير التركيبة العرقية بسبب عودة الاكراد ويتهمونهم بالاستيلاء على السلطة. وفي المقابل يؤكد الأكراد انهم يشكلون الغالبية. ويقول عربي من كركوك، طلب عدم الكشف عن هويته: "في المجلس البلدي 11 عضواً كردياً مقابل 6 أعضاء عرب. مدير شركة نفط الشمال كردي محافظ المدينة كردي واعلام اقليم كردستان منتشرة في ارجاء المدينة". واختل الهدوء الهش بين الاكراد الذين لم ينسوا سيطرة العثمانيين وبين الاقلية التركمانية التي تساندها انقرة في نهاية آب اغسطس بعد الاعتداء بالقذائف على مقام علي في طوزخرماتو 60 كلم جنوبكركوك وهو مقام يجله التركمان الشيعة، مما ادى الى اشتباكات حصدت 13 قتيلاً. ويقول يعقوب صادق من الحزب الاسلامي التركماني: "نشعر بأن كل طرف في المدينة يعتبر أن على الطرف الآخر الرحيل عنها عاجلاً أو آجلاً". واضيف الى النزاعات القديمة وصول ممثل للزعيم الشيعي الشاب مقتدى الصدر الذي يعتزم تشكيل "قوة حماية" مع العرب والتركمان السنة والشيعة لمواجهة "استفزاز الاكراد". ووصل عبدالفتاح الموسوي الى كركوك مطلع آيار مايو آتياً من النجف، مطالباً السلطات الاميركية بنزع اعلام اقليم كردستان وطرد الاكراد من الشرطة. يذكر أن عشرات الأكراد قاموا مرتين خلال عشرة ايام برشق قوات اميركية وعناصر من الشرطة العراقية في كركوك بالحجارة لمنعها من نزع علم اقليم كردستان من الشوارع. وانحصر نشاط الموسوي حتى الآن بالقاء خطب عنيفة وتدشين لوحتين مقابل مقر الحزب الوطني الكردستاني لمحمد باقر الصدر ومحمد صادق الصدر على التوالي عم مقتدى ووالده، وهما مرجعان شيعيان اغتيلا بيد النظام السابق، مما يشكل وفق مصدر من الحزب الوطني الكردستاني "استفزازا وتصعيدا للموقف". واتهم الموسوي الخميس "الاحزاب الكردية بأنها تعتبر كركوك مدينة كردية"، مؤكداً "ان كركوك عراقية وللجميع حصة فيها". ولكن ممثلي المجموعات العرقية الثلاث يلعبون علناً ورقة التهدئة ويعزون ما يجري الى "اعمال فردية" او اعمال تقوم بها "جهات اجنبية". ويقول رئيس بلدية المدينة اسماعيل حديدي: "لا يمكننا ان نقبل بأن يستعيد الأكراد أرضهم بالقوة. لكن اذا كان هذا حقهم فإاننا سنعيدها لهم. العرب في كركوك يشعرون بأن الاكراد الذين تم طردهم وعادوا يشكلون تهديداً لهم على رغم ان عودتهم مشروعة". من ناحيته، كان نائب رئيس البلدية التركماني في كركوك عرفان جمال اعتبر ان المواجهات الدامية في طوزخرماتو حوادث منفصلة وشدد على ان "الروح الاخوية" تسود المدينة. ويسعى الأكراد ايضاً الى التهدئة على رغم انهم يشتكون من فشلهم في استعادة اراضيهم ومن ضعف تمثيلهم في الادارات. ويقول جلال جوهر مسؤول الحزب الوطني الديموقراطي: "زرع النظام القديم العنصرية"، ويصف المواجهات مع التركمان بأنها "نزاعات جيران"، ويرد حالياً على استفزازات الموسوي بعبارة وحيدة "نحن لا نكره الشيعة". وكان متظاهرون جابوا في 7 ايلول سبتمبر الجاري شوارع كركوك وهم يحملون يافطات تطالب باجراء انتخابات جديدة لاستبدال محافظ المدينة الكردي عبدالرحمن زنكنة، و"منها سنطالب باقصاء المحافظ. كركوك لجميع العراقيين وليست للكرد".