يقدم "معهد العالم العربي" في باريس، في اطار الاحتفاء ب"سنة الجزائر في فرنسا"، نماذج من المسرح والرقص المعاصر، اضافة الى قراءات ممسرحة لنصوص بعض الكتاب. وتمثّل الأعمال المقدمة تحت عنوان "مقاومة"، عينة من النتاج الفني الذي عرفه المسرح الجزائري المعاصر في السنوات الاخيرة. وقال المخرج المسرحي عياد زياني شريف الذي اشرف على برمجة التظاهرة، انها "تحية للرجال والنساء الذين اسهموا بإبداعهم في بناء جزائر القرن العشرين... وهم على رغم اكتشافهم المسرح تحت الاحتلال، اخضغوا لغته وخطابه لحاجتهم وواصلوا المقاومة". وقد انطلقت التظاهرة يوم الخميس الماضي، بعرض راقص عنوانه "باريسالجزائر" وضعته الشابة ناصرة بلعزة ليكون عملها الثالث. واختارت ناصرة راقصيها من أحياء الجزائر الشعبية التي عايشتها من خلال محترفاتها وتقديمها لعرضين على خشبة المسرح الوطني الجزائري بعد ان كانت تعيش في باريس. ويتمحور العرض حول اربعة راقصين توزعوا الخشبة ودخلوا الى أجسادهم ليخرجوا منها مصحوبين بأصوات المكان الصاخب، متسائلين عن علاقة الراقص بجسده، تلك العلاقة التي تختلف بين ضفتي المتوسط، بين الجزائروباريس. ولفت الكوريغراف التي وضعت عملها بين المدينتين، عملها بالقول: "تبدو الجزائر وكانها لا تشكل جزءاً من العالم... الابداع هناك معناه اعادة اكتشاف المغزى العميق للصرخة". هذه الصرخة يعبر عنها عرض راقص آخر يرتبط بواقع الجزائر اليوم بعد الزلزال الذي ضربها وخلف الآلاف من دون مأوى و"البدون مأوى" هو تحديداً العنوان الذي اختاره الكوريغراف سليمان حابس الذي بدأ راقص باليه كلاسيكي قبل ان يلتحق بركب الرقص المعاصر. في عمله الجديد تأثر حابس برواية "شحاذون ونبلاء" للكاتب المصري باللغة الفرنسية ألبير قصيري لكنه أوضح ان العمل ليس اقتباساً للرواية، وانما "نابع عن المشاعر التي ولدتها القراءة لناحية الاحساس بأن الفقر ليس حالة مادية انما امتحان للنفس وسؤال يطرح على الانسانية". وقال عياد زياني شريف مسؤول البرمجة عن موسم العروض الجزائرية: "ان المسرح الجزائري والعروض المسرحية كانت مهددة بالأمحاء نتيجة الاوضاع السياسية والاقتصادية التي عاشتها البلاد اضافة الى مشاكل البيروقراطية". وأضاف: "المسرح الجزائري عاش التراجيديا اكثر مما جسّدها". ومن بين المسرحيات التي ستعرض خلال الموسم، عمل مأخوذ عن قصة للكاتب الطاهر وطار نشرت لأول مرة في بغداد العام 1974 قبل ان يعاد نشرها في الجزائر العام 1980. وتخوض المسرحية التي تحمل عنوان "الشهداء يعودون هذا الاسبوع" اخراج زياني شريف في عالم فانتازي لا يبتعد عن واقع المقاومة وتبدأ باعلان عودة الشهداء من حرب التحرير الوطنية. وكانت هذه المسرحية فازت بجائزة الدورة التاسعة من مهرجان المسرح التجريبي في القاهرة.