«صراخ الجسد» عرض كوريغرافي للرقص التعبيري ، قُدّم أخيراً في الدار البيضاء، ودعت من خلاله لمياء صفي الدين إلى اكتشاف أسلوب التعبير الإيمائي المتميز لرجال ونساء ينتمون الى آفاق وثقافات مختلفة، من أفريقيا والشرق والغرب، يلتقون في فضاء رمزي حضَري ومعاصر، هو المدينة - الأم التي تستقبل في رحابها المهاجرين من أنحاء شتى وتتيح لهم فرص اكتشاف مشترَكات تجمعهم، وفي مقدمها إنسانيتهم وروعتها. فعلى وقع أغنيات ميكائيل أسكيل وأحمد دياب وتوفيق فروخ وأنجليك يوناتوس وجانيس جوبلين وأم كلثوم وناغويا ماريمباس وستيف ريش وعمر فاروق تكبيلك وتوكسيديمون، تناوب هؤلاء الأفراد فوق خشبة المسرح، تارة أفراداً ومرات ثنائياً أو ثلاثياً أو رباعياً، نراهم يتلاقون، يحتكون، يتصادمون أو يتفادى بعضهم بعضاً، حتى يصلوا في النهاية الى تنسيق حركاتهم ورقصهم ويبلغوا الانسجام الكلي بفضل اللغة المشتركة التي تجمعهم، لغة الرقص العالمية. «صراخ الجسد» عرض إبداعي جريء ونشيد فرح يمجد الحياة والغنى الناتج عن التنوّع والاختلاف والخصوصيات الفردية، من تصميم الراقصة اللبنانية لمياء صفي الدين المتخصصة في الرقص التعبيري والحركية الإبداعية، والتي عرفت كيف تبرز الرقص العربي المعاصر وتعطيه مكانته العالية، وحررت ما هو جامد، رابحة بذلك الرهان الصعب في التوفيق ما بين ماضيه وحاضره، لتجعل منه رقصاً عربياً موطنه العالم بأسره. ولأن «الصرخة - الجسد» تبرز «عودة الأنسنة إلى المدينة»، فإن هذا العرض يلتقي مع أحد أهم اهتمامات «النجدة الشعبية الفرنسية» الذي يناضل من اجل «التضامن الفعال». والعروض التي اقيمت في معهد العالم العربي بباريس وفي مدن روبيه ومرسيليا وبيروت وفرايبورغ والدارالبيضاء، سيعود ريعها لمشاريع «النجدة الشعبية الفرنسية»، من أجل منح الشباب فرصة التمتع ببعض المشاريع الثقافية، ومحاربة الفقر وعدم استقرار الطبقات الأكثر حرماناً وانعزالها. صممت لمياء صفي الدين وأخرجت العديد من الاستعراضات في صالات مرموقة ك «زينيت» في باريس، «لو كافي دو لا دانس»، «يونسكو»، «نيو مورنينغ»، «لو شابادا»، مسرح «إدوارد السابع»، مسرح «بول ايلويار»، «مسرح المدينة» و»مسرح مونو» في بيروت... قدمت بعض العروض المسرحية بالاشتراك مع مشاهير الفنانين مثل آلان باشونغ، فانيسا ريديغريف، مارسيل خليفة، عابد عازرية، صافي بوتيللا، سعاد ماسي. ولا بد من الإشارة إلى براعة الفنانين المشاركين في هذا العرض، ومنهم ببوي طونيو راقص «البريك» البارع وبطل المباراة السنوية في «البريك» في فرنسا عام 2013، والراقص المعاصر أوتكو بال الراقص الفردي في الفرقة العالمية «جون باليه يوروبيان» التي أسستها نيكول شيرباز. أما فاني كولم التي درست الجاز المعاصر والكلاسيكي في معهد «كوريا» فهي ترقص مع «كولليكتيف زون ليبر» وأكاديمية الموسيقى في باريس وفرقتي «فاسيسي» و»أزيو» ومع عازف الترومبيت إبراهيم معلوف، كما ترقص منذ 2005 مع فرقة لمياء صفي الدين.