قبل 48 ساعة على الذكرى العاشرة لتوقيع اتفاق اوسلو، اتخذت الحكومة الامنية الاسرائيلية قراراً "مبدئياً" بطرد الرئيس ياسر عرفات، على ان يتم تنفيذه في "الوقت المناسب". ويأتي إرجاء التنفيذ استجابة لضغوط اميركية وصفت ب"الجدية" منحت تل ابيب من جهة اخرى ضوءاً اخضر "لتفعل ما تشاء" ضد "حركة المقاومة الاسلامية" حماس. من جانبها، ردت السلطة الفلسطينية بان اسرائيل ستدفع "ثمناً باهظاً" في حال إبعاد الرئيس، فيما وصف كل من الرئيس حسني مبارك والرئيس جاك شيراك الإبعاد بأنه "خطأ جسيم". راجع ص 4 و5 وعلى خط مواز، شهدت الساحة الفلسطينية امس تطوراً لافتاً وغير مسبوق، اذ اعلنت القيادة تشكيل مجلس امن قومي يوحد كل اجهزة الامن والشرطة والاستخبارات ويضم الرئيس ياسر عرفات ورئيس وزرائه، اضافة الى عدد من الوزراء والقادة الامنيين. واللافت ان القرار لا يتحدث عن توحيد الاجهزة برئاسة عرفات، بل يشير الى ان المجلس يضم الرئيس الفلسطيني، وهي خطوة تشكل نصف استجابة للمطالب الاميركية التي تدعو الى توحيد الاجهزة الامنية تحت سلطة رئيس الوزراء. ويتزامن هذا التطور مع استمرار المشاورات التي بدأها رئيس الحكومة المكلف احمد قريع ابو علاء لتشكيل "حكومة موسعة" قال انه سيعرضها على المجلس التشريعي الاحد المقبل، متراجعاً بذلك عن اقتراح بتشكيل "حكومة طوارئ مقلصة". في غضون ذلك، وافق الاتحاد الاوروبي امس على ادراج الجناح السياسي ل"حماس" على قائمته ل"المنظمات الارهابية"، لكن القرار لم يشمل الجمعيات الخيرية المرتبطة بالحركة بسبب الخدمات الاجتماعية التي توفرها للفلسطينيين. ويلزم القرار الدول الاعضاء في الاتحاد بتجميد ارصدة الحركة ويفتح المجال امام محاكمة اعضائها بتهم تتعلق بالارهاب. لكن مصادر ديبلوماسية كشفت انه بسبب تحفظات فرنسية، اشار قرار الاتحاد فقط الى حركة "حماس" من دون ان يشير الى زعماء وجمعيات خيرية تمول الحركة الاسلامية، على خلاف الاجراءات الاميركية الاخيرة ضد الحركة. وتخيم اجواء من الترقب في الاراضي الفلسطينية لجهة القرارات التي سيتخذها المجلس الامني الاسرائيلي المصغر برئاسة شارون خلال اجتماعه. وافادت القناة الثانية في التلفزيون الاسرائيلي ان ضغوطاً اميركية "جدية" مورست على صناع القرار في تل ابيب لصرف النظر عن طرد عرفات. ولفت مراسلها الى ان وزير الدفاع شاؤول موفاز الذي قاد جوقة الداعين الى ابعاد الرئيس، تحدث بلهجة مغايرة خلال الجلسة ودعا الى أخذ الموقف الاميركي في الاعتبار. وكانت صحيفة "يديعوت احرونوت" نقلت عن موفاز قوله لشارون في وقت سابق ان "الابعاد هو الحد الادنى الذي يفترض بالقيادة السياسية ان تصادق عليه، ويجب عدم استبعاد امكان السير نحو خطوة بعيدة الاثر اساسها التصفية الجسدية... وهذا سيضمن واقعا جديدا في المنطقة". وزاد المراسل ان الاجتماع سيتمخض عن "قرار ملتو" يمهد مبدئيا لترحيل الرئيس الفلسطيني ويراد منه توجيه انذار نهائي لرئيس الحكومة الفلسطينية وعرفات نفسه بوجوب التحرك فورا ضد التنظيمات المسلحة، و"الا يتم ابعاد عرفات"، اي ان تستعمل اسرائيل التهديد بالابعاد كرافعة لتحقيق مكسب سياسي. واضاف ان واشنطن منحت تل ابيب الضوء الاخضر ل"تفعل ما تشاء" ضد "حماس"، متوقعا ان تقر الحكومة المصغرة توسيع نطاق العمليات العسكرية في قطاع غزة والضفة الغربية.