قبل 48 ساعة من موعد اجراء الانتخابات النيابية الفرعية في دائرة عاليه - بعبدا، لم يبق في ميدان المعركة الفعلية سوى هنري بيار حلو وحكمت ديب مرشح التيار الوطني الحر العماد ميشال عون بينما يستمر المرشحان عماد الحاج ومنير بجاني في خوضها من باب تسجيل الموقف، وربما عدد أصوات يتيح لهما العودة الى تجربة حظهما في الانتخابات العامة في ربيع 2005. وبدت حماسة المعنيين من مرشحين ونواب وأحزاب وتيارات سياسية وجمعيات وناخبين لافتة امس بعد جو من البرودة واللامبالاة، ما يعني ان درجة الاقبال على صناديق الاقتراع سترتفع تدريجاً، خصوصاً في المناطق ذات الغالبية الدرزية وفي بلدات ساحل بعبدا وقراه كفرشيما، الحدث، فرن الشباك، التحويطة، عين الرمانة الشياح، الحازمية التي يسجل فيها حضور ملحوظ للمرشح ديب، بينما باشر "حزب الله" وحركة "أمل" والنائب باسم السبع برفع وتيرة الاستعداد لدى ناخبيهم لحثهم على الاقتراع بكثافة لمصلحة حلو. وتوزعت في اليومين الاخيرين المهرجانات والتجمعات الانتخابية على معظم مناطق الضاحية الجنوبية، وأقيم لقاء خطابي في برج البراجنة تحدث فيه السبع، معتبراً ان انتخاب حلو هو انتخاب لرئىس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط وتيار الاعتدال في الجبل حفاظاً على المصالحة والتعايش واستعجالاً لاستكمال عودة المهجرين الى قراهم. وفي خط مواز باشرت الماكينة الانتخابية ل"حزب الله" بفتح مكاتب لها في احياء الضاحية، التي تغيب عنها المنافسة وتكاد تكون السيطرة فيها لحلو من دون اسقاط قدرة ديب على تسجيل خرق محدود. في وقت تحرص القوى الداعمة لمنافس المرشح العوني على ان تأتي نسبة الانتخاب مرتفعة وألا تكون رمزية لا سيما وان عدد المقترعين في الانتخابات السابقة بلغ نحو 17 ألف مقترع. وكان محازبو الحزب التقدمي الاشتراكي بدأوا جولات على القرى يوزعون على سكانها نسخاً عن المؤتمر الصحافي الاخير لجنبلاط في محاولة لاعلان حال الاستنفار القصوى ولقطع الطريق على جو اللامبالاة الذي كان يعم معظم البلدات في الاسبوع الماضي، خصوصاً ان غياب المنافسة الدرزية - الدرزية يفسح في المجال امام محازبي التقدمي ومؤيدي الوزير طلال ارسلان للتنسيق والتعاون باعتبارهما في موقع المؤيد لحلو. اما بالنسبة الى ديب، فإن ختام نشاطه الانتخابي سيكون من خلال المهرجان الذي سيقام عصر غد في الاشرفية لمناسبة الذكرى الواحدة والعشرين لاغتيال الرئىس المنتخب الشيخ بشير الجميل، ووجهت ارملة الاخير السيدة صولانج باسمها وبالنيابة عن ولديها يمنى ونديم نداء تذكر فيه المناصرين بأن ذكرى استشهاده هي مناسبة وطنية حقيقية لا حزبية ولا فئوية وترجو المساهمة في اعطاء هذه الذكرى حقها الوطني وحمل الاعلام اللبنانية دون سواها. وسيتحول المهرجان الذي سيتحدث فيه نديم بشير الجميل قبل ساعات من بدء الاقتراع تلقائياً الى حشد لدعم ديب الذي يراهن على تسجيل رقم انتخابي لا يستهان به، تحديداً بين المسيحيين، وعلى تحقيق اختراق في المناطق الاسلامية يفوق كل التقديرات مستفيداً من النقمة على السلطة وعلى رغم انها اعلنت بلسان وزير الداخلية الياس المر الوقوف على الحياد، ومن سوء الاوضاع الاجتماعية. وبالنسبة الى حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع فإنه قرر امس الخروج عن صمته لكنه ترك الحرية لناخبيه في الاقتراع. وهذا ما ابرزه البيان الذي صدر عن تيار القوات ودعا الى المشاركة حرصاً على العملية الديموقراطية وحق المواطنين في التعبير عن رأيهم. وأشار تيار القوات الى انه سعى جاهداً لوحدة المعارضة في مواجهة الاستحقاق الانتخابي، لكن هذه المساعي لم تتوج بالنجاح. واعتبرت مصادر سياسية انه لم يكن امام تيار القوات سوى ترك الحرية لمحازبيه لتفادي الارباك بسبب عدم قدرته على الزامهم بمرشح معين. اما على صعيد التحضيرات الجارية للانتخابات على المستوى الرسمي، فكان لافتاً ان الاقبال من الناخبين للحصول على البطاقة الانتخابية لم يسجل رقماً عالياً، وعلمت "الحياة" ان مشغل وزارة الداخلية انجز قبل يومين، وبحسب قول الوزير الياس المر لعدد من الوزراء على هامش جلسة مجلس الوزراء اول من امس، نحو خمسة آلاف وستمئة بطاقة وان اصحابها بغالبيتهم من المسيحيين باستثناء ستمئة بطاقة للمسلمين دروز، شيعة، سنّة. وان المكتب الانتخابي لديب تسلم اكثر من ثلاثة آلاف وخمسمئة بطاقة. وإذ توقعت المصادر الرسمية ألا يزيد عدد طالبي الحصول على البطاقة الانتخابية على أكثر من اثني عشر ألف ناخب قالت في المقابل ان العدد يعتبر طبيعياً نظراً الى ان الاكثرية الساحقة من الناخبين كانوا استحصلوا على بطاقاتهم بمن فيهم الذين قاطعوا الانتخابات النيابية الاخيرة وكانوا شاركوا سابقاً في الانتخابات البلدية في اشارة الى التيار العوني الذي كان من دعاة المقاطعة. ورأت انه لا يمكن استخلاص النتائج المتوقعة للانتخابات من خلال عدد طالبي البطاقات. لكنها توقعت فوز حلو من دون ان تقلل من حجم الاصوات التي سينالها منافسه ديب. واعتبرت المصادر ان اعلان السلطة الحياد بغية الحصول على شهادة حسن سلوك في رعايتها للعملية الديموقراطية شجع التيار العوني على التحرك بكثافة من خلال تنظيم الجولات واللقاءات الانتخابية وتوزيع المناشير التي غابت عنها للمرة الاولى الحدة السياسية ولم تأتِ على ذكر الوجود السوري في لبنان ومناهضتها له. وأوضحت المصادر انها لا تستطيع التكهن بنسبة عدد المقترعين الذين بلغ عددهم في الانتخابات الاخيرة اكثر من مئة ألف ناخب فاق عدد المسلمين منهم النصف. مشيرة الى ان التقارير الرسمية اخذت تسجل تحركاً كثيفاً للمرشحين وللقوى الداعمة لهم ولافتة الى ان ماكينة الرئيس الاسبق أمين الجميل المؤيد لحلو بدأت باستنهاض المحازبين.