كتب الأستاذ عصام العريان "الحياة" في 23/6/1424ه الموافق 21/8/2003م مقالة بعنوان: "حول اختيار أبو جرّة السلطاني رئيساً لحركة مجتمع السلم في الجزائر"، ورد فيها بعض النقاط التي لا بدّ من توضيحها. أولاً، ذكر الأخ الكريم ان "حركة مجتمع السلم تنتمي الى مدرسة الاخوان المسلمين وهذه المدرسة تتميز باختيارات فقهية تعتمد الشورى والديموقراطية في بنائها الداخلي...". لقد فوجئت بهذه الكلمات الصادرة من أحد الكوادر الذين يعملون في حركة تدعو، لأكثر من نصف قرن، الى بناء الأمة المسلمة الواحدة والمجتمع الاسلامي! فوجئت حين وجدت أحد أفرادها المسؤولين يتبنى النظام الغربي كالديموقراطية، ويدعو لها، ويعتقد انها اجتهاد قد وصلت اليها الحركة، وانها الأساس في اختيار قادتها! فما هو معلوم من القرآن والسنّة وسيرة الخلفاء الراشدين انه لم يتم، لا في عهد الرسول ص ولا في عصر الخلفاء الراشدين، انه تم طرح أمر يقترعون عليه، بل كان التوجيه القرآن وسنة المصطفى ص الأساس في الاختلاف. وكان التوجيه القرآني هو الموجه. فلماذا نترك فضائل الاسلام، ونرتضي بفضائل الغرب العلماني ذات الجذور الوثنية اليونانية؟ وماذا قدم أولئك الذين ارتضوا بهذا النهج "الديموقراطي" للإسلام من دخولهم في المجالس النيابية عبر الانتخابات؟ هل أمروا بمعروف أو نهوا عن منكر؟ ثانياً، قوله: "ومن المفاجآت أن جدلاً كبيراً حدث في المؤتمر...". فهذا شيء طبيعي، لأنه لو كانت الأمور تدار وفقاً للمنهج الرباني لما حدث هذا الجدل والتنافس حول السلطة أو الإمرة. ولو أخذوا الزاد من القرآن الكريم وسنة المصطفى ص لما وصلوا الى هذا الحال الذي يذكرنا بحال الأحزاب الوضعية او العلمانية التي تسعى الى السلطة، ومن اجل هذه السلطة يحدث الشقاق والخلاف والصراع الذي قد يصل، في بعض الاحيان، الى الاقتتال فيما بينهم، لأن الغاية عندهم تبرر الوسيلة! ولا غرابة ان يختلف المسلمون. لكن المذموم ان يكون الاختلاف حول أمر دنيوي، ومن دون ان يكون هناك رجوع وتحكيم للكتاب والسنّة، او اجتهاد قائم على الدليل من الكتاب والسنة. ثالثاً، إن هذا التوجه الى اختيار هذا النظام كان على اساس من ضغط الواقع، اي ضغط خارجي، وهزيمة نفسية، كأثر من آثار البعد عن النهج الإيماني من تدبّر للقرآن الكريم والسنة النبوية .... لقد انساق بعض المسلمين، وبعض الدعاة المسلمين في حُمّى الديموقراطية وخوض الانتخابات، تحت ادّعاء ان هذا يفتح لهم الأبواب لمنع الخمر والزنا والفاحشة، ولفرض الاسلام وشريعته. ولقد دخلوا البرلمانات، فإذا الخمور تمتدُّ، والملاهي تتعدّد، والفاحشة تزيد كأنها طوفان، لم تستطع كل الشعارات ان توقفها، ولا النداءات، ولا المجالس النيابية التي أخذت الحقّ في ان تُحلّل أو تُحرّم، وفي أن تُجيز أو لا تُجيز .... وإذا زُخرف العلمانية والديموقراطية يتسرب الى النفوس التي أحبطها الفشل، وإذا ببعض الدعاة المسلمين اصبحوا دعاة نشطين جادّين في الدعوة الى العلمانية والديموقراطية والحداثة، مع كل ما فيها من تناقض صريح مع الاسلام. ولم يعجز بعض الدعاة عن تغييب هذا التناقض، أو تسويغه وتجاوزه وإهماله، أو الى انكاره في اجواء جهل الكثيرين فيها حقيقة الاسلام وحقيقة العلمانية، حتى لم يعودوا قادرين على التفريق بينهما". د. عدنان علي رضا النحوي فوفقاً لتلك الديموقراطية التي ذكرها الأستاذ عصام، ماذا كانت النتائج؟ ليس في الجزائر فحسب، بل في مصر نفسها. والأمر أدهى من ذلك في تركيا حين تنازلوا كلية عن النظام الاسلامي، وارتضوا تعاليم أتاتورك العلمانية، فوصلوا الى سُدّة الحكم، ولكن أين هي الأهداف والأماني والشعارات التي كانت ترفع في السابق؟ وماذا قدّموا للاسلام والمسلمين والدعوة الاسلامية في بلد الخلافة الاسلامية؟ رابعاً، مبدأ الأقلية والأكثرية مبدأ غربي علماني لا يتوافق مع مفهومه في النظام الاسلامي، وإن فهم بعضهم بعض النصوص فهماً غير سديد. خامساً، حين يطبّق المرء الاسلام كما أُنزل على محمد صلى الله عليه وسلم لا يهمه رضا الكافرين والمنافقين والملحدين، وإنما رضى الله عز وجل. ... سادساً، كما قلت، يا أخي العزيز، وقاله عمر بن الخطاب ر قبلك: "ورجوعك الى الحقّ خير من التمادي في الباطل". فالديموقراطية غير الشورى، والنظام الاسلامي والنهج الرباني يغاير كل الأنظمة الوضعية، وعلى رأسها الديموقراطية .... محمد البشير [email protected]