أعلنت "حركة المقاومة الإسلامية" حماس إلغاء التزامها الهدنة التي تم التوصل إليها بين فصائل المقاومة الفلسطينية والسلطة الفلسطينية، وذلك في اعقاب اغتيال الطيران الحربي الإسرائيلي أحد قادتها السياسيين اسماعيل أبو شنب واثنين من مرافقيه، في تصعيد عسكري وإسرائيلي جديد من شأنه أن يخلط الأوراق السياسية والأمنية في الاراضي الفلسطينية وإسرائيل وان يلقي بظلال كثيفة على خطة "خريطة الطريق" التي تساندها الولاياتالمتحدة والتي باتت، بحسب الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، في "مهب الريح". عمت حال من الغضب والسخط الشديدين شوارع غزة التي شهدت عملية اغتيال أحد قادة "حركة المقاومة الفلسطينية" حماس اسماعيل أبو شنب ومرافقيه قرب الجامعة الإسلامية حيث يحاضر. وعلت هتافات المواطنين المنددة بالحكومة الفلسطينية وإسرائيل على السواء، مهددة بانتقام "مزلزل" على العملية. وقالت مصادر امنية فلسطينية وشهود ان طائرة "اف - 16" اطلقت ثلاثة صواريخ على السيارة التي اندلعت فيها النيران محولة من فيها الى جثث متفحمة، وعندما هرع الفلسطينيون الى مساعدة ركاب السيارة اطلقت الطائرة صاروخين اخرين. وأعلن اسماعيل هنية ل"الحياة - ال بي سي" ان إسرائيل باغتيالها أبو شنب "أنهت الهدنة"، مضيفا ان "حماس" سترد بالفعل لا بالقول، محملا اسرائيل المسؤولية الكاملة عن نتائج ممارساتها. وتكرر هذا التهديد في بيان وزعته حركة "حماس" وتعهدت فيه الانتقام لاستشهاد أبو شنب. واعتبر ان اغتيال قادة الحركة "هو حياة جديدة لحركة حماس وللمقاومة والانتفاضة والأيام المقبلة ستثبت ان اغتيال القائد الشهيد أبو شنب هو روح جديدة تسري في هذا الشعب وهذه الأمة". وأضاف: "إذا اراد أبو مازن أن يستمر بهذا النهج الذي يطالب بوقف الانتفاضة، فعليه أن يغادر موقعه". من جانبها، اعتبرت حركة "الجهاد الاسلامي" ان ابو شنب "شخصية سياسية وليست عسكرية" مشيرة الى ان اغتياله يشكل "جريمة كبرى". واضافت انها ستتخذ قرارات في شأن التزامها الهدنة خلال اجتماع للحركة. وعكس مشهد الغزيين الغاضب حجم الصعوبات التي قد تواجهها حكومة محمود عباس أبو مازن، خصوصاً في قطاع غزة، لفرض قيود على نشاطات حركتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي" بما في ذلك شن حملة اعتقالات محتملة. وولف يعطي الفلسطينيين مهلة في غضون ذلك، عقد المبعوث الاميركي، رئيس فريق المراقبين الاميركيين اجتماعا مع وزير الشؤون الامنية محمد دحلان وابو مازن. وقالت مصادر فلسطينية انه اعطاهما مهلة للتصرف، معتبرا ان هذه هي الفرصة الاخيرة. لكن لم يكن معروفا ان كانت عملية الاغتيال قد غيرت الموقف الاميركي من هذه المهلة. ابو مازن يدين الجريمة الشنعاء ودان ابو مازن بشدة عملية الاغتيال واعتبرها "جريمة شنعاء". وقال ان هذا العمل لا يخدم السلام ويؤثر سلبا على كل الخطط التي تقوم بها السلطة. وجاءت عملية الاغتيال في أعقاب اصدار القيادة الفلسطينية سلسلة من القرارات والاجراءات ضد حركتي "حماس" و"الجهاد"، في ما اعتبرته السلطة الفلسطينية رداً على "تحطيم حماس القواعد" من خلال عملية القدس التي أدت إلى مقتل 20 إسرائيلياً وجرح نحو 100 آخرين مساء الثلثاء الماضي. وربطت القيادة الفلسطينية ضمناً تنفيذ هذه القرارات بامتناع إسرائيل عن القيام بأعمال عسكرية إضافية ضد الفلسطينيين، مشيرة إلى أن "السيطرة الأمنية الفلسطينية مرتبطة باخراج الاحتلال من أرضنا". وشددت القيادة في بيان عقب اجتماعها الموسع الذي استمر نحو أربع ساعات بمشاركة الرئيس ياسر عرفات ورئيس الوزراء، على وحدانية السلطة وسيادة القانون على الجميع، ودعم الحكومة في الاجراءات التي تكفل ضبط السلاح وإلغاء المظاهر المسلحة. وقالت مصادر مطلعة ل"الحياة" ان هذا القرار تضمن حرية التحرك للأجهزة الأمنية الفلسطينية في المواقع التي تنصب فيها التنظيمات صواريخ "القسام" أو مختبرات المتفجرات في الأماكن المأهولة بالسكان. ودعا البيان الفصائل الى التقيد بهذه التوجهات ووضعها موضع التطبيق الفوري. وتحدثت مصادر فلسطينية عن اجراءات لم يعلن عنها، مثل اغلاق المساجد التابعة لحركة "حماس" أو الحاقها بوزارة الأوقاف التابعة للسلطة الفلسطينية، وكذلك الحال في شأن المؤسسات الصحية والاجتماعية التي لا تتقيد بالقانون. ونقلت صحيفة "هآرتس" على موقعها في الانترنت أن بين هذه القرارات اعتبار الأجنحة العسكرية لحركتي "حماس" و"الجهاد"، وللمرة الاولى، خارجة عن القانون. عملية "السور الواقي" مجدداً وتأتي عملية الاغتيال في إطار سلسلة من الاجراءات التي اتخذها المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون الأمنية، وتشمل اجتياحات للمدن الفلسطينية، بالإضافة إلى تكثيف عمليات الاغتيال "ضد قادة تنظيمات الرفض"، والسماح للجيش بالتحرك ضد "حماس" و"الجهاد" وليس ضد السلطة. ونقلت مصادر صحافية إسرائيلية عن مصادر حكومية قولها إن "الرد الإسرائيلي سيكون على غرار عملية السور الواقي" العسكرية الإسرائيلية التي أعاد الجيش الإسرائيلي من خلالها احتلال الضفة الغربية التي ما زال يتوغل فيها بحرية منذ أواخر آذار مارس العام الماضي. وقال شارون في بيان عقب الاجتماع الحكومي ليل الاربعاء - الخميس ان "تحرك الاجهزة الامنية ضد المنظمات الارهابية سيتيح من دون شك التقدم في العملية" السياسية. واضاف: "اذا لم تتخذ الحكومة الفلسطينية كل الاجراءات الضرورية في الحرب ضد الارهاب، اجراءات جوهرية وملموسة، فلن يكون بالامكان التقدم الى المرحلة المقبلة من النقاش السياسي". وقال مسؤول اسرائيلي ان ابو شنب الذي يعتبر الرجل الثالث في "حماس" كان "يخطط لهجمات ارهابية انطلاقاً من غزة... وبمقتله ننقذ ارواح العديد من المدنيين الاسرائيليين ونتفادى خسائر كثيرة". كذلك اعتبر المدير المساعد لوزارة الخارجية جدعون مئير ان اعلان "حماس" وقف التزامها الهدنة "سخيف"، مشيراً الى انها تبنت هجوم القدس. وتابع: "كنا واثقين منذ اعلان الهدنة انها قنبلة موقوتة". ... شهيدان واعتقالات واجتياحات وسبقت عملية الاغتيال اجتياحات عسكرية إسرائيلية لثلاث مدن فلسطينية في الضفة، رافقها تحرك مكثف للدبابات والآليات العسكرية الإسرائيلية الثقيلة على مشارف مدينة رام الله التي تشهد توتراً ملحوظاً في أعقاب ورود أنباء عن اجتياح عسكري آخر لها في الساعات المقبلة. وفي طولكرم، قتل شابان فلسطينيان احدهما في الخامسة عشر من العمر، فيما اصيب خمسة آخرون بجروح عندما اطلق افراد "قوة خاصة" مستعربين النار باتجاه مقهى "بلياردو" في مخيم المدينة. وخطف الجنود الجرحى ونقلوهم إلى مستشفيات إسرائيلية قبل التحقيق معهم. وشن الجيش الإسرائيلي حملة عسكرية واسعة ومتواصلة ضد البلدة القديمة القصبة في نابلس، حيث أشارت مصادر إسرائيلية إلى اعتقال ناشط وصفته بأنه "مطلوب" من حركة "فتح". في الوقت نفسه، طوقت قوات كبيرة من الجيش الإسرائيلي أيضاً مدينة جنين ومخيمها وشنت حملة دهم وتفتيش بحثاً عن "مطلوبين"، غير أنها لم تنجح في اعتقال أي منهم. وباتت الأراضي الفلسطينية في حال غليان في ظل تحليق الطيران الحربي الإسرائيلي المتواصل في سماء فلسطين. وفيما كانت الدبابات الاسرائيلية على مشارف رام الله عند بيت ايل استعدادا على ما يبدو لاجتياح المدينة، امرت المؤسسات الاجنبية في الاراضي الفلسطينية موظفيها بإخلاء المكاتب.