سقطت بعد ظهر أمس الهدنة المؤقتة القائمة بين اسرائيل والمقاومة الفلسطينية منذ خمسين يوما، باغتيال المهندس إسماعيل أبو شنب أحد القادة السياسيين البارزين لحركة المقاومة الاسلامية (حماس) في عدوان جوي أطلقت فيه مروحيات الأباتشي عدة صواريخ على سيارة كانت تقل المغدور مع اثنين من مرافقيه أحدهم حارسه الشخصي، في شارع رئيسي بمدينة غزة، فقضوا نحبهم. وفيما أشار شهود العيان الى تفحم الجثث، قال أحدهم لأحد مراسلي الصحف والتلفزيون الذين توافدوا على مسرح الجريمة وسط مئات من المواطنين، إنه شاهد أشلاء جثة أبي شنب على المقعد الامامي للسيارة وهي من طراز فولكسفاجن باسات وقد اشتعلت النار فيها وتم إطفاؤها بعد أن أتت عليها، ما يشير الى قوة الهجوم. وابو شنب متزوج وكان يعمل استاذا في كلية الهندسة في الجامعة الاسلامية في غزة. وقد خرج آلاف عدة من الفلسطينيين الى شوارع غزة يطالبون بالانتقام ويتوعدون بالثأر. ووقعت الجريمة بناء على أمر مباشر من مجلس الحرب الذي ترأسه رئيس الوزراء الاسرائيلي ارئيل شارون ليلة الأربعاء الخميس وقضى بإصدار أوامر صريحة لجيش الاحتلال بتوجيه ضربات أكثر وحشية ضد الفلسطينيين. ويشمل القرار استهداف الناشطين ولو كانوا بين مدنيين. وجاءت أوامر مجلس الحرب بعد انتقام المقاومة الفلسطينية من اغتيال ثلاثة ناشطين في حركتي حماس والجهاد الاسلامي خلال أسبوعين، بعملية نفذها مساء الثلاثاء فدائي من الخليل وأسفرت عن مقتل 20 إسرائيليا في القدس واصابة مائة بجراح ثمانية منهم مازالوا في حال الخطر بينما مازال نحو 35 آخرين مرقدين في المستشفيات. وقد سقط في عملية القدس من الأمريكيين خمسة قتلى على الأقل و12 جريحا، الأمر الذي دفع الرئيس الأمريكي جورج بوش الى أن يعطي ضوءا أخضر لشارون بأن ما سيفعله ستقبل به واشنطن، حسبما أشارت الى ذلك وسائل الاعلام الاسرائيلية. وكان البيت الأبيض قد أعلن أن واشنطن ستدعم إجراءات الحكومة الاسرائيلية التي ستتخذها عقب عملية القدس ضد الفلسطينيين. بيان القسام وفي بيان غاضب، تعهدت حركة المقاومة الاسلامية (حماس) بالرد على اغتيال أبي شنب وقالت أن "الرد سيكون مزلزلا إذا شاء الله"، معلنة أن الهدنة انتهت، قبل انتهائها المفترض (كانت مدتها 3 شهور قابلة للتمديد بحسب الظروف، اعتبارا من 29 يونيو حزيران وهو التاريخ الذي أصدرت فيه حركتا حماس والجهاد الاسلامي بيانا رسميا تعلنان فيه تعليق العمليات المسلحة ضد اسرائيل امتثالا لمطلب السلطة الوطنية الفلسطينية). وقال البيان الذي صدر عن كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحماس إن مبادرة حماس التي أطلقتها بتعليق العمليات العسكرية ضد اسرائيل قد انتهت ويتحمل شارون وقادة العصابات الصهيونية المسئولية التامة عن ذلك، فيما يتوقع المراقبون أن تحرص حماس على أن يكون ردها استثنائيا هذه المرة لأنه منذ فشل محاولة اغتيال الدكتور عبدالعزيز الرنتيسي القيادي السياسي البارز في حماس قبل أسابيع، أعطت اسرائيل رسالة واضحة للمقاومة بأن القفازات خلعت من الأيدي وأصبحت المواجهة مفتوحة بعد عزم إسرائيل عمليا على تصفية المقاومة السياسية والمسلحة. ودعا بيان حماس جميع فصائل المقاومة الفلسطينية بالرد السريع بقوة واستهداف جميع أركان دولة الاحتلال، مدينا الصمت العالمي الفاضح والمشبوه إزاء الممارسات الصهيونية والخروقات الاسرائيلية خلال فترة الهدنة. عليه أن يرحل ووسط الجموع المحتشدة في مسرح الجريمة، انتقد إسماعيل هنية أحد قادة حماس السياسيين رئيس الوزراء الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) بشدة وطالبه بمغادرة الاراضي الفلسطينية بدلا من التعرض للمقاومين والمجاهدين. وقال: إن العدو الصهيوني أطلق الآن الرصاصة الاخيرة على مبادرة تعليق العمليات العسكرية ويتحمل المسؤولية الكاملة عما يترتب على جريمته البشعة النكراء. واضاف: عندما يستهدف العدو الصهيوني القادة البارزين السياسيين ويقتل الى جانبه العديد من المرافقين ويصيب العديد من ابناء الشعب الفلسطيني الاعزل ويضرب بطائرات إف 16 لا يجعل امامنا خيارا الا ان ندافع عن انفسنا بكل الوسائل والامكانيات المتاحة. وشدد هنية على ان رد حماس سنتركه للافعال وليس للاقوال. وقالت حماس في بيان لها انه على اثر هذه الجريمة النكراء والعمل الارهابي الجبان فإن حماس تعلن بان مبادرتها التي اطلقتها بتعليق العمليات العسكرية قد انتهت ويتحمل شارون وقادة العصابات الصهيونية المسؤلية التامة عن ذلك. كل شيء انتهى وقال عبد العزيز الرنتيسي - أحد قادة حماس السياسيين - الذي نجا مؤخرا من محاولة اغتيال: إن اليهود ولغوا في دماء المسلمين وهذه الجريمة لن تمر دون عقاب موجع وسيعلم شارون إنه سيغرق شوارع تل أبيب والقدس و حيفا بالدماء وهو المسؤول الأول والأخير عن نهاية .. الهدنة .. بعد أن أطلق عليها رصاصته الأخيرة. وشدد الرنتيسي على ان حماس في حل من الهدنة .. بعد استهداف القائد الرمز العظيم في حماس واحد قادة الشعب الفلسطيني والأمة العربية والاسلامية، كل شئ انتهى. درس للسلطة الفلسطينية وقال اسامة حمدان - مسؤول حماس في بيروت - لوكالة أنباء رويترز إن الحركة تأمل في أن تتعلم السلطة الفلسطينية الدرس الذي يفيد بأن اسرائيل تريد استغلالها في تحقيق اهدافها الخاصة بقمع الشعب الفلسطيني. واضاف ان حماس ترى ان الامر يرجع الى حكومة السلطة في الكف عن تهديداتها للمقاومة والعودة الى اطار الحوار الوطني الذي يقوم على اساس حماية الشعب الفلسطيني. وقال حمدان ان اتخاذ اجراءات ضد المقاومة الفلسطينية في هذه الفترة سيضع السلطة الفلسطينية في موقف المواجهة مع الشعب الفلسطيني. وقال حمدان ان ابوشنب معروف كشخصية سياسية وقيادية واستهدافه بهذا الشكل يعني أن الاسرائيليين أنهوا الهدنة. واضاف انه يصعب التكهن بما سيكون عليه الرد على الهجوم الاسرائيلي لكن لا شك في انه سيكون على مستوى الجريمة التي ارتكبت. إنهم يعرقلون عملي وأدانت السلطة الفلسطينية اغتيال أبي شنب. وقال الناطق باسمها وزير الاعلام نبيل عمرو، إن هذا عمل غير مسؤول وسيصعب على السلطة الفلسطينية تنفيذ خططها الرامية إلى استعادة الهدوء. ووصف رئيس الوزراء الفلسطيني محمود عباس اغتيال اسماعيل ابو شنب بأنه جريمة نكراء من شأنها أن تعرقل جهودنا ضد الناشطين، وذلك بعد أن أعلن أمس الأول قطع اتصالاته مع حركتي حماس والجهاد اللتين تبنتا المسؤولية عن عملية القدس. وقال مسؤول فلسطيني ان عباس يعتبر ان هذه المنظمات مسؤولة عن الحاق الاذى بالمصلحة الوطنية الفلسطينية وأنه يريد فعلا اتخاذ اجراءات ضدها. هذا واجب يهودي وصرح وزير الامن الداخلي الاسرائيلي عوزي لانداو في أول تعقيب إسرائيلي على اغتيال قادة حماس بأنه يجب على إسرائيل أن تواصل سياسة الاغتيالات. وقال لانداو إنه إذا كان بالامكان الاستبشار بهذه العملية بعودة إسرائيل إلى محاربة الارهاب فيجب الترحيب بذلك، لكن إذا كانت هذه العملية مجرد رد عيني، فلن تكون نجاحته كبيرة. كما دعا نائب وزير التجارة والصناعة الاسرائيلي ميخائيل راتسون إلى اغتيال جميع قادة التنظيمات الفلسطينية وقال إن من الواجب علينا ذلك حتى قتلهم جميعا بمن فيهم ياسر عرفات وأشباهه. وأضاف راتسون وهو عضو في الكنيست عن حزب الليكود الحاكم لا يتعين منحهم أي فرصة إضافية. يجب ضربهم بكل قوة. وقال جدعون مائير من وزارة الخارجية الاسرائيلية انه كان على اسرائيل التحرك واتخاذ اجراء في ظل عدم اقدام السلطة الفلسطينية على نزع سلاح الجماعات النشطة أو حلها. وزعم مائير قائلا للصحفيين: لو قامت السلطة الفلسطينية بما هو متوقع منها ان تفعله وبما الزموا به انفسهم مساء الثلاثاء (يوم عملية القدس) بعد نصف ساعة من الهجوم الارهابي فاننا كنا نتوقع ان تقوم قوات الشرطة البالغ عددها 20 الف شخص يتقاضون مرتبات من محمد دحلان بشن حملة على هاتين المنظمتين الارهابيتين الرئيسيتين حماس والجهاد الاسلامي وتعتقل الف شخص على الاقل. كان هذا سيكون اشارة كبيرة انهم مهتمون حقا بتحقيق السلام. لا فرق بين سياسي وعسكري ونقلت وكالة الأنباء الألمانية عن مسئولة أمنية إسرائيلية أن شنب قاد عمليات حماس في الضفة الغربية وقطاع غزة. وقالت إننا لا نفرق بين القيادة السياسية والعسكرية لحماس، إنها منظمة إرهابية. كما نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن مسؤول أمني اسرائيلي أن شنب كان يخطط لهجمات على اسرائيل، وبمقتله تنقذ اسرائيل أرواح العديدين من اليهود وتتفادى خسائر كبيرة. واعتبر ان حماس اتخذت قرارا استراتيجيا قبل اسبوعين باعطاء ضوء اخضر لتنفيذ هجمات ارهابية بينما كانت تؤكد انها تسعى الى احترام الهدنة المشروطة لثلاثة اشهر في الهجمات ضد اسرائيل التي اعلنتها الفصائل الفلسطينية في 29 حزيران يونيو. هاجس أمريكي على الخريطة وفي مقر الأممالمتحدة في نيويورك، دعا وزير الخارجية الامريكي كولن باول الأسرة الدولية الى ممارسة الضغط لكي توقف حماس هجماتها على اسرائيل، محذرا من التخلي عن خريطة الطريق، الخطة الدولية لتسوية الصراع الفلسطيني الاسرائيلي. وقال باول انني ادعو زملائي ومجلس الامن الدولي والاعضاء الآخرين في المجتمع الدولي وممثلي الدول العربية الى التدخل والعمل بتصميم لكي توقف منظمات مثل حماس عملياتها. ودعا باول ايضا رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية ياسر عرفات للعمل مع رئيس الوزراء محمود عباس وأن يضع تحت تصرفه الاجهزة الامنية التي يسيطر عليها للسماح بتحقيق تقدم حول خريطة الطريق وانهاء العنف. واضاف في مؤتمر صحافي مشترك مع الامين العام للامم المتحدة كوفي عنان في نيويورك بعد لقاء بينهما، ان نهاية خريطة الطريق تمثل شفير هاوية سيهوي الطرفان فيها. وتساءل باول: ما البديل الآخر (عن خريطة الطريق)؟ مزيد من القتلى والدمار؟ اعطاء الغلبة للارهابيين؟ .. لا، ليست هذه نتيجة مقبولة. الكلام لا يفيد كما أعلن الشيخ أحمد ياسين مؤسس ومرشد حركة المقاومة الاسلامية في فلسطين (مشلول الجسد) أن اسرائيل ستتحمل عواقب اغتيالها لأبي شنب وستدفع الثمن. وقال في تصريحات لتلفزيوني (العربية) و(الجزيرة): الكلمات لا تكفي للرد على هذه الجريمة البشعة، أنا أقول للشعب الاسرائيلي ان حكومته حكومة اجرامية فاشية وهي تتحمل كافة المسؤولية. والشعب الاسرائيلي هو الذي سيدفع الثمن للجرائم التي ارتكبها شارون. ونعى ياسين الهدنة قائلا: الهدنة قتلت بمقتل ابو شنب، لا نتحمل مسؤولية (العواقب على اسرائيل) والذي يعتبر اننا نتحمل المسؤولية لا يفكر بالحقيقة ولم ينظر على الارض .. أنا قلت انتهت الهدنة لأن الصواريخ الاسرائيلية قتلتها (أمس). واستطرد مؤسس حماس متسائلا: هل توقفت اسرائيل عن العدوان على شعبنا طوال شهرين؟ هل أوقفت المستوطنات؟ هل أوقفت الاغتيالات .. الاعتقالات .. ماذا فعلت اسرائيل خلال تلك الفترة؟. وتابع يقول: هذا العدو لا يريد سلاما، لا يريد سلام الشعب الفلسطيني والامن .. ولا مستقبل هذا الشعب، على السلطة الفلسطينية أن لا تجري وراء السراب الامريكي الذي يدعو الى قيام دولة فلسطينية في الهواء .. بينما العدو يجتاح الارض ويبني عليها مستوطنات ويقتل ويشرد. إجماع المقاومة على الثأر وأكدت كتائب شهداء الاقصى المنبثقة عن (فتح) (حركة التحرير الوطني الفلسطيني)، في بيان أن الرد على اغتيال أبو شنب سيكون سريعا وصاعقا يزلزل الارض تحت اقدام الغزاة الصهاينة ولا امن ولا استقرار لهذا الكيان والحل العادل والشامل هو برحيلهم عن ارضنا وليعودوا من حيث اتوا. وكتائب شهداء الاقصى منبثقة عن حركة فتح بزعامة ياسر عرفات، لكنها تتصرف بصورة مستقلة عنها وتتشكل من شبيبة فتح الذين نشأوا على أرض فلسطينالمحتلة وعانوا في سجون الاحتلال. عودة الى المربع العسكري ووصفت حركة فتح التي يتزعمها عرفات عملية اغتيال أحد أعضاء حماس البارزين بأنها جريمة نكراء تتحمل الحكومة الصهيونية كامل المسؤولية والنتائج المترتبة عنها. وقالت إن اغتيال أبو شنب شاهد حي على مراوغة ومماطلة الحكومة الصهيونية وعدم جديتها في انجاح الهدنة وامعانها في نسف الجهود والتحركات والمبادرات السياسية. واضافت فتح ان استئناف سياسة وجرائم الاغتيالات بحق القيادات و الكوادر النضالية الفلسطينية يعني العودة الى المربع العسكري .. ويدلل بان حكومة (شارون) حكومة حرب لا تريد السلام وتواصل التنكر لحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة في الحرية والاستقلال. وأكدت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في بيان، على أن هذه الجريمة النكراء .. تدعونا للعمل من اجل تعزيز وحدتنا الوطنية، وحشد كل قوانا في مواجهة هذا العدو وعدوانه الشامل على شعبنا. ودعت الجبهة الشعبية (أمينها العام أحمد سعدات معتقل في سجن السلطة الفلسطينية في أريحا) السلطة الفلسطينية الى العودة عن كل اجراءاتها الاستثنائية التي اعلنتها اثر عملية القدس الأخيرة. كما دعت الجبهة الديقراطية لتحرير فلسطين في بيان، الى نبذ الخلافات وحماية الاجماع الوطني على نبذ الفتنة وتعزيز وحدة الصف الفلسطيني في مواجهة التصعيد العدواني الاسرائيلي. إطفاء النيران عقب قصف السيارة المستهدفة وفي الاطار المركبة خلال اشتعالها