أنقذت حرارة الصيف الملتهبة، والتي تجاوزت 40 درجة في معظم المدن، الموسم السياحي في المغرب، المتأثّر كثيراً بالهجمات الإرهابية في الدار البيضاء والحرب في العراق وتداعيات حوادث 11 أيلول سبتمبر. وحافظ القطاع، الذي يشكّل أهم مصادر المغرب من العملات الصعبة، على نشاطه على رغم اختلاف نوعية الزبائن وسحناتهم وطريقة تسديدهم للفواتير. ذكرت إحصاءات جديدة لوزارة السياحة المغربية ان برنامج "كنوز بلادي" الموجّه الى المواطنين والمهاجرين والسياح العرب، عوّض بعضاً من الخسائر التي تكبّدتها السياحة جراء تراجع عدد الزوار الاوروبيين والأميركيين. فقد زاد الطلب على الفنادق الساحلية بنسبة 33 في المئة، وتم تسجيل حالات امتلاء في فنادق طنجة وتطوان وأغادير واصيلة والدار البيضاء. ويعرض البرنامج خدمات سياحية وترفيهية تقل بنسبة النصف عن أسعارها المتداولة، وذلك في محاولة للإبقاء على نشاط القطاع، الذي يشغّل نحو مليون شخص ويمثّل نحو 6 في المئة من إجمالي الناتج المحلي. واستعان البرنامج بفنانين ومغنين وراقصات وعارضات أزياء لإضفاء طابع المرح على ليالي السياحة الشديدة الحرارة. ولعبت الحرارة المرتفعة دوراً مهماً في دفع العائلات المحلية نحو سياحة الفنادق الراقية، التي كانت حتى الأمس القريب حكراً على السياحة الدولية، بسبب ميل شركات السفر والسياحة الى تفضيل الدفع بالعملات الدولية على الدفع بالعملة المحلية. ولم تشهد مدن مثل طنجة والمضيق على البحر الأبيض المتوسط، امتلاءً في فنادقها منذ عهد بعيد. وقال عدد من أصحاب الفنادق انهم اعتمدوا نظام الحجز الزائد اوفربوكنغ، بعدما تجاوز الطلب عدد الغرف المتاحة. وحصل الأمر نفسه في أغادير، التي هجرها زوارها الألمان وحلّ محلهم سياح مغاربة يدفعون بالدرهم عوض اليورو والدولار. وكان عدد السياح الألمان تراجع بنسبة 30 في المئة في النصف الأول من السنة الجارية، الى 63 الفاً من 90 الف سائح. وهم يمثلون ثاني أهم جالية سياحية في المغرب، والاولى اوروبياً من حيث حجم النفقات. وكان عدد السياح الأجانب تراجع بنسبة 2 في المئة في النصف الأول من السنة الجارية. وشمل التراجع خصوصاً السياح الأميركيين والاسكندنافيين والألمان والايطاليين والبريطانيين بنسب تراوح بين 8 و30 في المئة، فيما زاد عدد السياح الفرنسيين بنسبة 3.3 في المئة الى نحو نصف مليون سائح، أي نحو 44 في المئة من المجموع الذي بلغ 1.038 مليون سائح. وقُدّر عدد السياح العرب بنحو 28 الف شخص غالبيتهم من السعودية والامارات. وتتوقع وزارة السياحة المغربية ان يشهد النصف الثاني من السنة الجارية ارتفاعاً في الطلب وعدد الزوار من دون تحديد جنسياتهم، مما سيحافظ على ايرادات القطاع الذي يتوقع 2.5 بليون دولار من العائدات المباشرة أسعار الفنادق. وتعتقد الوزارة ان ضعف القدرة الايوائية في بعض المدن حال دون استفادتها من تزايد الطلب على السياحة الراقية. ويُخطط المغرب لمضاعفة عدد الفنادق، باستثمار ثلاثة بلايين دولار لاستقبال 10 ملايين سائح بنهاية العقد الحالي، مقابل 4.5 مليون سائح حالياً. وقال وزير السياحة، عادل الديوري، ل"الحياة" ان خطة بناء 100 الف سرير جديد متواصلة، على رغم حال عدم الاستقرار التي يعيشها قطاع السياحة في العالم، نتيجة الحروب والأعمال الارهابية. واعتبر ان الأزمة مرحلية وان القطاع سيتعافى تدريجياً مع عودة النمو الى الاقتصاد العالمي، والطلب على سياحة منطقة البحر الأبيض المتوسط. وأضاف الديوري ان السياحة المغربية والمهاجرين عوضوا بعضاً من تراجع السياحة الدولية على رغم ان المغرب كان من أقل الدول تضرراً في المنطقة، حيث صُنف في المرتبة الثالثة من حيث نوايا السفر. من جهتها، تتوقع مصادر وزارة المال ان تدر السياحة وتحويلات المهاجرين في اوروبا مبالغ تزيد على ستة بلايين دولار بنهاية السنة الجارية، وهي تقريباً المبالغ نفسها المسجّلة منذ عامين. ويتواجد حالياً نحو مليوني مهاجر مغربي في الخارج، يفضل بعضهم الاقامة في الفنادق خلال فترة قضاء العطلة في البلد. وهذا سلوك جديد تساهم فيه درجة الحرارة وتغير العادات والتقاليد. وستستفيد منه حركة السياحة التي تحصي زوارها من دون التدقيق في جنسياتهم أو أذواقهم أو طريقة دفعهم للفواتير.