تنتظر الساحة السياسية الكويتية اليوم الكلمة الفصل من الامير الشيخ جابر الاحمد الصباح بشأن تكليف رئيس الوزارة الجديدة. وسرت اشاعات كثيرة عن اتجاه المشاورات التي يقوم بها الامير، وما اذا كان قرر فصل ولاية العهد عن رئاسة الحكومة لمصلحة الشيخ صباح الاحمد سيتخذ بعد "ترضية" مناسبة للفرع الذي ينتمي اليه ولي العهد الشيخ سعد العبدالله، من خلال حصّة معينة من الحقائب الوزارية. وفي اتجاه موازٍ بدأ رئيس مجلس الامة البرلمان السابق جاسم الخرافي اتصالات مكثفة مع النواب الجدد من اجل "معركة" رئاسة المجلس الجديد التي يبدو انها ستكون يسيرة عليه في مواجهة خصمه النائب احمد السعدون الذي خسر في الانتخابات اكثر من عشرة نواب كانوا صوّتوا لمصلحته عام 1999. وتردد ان النائب طلال العيار يتطلّع الى منصب نائب الرئيس وقد يحظى بدعم الحكومة لذلك. ولا تزال انتخابات السبت الماضي التي شهدت سقوط رموز برلمانية عريقة تثير نقاشاً في الكويت، اذ اتفق محللون ليبراليون واسلاميون على ان نتائج الانتخابات "لم تشكّل مفاجأة لمن كان يتابع بشكل دقيق توجهات الرأي العام الكويتي والتكتيكات التي كان ممكناً للحكومة اتباعها في ظل نظام ال25 دائرة انتخابية"، ورأوا ان الخسارة التي منيت بها مجموعات ليبرالية واسلامية "كان يمكن توقعها في ظل اداء نواب هذه المجموعات". وقال الكاتب الليبرالي احمد الديين ل"الحياة": "نظامنا الانتخابي فاسد، ومنذ ان فرضت الحكومة نظام الدوائر الانتخابية الخمس والعشرين عام 1981 لم يعد الانتخاب سياسياً، صار على اساس العلاقات الشخصية والعائلية والتعصبين الطائفي والقبلي وانجاز المعاملات والخدمات للناخب"، وتابع: "في ظل نظام كهذا لا معنى للقول بأن ليبراليين مثل عبدالله النيباري خسروا انتخابات 2003 بسبب تبنيهم اصلاحات اقتصادية او سياسية، ولا للافتراض بأن اسلامي شيعي مثل عدنان عبدالصمد خسرها لانه وقف مع قضايا شعبية، هذه ليست انتخابات سياسية حتى نحاكمها سياسياً". ومع سقوط عدد من الرموز الاسلامية والليبرالية لا يرى الديين ان ذلك سينتج مجلساً اسوأ بالضرورة، ويقول: "لم يكن المجلس السابق جيداً حتى نفتقده، بل ربما تساعد الظروف هذا المجلس الجديد على انجاز امور عجز عنها السابق، لكن في النهاية تبقى قواعد اللعبة السياسية الكويتية مشوهة من الاساس، ومن غير العودة الى نظام الدوائر الانتخابية العشر يصعب على اي فرد او مجموعة خوض الانتخاب على اساس برنامج سياسي". غير ان اسلامياً مثل الدكتور عبدالرزاق الشايجي يرى ان خسارة الليبراليين للانتخابات "لا يمكن تفسيرها الا بأن التصاقهم بحكومة الشيخ صباح الاحمد ووقوفهم ضد مصالح غالبية المواطنين كانت سبباً فيها". وتابع: "نظام الدوائر ال25 معمول به منذ 22 عاماً واستفاد منه الليبراليون كثيراً بعدما استوعبوا تكتيكات الفوز في الدوائر الصغيرة، لكن انتخابات 2003 شهدت على ان الالتصاق بالحكومة طريق الانحسار الشعبي". ويرى الشايجي الذي نجحت "الحركة السلفية" التي ينتمي اليها في كسب مقاعد اضافية في الانتخابات ان الاسلاميين دفعوا ثمن تنافسهم في الدوائر الانتخابية "وخسروا مقاعد كثيرة كان يمكن كسبها بشيء من التنسيق" كذلك عاب على بعض المجموعات الاسلامية "فقدانها للخطاب الاسلامي وتحولها الى مجموعات انتخابية محلية منفصلة عن اولويات المشروع الاسلامي مما افقدها الدعم الجماهيري".