رفضت المحكمة الدستورية الكويتية امس اربع دعاوى تقدمت بها ناشطات في مجال حقوق المرأة السياسية ضد وزير الداخلية بسبب منع الوزارة تسجيل اسمائهن في جداول قيد الناخبين في شباط فبراير الماضي. واعتبرت المحكمة ان الدعاوى "رُفعت بغير الطريق والاجراءات التي حددها القانون"، وان الطعن في عدم دستورية قانون الانتخاب "تم عن طريق الادعاء الاصلي المباشر" من جانب رافعي الدعاوى وهو ما رأت فيه المحكمة "دفعاً غير جدي" و"ينافي الاوضاع المقررة والمتطلّبة قانوناً فتغدو معه الدعوى الدستورية غير مقبولة"، وألزمت الاطراف المقدِّمة للدعاوى دفع المصاريف. ولأن المحكمة استندت في رفضها الدعاوى الى اخطاء اجرائية، قال ناشطون ومحامون رويترز ان القضية التي تقدم بها الكويتي عدنان العيسى، والتي سيجري عقد جلسات الاستماع فيها في ايلول سبتمبر المقبل، قد تفي بكل المتطلبات الاجرائية وتسفر عن حكم قضائي في جوهر القضية. إذ طعن العيسى الذي يتمتع بحق التصويت في القائمة الخاصة بدائرته الانتخابية زاعماً انها غير ملتزمة اللوائح لان النساء لم يسمح لهن بتسجيل انفسهن فيها. ومن المقرر اجراء الانتخابات البرلمانية والبلدية المقبلة في عام 2003. وقال بعض الناشطات اللواتي غلبهن الشعور بالحزن وخيبة الامل عند صدور الاحكام، امس، انهن بصدد رفع دعاوى اخرى في اتجاه تغيير قانون الانتخاب، منها دعوى في الاسبوع المقبل ضد مجلس الامة البرلمان الذي كان أحبط في تشرين الاول اكتوبر الماضي مرسوماً أميرياً ثم مشروع قانون هدفا الى تعديل قانون الانتخاب على نحو يعطي المرأة الحق السياسي، واعتبرن ان الاسباب الفنية الاجرائية التي اوردتها المحكمة لرفض الدعاوى تعني عدم حسمها النقطة الجوهرية فيها وهي عدم دستورية قانون الانتخاب الذي يحصر حق الانتخاب والترشيح بالرجال ما يبرر المضي في قضايا جديدة. وقالت رولا دشتي 36 عاماً التي كانت صاحبة الدعوى الاولى وصولاً الى المحكمة الدستورية ان الاحكام الصادرة "صدمة حقيقية لنا جميعاً"، واستدركت: "لكننا غير يائسات وسنستمر في مساعينا لتغيير قانون الانتخاب". في حين قالت المحامية سارة الدعيج التي ترافعت عن اثنتين من الناشطات: "سنستمر برفع الدعاوى ضد القانون حتى نغيّره". وأضافت ان هذا امر غير قابل للتصديق، ففي اليوم الذي تحتفل الولاياتالمتحدة اليوم بعيد الاستقلال لا تزال الكويتيات يكافحن من اجل حق بسيط. واضافت "الامر لا يعدو ان يكون جولة واحدة من جولات عديدة". واكدت ان فريقها القانوني "يستعد لرفع دعوى قضائية جديدة سيجري تقديمها في المحاكم في الاسبوع المقبل وستطعن في قرار البرلمان الذي يحرم النساء من حقوقهن السياسية". ومن جانبهم ابدى الاسلاميون ارتياحاً ازاء الاحكام، وقال الامين العام ل"الحركة السلفية" الشيخ حامد العلي ل"الحياة" ان حكم المحكمة الدستورية "جاء مراعياً لأحكام الشريعة الاسلامية وملائماً لظروف وطبيعة المجتمع الكويتي وطبيعته المحافظة". واعتبر ان موقف المحكمة "عزّز الثقة بأن الكويت بلد مؤسسات وسلطات مستقلة حيث حكم القضاء بحيدة وتجرد في قضية كانت موضع رغبة أميرية في اتجاه تعديل قانون الانتخاب". ويرى العلي ان الاتجاه الليبرالي "لن يحترم هذا الحكم وسيهاجم - كعادته - القضاء زاعماً انه خضع لارهاب الاسلاميين". وتابع: "ارجو ان تستوعب الحكومة معنى الاحكام القضائية الداعمة لقانون الانتخاب، وان لا تنحاز ضد الاسلاميين عندما يُعاد طرح فكرة تغيير قانون الانتخاب في مجلس الامة في دور الانعقاد المقبل". وتشكل الاحكام امس مزيداً من الاحباط للوسط الليبرالي الكويتي الذي كان عانى الاسبوع الماضي من خسارة قانون الجامعات الخاصة لمصلحة الحلف الاسلامي - المحافظ في البرلمان والذي أدخل نصاً في مواد القانون يحرّم الاختلاط بين الجنسين في الفصول الدراسية. وكتب ليبراليون امس في الزوايا اليومية للصحف الكويتية يستحثون المحكمة الدستورية لإصدار "حكم عادل وحاسم" لمصلحة المرأة. وكتب احمد الديين في مقال في "الرأي العام" انه "لا يتصور اطلاقاً ان يخضع القضاء المنزّه عن الغرضية السياسية لابتزاز قوى التخلّف المناهضة لمبادئ النظام الديموقراطي".