سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
"البعض يريد من واشنطن ملء فراغ اعادة الانتشار السوري ... ودمشق مقتنعة بعدم جدوى سياسة فرق تسد ... وإطلاق جعجع يريح صفير والساحة المسيحية". جورج حاوي يشرح ل "الحياة" اقتراحه عقد مؤتمر وطني لبناني يرعاه رئيس الجمهورية
المبادرة التي أطلقها الأمين العام السابق للحزب الشيوعي اللبناني جورج حاوي لعقد مؤتمر وطني للحوار برئاسة رئيس الجمهورية اميل لحود ورعايته ستخضع لرصد قوى سياسية لمعرفة امكان نجاحها بعد الجولات الكثيفة التي يقوم بها على المرجعيات السياسية والمسؤولين لاطلاعهم عليها من اجل تبنيها. وأكد حاوي في هذا الصدد ل"الحياة" انه سيرفع تقريراً في نتائج اتصالاته ولقاءاته الى الرئيس لحود مع اقتراح ورقة عمل تمهيداً لعقد هذا المؤتمر. وما لم يعلنه حاوي ضمن اطار مبادرته وبقيت بعيداً من الأضواء هو انه التقى في مبادرة مزدوجة السيدة ستريدا سمير جعجع وسيلتقيها اليوم الاثنين ومع مسؤولين سوريين ولبنانيين من اجل بحث طريقة اطلاق جعجع اضافة الى عودة العماد ميشال عون تمهيداً لعقد المؤتمر "اذ ان هناك استحالة على ما قال في ارضاء الساحة المسيحية في وقت يتم تجاهل القوات اللبنانية واطلاق رئيسها". وفي حين تفضل السيدة ستريدا والقواتيون البقاء بعيداً من الاضواء والتصاريح الاعلامية، كشف حاوي ان ستريدا حينما عرض عليها الموضوع طلبت منه العمل على اطلاق زوجها لا تحسين ظروف سجنه التي قال ان المعلومات التي تحدثت عن ذلك هي "من فبركة الاجهزة وليست حقيقة". وأشار الى ان المسؤولين السوريين الذين راجعهم في هذه القضية رحبوا بهذا المسعى، وسمع منهم كلاماً مفاده ان هذا الأمر متوقف على قرار السلطات اللبنانية المعنية القضائية والاجرائية. وهنا نص الحديث: بدأتم منذ مدة جولة على المرجعيات السياسية والمسؤولين لتحريك مبادرة عقد مؤتمر وطني بعد التشاور مع رئيس الجمهورية اميل لحود. هل سيرأس رئيس الجمهورية المؤتمر وما هي الأسباب التي استدعت تأييده لمبادرتك الآن فيما كان غير متحمس لها سابقاً؟ - اقتراحي يتضمن ان يرعى الرئيس هذا المؤتمر ويرأسه في قصر بعبدا على ان يكون مؤتمراً شامل التمثيل لكل القوى السياسية والحزبية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وممثلي المجتمع المدني، ويؤكد الثوابت الوطنية والقومية أولاً، ويبحث في تعديلات اتفاق الطائف في ضوء تجربة 12 عاماً من التطبيق ثانياً، وتشكيل الهيئة العليا لالغاء الطائفية السياسية وفق ما نص عليه الطائف ثالثاً. ورحب فخامة الرئيس بالاقتراح، في اعتقادي، انطلاقاً من ثلاثة أسباب: المتغيرات الاقليمية بعد احتلال العراق وتحول اميركا الى حاكمة لاحدى اهم الدول العربية، وازدياد الضغوط على سورية وإيران ولبنان ودول المنطقة التي لا تزال ترفض الانصياع للأمر الاميركي وما يتطلبه ذلك من ضرورة اراحة الموقف السوري من عبء الازمة اللبنانية ليتحول لبنان ظهيراً لسورية بدل ان يكون عبئاً عليها ووسيلة ابتزاز لها. هذا الأمر يعني ان فراغاً ما سيحصل نتيجة استمرار ما بات اكيداً من اعادة الانتشار السوري وصولاً الى التطبيق التام للطائف، وان دوائر ما في لبنان وفي الغرب تتهيأ لتدعو اميركا الى ملء هذا الفراغ في وقت يفترض ان يملأ اللبنانيون بأنفسهم الفراغ الناجم عن الخلل في المعادلة الاقليمية والدولية بمساندة سورية وبالانفتاح على الدول العربية والعالم. اما السبب الثاني فهو التخبط الذي يعانيه الحكم بفعل زيادة حدة الازمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، بل والاخلاقية، في لبنان حيث تتهافت السياسة وتبرز المصالح الشخصية والطائفية والمذهبية اكثر من أي وقت، وتجري خلافات على طرق الحكم وتحضير جدول اعمال مجلس الوزراء ومن يرأس اجتماعات المجلس وعلى التصويت داخله وغير ذلك من التفاصيل، اضافة الى ازدياد حدة الازمة الاقتصادية وفشل سياسات المعالجة "الاكروباتية" المالية للأزمة في "باريس - 2" او في بعض اجراءات المصرف المركزي والتي اوقفت الانهيار من دون أن توقف الانحدار نحو الهاوية. وشعور الرئيس بأن الازمة كبيرة ولا تحل في اطار تقليدي ربما كان وراء تبنيه وترحيبه بفكرة ان يجري بحث حل شامل لمعالجة الامور المختلفة بما فيها الخطط الاقتصادية الكفيلة باخراج البلاد من ازمتها. اما السبب الثالث، فربما كان بسبب طبيعة ما أمثله من قوى غير طائفية تطرح لهذا المؤتمر افقاً علمانياً ديموقراطياً وليس محاصصة طائفية جديدة. صحيح انني ادعو الى مشاركة كل الاطراف ولكن بأفق تخطي الطائفية لا بأفق الغرق في مستنقعها. وهذه الطبيعة تنسجم مع فكر رئيس الجمهورية الذي لا يحب الطائفية ويبحث عن سبل للخروج من المستنقع الطائفي، ولكنه لا يجدها في اطار الصيغة الراهنة للعلاقات بين المؤسسات ولبنان. وربما وجد ذلك في اقتراح يتقدم به شخص علماني على صلة بجميع الاوساط من موقع العروبة والعداء لاسرائيل والدعوة الى علاقات مميزة مع سورية وتصحيح هذه العلاقة بما يجعلها علاقات ند للند، وليس علاقات وصاية وسيطرة، ومن شخص ذي ثقافة علمانية ديموقراطية تلتقي مع افكار الرئيس الذي من مصلحته ان ينهي عهده بانجاز يسجل له تاريخياً بعدما كاد يتبخر بل تبخر انجاز التحرير بفعل وحول عدم التغيير في الداخل. لكن الرئيس لحود يرى ان الحوار الوطني يتم من خلال المؤسسات عبر مشاريع قوانين في اطار اتفاق الطائف. هل تعود موافقته على المؤتمر الوطني الى ان هذه المشاريع قانون الانتخاب - قانون اللامركزية... يتأخر اقرارها وبالتالي فضل فكرة المؤتمر؟ - اقتراحي ليس بديلاً عن المؤسسات، ولكن، بصراحة، لو ان المؤسسات كانت تمثيلية حقاً وكان دورها سليماً لما كانت الامراض بمثل هذه الخطورة وهذا الاتساع. الوضع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والاداري والثقافي والاخلاقي المتدهور يثبت ان المرض يقوم في المؤسسات وليس خارجها، علماً انه موجود في المجتمع أيضاً. للمؤسسات دور ولكن حتى تقوم بدورها لا بد من مناخ واطار ونفس سياسي غير نفس الانقسام الطائفي الذي حصل وطبع صراع الحكم والمعارضة، فالحكم ذو المنحى الطائفي افرز معارضة ذات منحى طائفي أيضاً وجعلها غير قادرة على تشكيل البديل، ولم تستطع "قرنة شهوان" التي شكلت حالاً اعتراضية سليمة لم ولن تستطيع ان تتحول الى بديل لنظام متعدد الطوائف او لاطائفي في المستقبل، وبالتالي ما اقترحه هو ان يجري التوافق على المقومات الرئيسية لبناء البلد ككل، وبناء المؤسسات القادرة على حل القضايا المستقبلية في البلد. اقترح وفاقاً في المجتمع وليس في حكومة، لأن من يقصر الوفاق الوطني على حكومة وفاق وطني يجعله عرضة للزوال اذا استقالت هذه الحكومة. نريد وفاقاً وطنياً في المجتمع قد يختلف على أدوات تطبيقه الحكم والمعارضة، ولكن يلتقيان على خدمة الوطن. نريد فرزا بين من هو وطني ولا وطني، وليس بين معارض للحكم او غير معارض. ووفق هذه الأمور تصب اقتراحاتي في تثبيت الثوابت الوطنية والقومية التي اكدها الطائف، ولكن في ضوء تجربة التحرير وتجربة المتغيرات الاقليمية، وخلق مناخ يساعد المؤسسات على التطور خصوصاً عبر البحث في قانون انتخابي جديد في اسسه وتحويل هذه الاقتراحات لاحقاً الى المجلس النيابي والى مجلس الوزراء ليجري تعميقها وتفصيلها وصياغتها وإقرارها في صيغة دستورية. لا بد ان انطباعات تكونت لديك من خلال جولتك على الاطراف. هل من تحفظات؟ - لا توجد تحفظات، بل حذر. اولاً هناك مناخ من الترحيب العام ناجم عن الاعتراف بأن هذا هو الحل وان ما يجري هو خطأ من ممارسات الحكم والمعارضة، وان البلاد على قاب قوسين او ادنى من الانهيار خصوصاً في ظل تطورات اقليمية نتيجة تزايد الضغوط الخارجية. هذا الاجماع على اعتبار ان الحل هو في الوفاق الوطني، خطوة بالغة الايجابية بالنسبة الى كل الذين التقيتهم ويمثلون معظم اللبنانيين، اما الحذر فيشمل جوانب عدة، فالبعض يشكك في امكان مثل هذا الاجراء، ويعتبر ان دولاً كبرى وفي ظروف اقل خطورة لم تستطع ان تنجز مثل هذا الأمر. انا قلت هذا ليس مشروع شخص، بل مجرد اقتراح لن يأخذ طريقه الى الحياة الا اذا تم تبنيه من جانب رئيس الجمهورية ورئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس الحكومة رفيق الحريري والمؤسسات الدستورية والرأي العام اللبناني بكل مكوناته. المصدر الثاني للحذر ان عدداً من الاطراف المعارضة لا تريد ان يتحول الحديث عن هذا المؤتمر او عقده مجرد واجهة يستهدف من خلالها التمديد لرئيس الجمهورية او التجديد له، في حين ان ما هو مطروح يتخطى هذا التكتيك القصير النظر ليطاول بناء الوطن، وبالتالي المطروح هو الحؤول دون التجديد للأزمة وفتح المجال امام الحل. وهناك اطراف ثالثة تتحفظ في انتظار موقف سورية إذ يعتبر هؤلاء ان هذا الاقتراح سيأخذ طريقه الى التنفيذ اذا تبنته القيادة السورية واقتنعت به وعملت لتنفيذه، وهذا في رأي البعض يتطلب اعادة النظر في استراتيجية سورية حيال لبنان وفي تكتيكاتها. الكل يلاحظ الآن تغيراً ايجابياً في مواقف الرئيس بشار الأسد من احترام الطائف والشرعية اللبنانية الى الممارسة الميدانية. وفي لقاءاتي المتعددة مع العميد رستم غزالي ولمست هذا التغير من خلال الاحترام الذي يبديه لرأي الاوساط اللبنانية، فعلى سبيل المثال بدأت البحث في هذا الموضوع معه فاستمع بإيجابية ولم يبد رأياً وحوّلني الى المراجع المختصة، وتوسط لأخذ موعد لي مع رئيس الجمهورية من دون ان يبدي رأياً، وقال ان هذه امور يجب ان تبحث مع رئيس الجمهورية ومع المعنيين اللبنانيين. هذا التغير تكامل مع التغير في النظرة الاستراتيجية. ولأقلها، بصراحة، ان سورية كانت في السابق على شيء من التواطؤ مع الطبقة السياسية اللبنانية، اعطونا موقفاً في الصراع العربي - الصهيوني وفي المقاومة وخذوا ما ملكت ايديكم في هذه البلاد طوائف وحصصاً وقسماً من الجبنة وتشبيحاً وسواه، وهو الأمر الذي جعل العلاقات اللبنانية - السورية تقف على فوهة بركان أو على رمال متحركة تغوص فيها العلاقات النقية المفترضة بين القطرين خصوصاً في مواجهة الاخطار الخارجية. هذه الرؤية تغيرت وباتت مقتنعة بأن هذه العلاقات تتطلب بناء وطنياً لبنانياً قوامه التماسك الداخلي. ان سياسة فرِّق تسد لم تعد السياسة الملائمة لصمود لبنان وسورية في آن، بل ان وحّد تسد هي السياسة الملائمة. اذا تأكد هذا التحول برأي البعض، وأنا منهم، سنجد انفسنا امام مرحلة جديدة، نحن مطالبون فيها بأمرين متلازمين، الأول تسوية تاريخية لبنانية - لبنانية لصوغ وطنية لبنانية تمر مباشرة في علاقة بين المواطن والوطن لا عبر الطائفة والمذهب، ثم تسوية تاريخية لبنانية - سورية ترتقي بالعلاقات المميزة الى مرحلة الأخوة لا الى مستوى الدونية وانتقاص السيادة والتبعية والتواطؤ. لا اعلق على هذا التغير أهمية كبيرة من جانب المسؤولين اللبنانيين، لأن الطبقة السياسة اللبنانية، وللأسف، اتصفت تاريخياً بميل نحو استشارة المرجعيات الخارجية، والقسم الأساسي منها بل كلها ربما يتحين شروط انتقال مركز القرار من دمشق الى واشنطن أو سواها لينقل البندقية ويطعن دمشق في الظهر. وليس مهماً كثيراً في اوساط الحكومة ان يصبح الأمر في السفارة الاميركية في عوكر او ان يبقى في عنجر، بل لأن هناك فئة من اللبنانيين تطيع اي مركز قرار خارجي يقول الأمر لي وتمشي وراءه. انا لا اعلق اهمية على هذه المواقف بل على تغير النظرة الاستراتيجية لسورية حيال الحالة اللبنانية بما تتطلبه المواجهة القاسية التي تجري في المنطقة مع مشاريع الهيمنة الخارجية. هل تلقى الدعوة دعماً سورياً؟ - علمت انهم يتابعون وحتى الآن لم أحصل بعد على شجب او دعم. ربما هم يراقبون ردود فعل الأوساط اللبنانية، لأن هذه الخطوة في النهاية لن تتم الا بارادة اللبنانيين. البعض يسألني ما هو موقف واشنطن؟ قلت لهم انا لست معنياً بهذا الأمر، فليبحث الحريصون على دور اميركي مع الاميركيين، والبعض ويقول ان مثل هذا المؤتمر لا بد له من توافق سوري - أميركي، فكان ردي ان هذا المؤتمر لا بد له من توافق لبناني - لبناني ومن تفاهم سوري. ماذا يشمل جدول اعمال مؤتمر كهذا. هل سيتطرق الى قضايا حساسة مثل عودة العماد ميشال عون واطلاق الدكتور سمير جعجع اضافة الى ما ذكرت عن موضوع العلاقة مع سورية والوجود السوري؟ - قبل المؤتمر وفي المرحلة التمهيدية يجب ان يفرج عن الدكتور جعجع. وجرى التفاوض مع العماد عون وتحققت شروط مريحة وسليمة لعودته ليشارك في هذا الحوار لأنني على قناعة بأن الكل في لبنان مدرك لخطورة هذه المرحلة، و"القوات اللبنانية" عبّرت عن ذلك بوضوح على لسان السيدة ستريدا جعجع في القداس الذي اقيم في بكركي قبل شهر في حضور البطريرك صفير من انها تحت سقف بكركي اي تحت سقف الطائف والوفاق، وبكركي الآن طليعية في مقررات المجمع الماروني وفي مد يدها الى الداخل والى سورية من اجل وفاق لبناني - لبناني ووفاق اخوي وودي لبناني - سوري، وأنا اعتقد ان المواقف السلبية للعماد عون ناجمة عن المواقف السلبية منه، فهو مرفوض وليس رافضاً، وإذا ما اتيح له المجال للعودة الكريمة بعيداً من الابتزاز للمساهمة في بناء الدولة من موقع المعارض وله حق في ذلك، ولكن ضمن احترام القوانين والأنظمة الشرعية المعنية في لبنان، فأعتقد انه سيرحب بهذا الأمر لأنه مبعد وليس مبتعداً. اما اذا ثبت بالممارسة انه يفضّل خياراً آخر وله رهانات اخرى حتى وإن فتحت امامه طرق الرهان الداخلي سيكون هو المسؤول عن رهان يجمع اللبنانيون على خطورته. أدعو الى ان يكون صدر الدولة اللبنانية مفتوحاً للجميع ليساهموا في صوغ الثوابت الوطنية والقومية والقواسم المشتركة لبناء المجتمع ثم ننقسم بين حكومة ومعارضة يسهم كل من موقعه في تعزيز منعة هذا المجتمع اللبناني. نفهم من كلامك أنك ستجري اتصالات مع العماد عون قبل عقد المؤتمر؟ - حتماً. اما بالنسبة الى الدكتور جعجع فأنا من أنصار اطلاقه بعفو من رئيس الجمهورية وقبل ذلك تحسين ظروف سجنه لأنها الآن مذلة لا يقبل بها العقل والضمير ولا القيم الاخلاقية والمبادئ الدولية، فلماذا نبقي ثغرة يمكن ان يتدخل منها الخارج ليشهّر بعدالتنا ولماذا لا نسد هذه الثغرات في ظل العاصفة الموجودة، وهل يجب دائماً ان لا تحصل الاصلاحات الا تحت العصا؟ ألا يمكن للمسؤول ان يبادر في تطبيق القانون من دون استنسابية؟ ندعو الى هذه المعاملة على طريق تطوير المساعي لاطلاق جعجع. التقيتم السيدة ستريدا جعجع وأفاد بعض الانباء انك نقلت منها مطالب لتحسين اوضاع الدكتور جعجع في السجن، وانك حصلت على تجاوب في بعضها. ما هي تحديداً؟ - نعم التقيتها وسألتقي بها الاثنين اليوم. لكن أقول لك بصراحة حصل دخول جهازوي أمني على الخط الاعلامي في شكل مشوه والسيدة ستريدا اعتقدت انني سربت الخبر، وأنا اعتقدت انها سربته، ولكن كلانا كنا ضحية تسريب تخريبي. أول ما في هذا الخبر من خلل انني توجهت الى المسؤولين السوريين مطالباً بالافراج عن جعجع علماً انني اعرف ان المسألة لبنانية، والحقيقة انني توجهت الى المسؤولين اللبنانيين ثم اطلعت المسؤولين السوريين على هذا المسعى فقابلوه بارتياح. وثانياً قيل ان وضع جعجع حسّن نتيجة هذا المسعى وهو ليس صحيحاً، وثالثاً جرت محاولة لتصوير ان ستريدا تكتفي الآن بمطلب تحسين ظروف سجن جعجع وليس اطلاقه وهذا غير صحيح. اذاً هناك فبركة أنصح القائمين بها الا يتمادوا. من دخل على خط فبركة الخبر بالتحديد؟ - الاجهزة او بعض السماسرة، لأن كل قضية في لبنان تجد سماسرة يسعون الى لعب دور في حلها حتى يظهروا في الصورة. ادعو الى ان تحترم مشاعر الناس في مثل هذه القضايا الانسانية. ماذا دار خلال اللقاء مع السيدة ستريدا. هل طرحت مطالب معينة؟ - طالبت باطلاق زوجها. وهل طلب منك نقل هذا المطلب الى المسؤولين اللبنانيين او المسؤولين السوريين؟ - لا، أنا تطوعت الى هذه المهمة فشكرتني وقالت نحن نرحب بأي تحسين في شروط اعتقال سمير جعجع، ولكن مطلبنا الأساسي هو الافراج عنه وإعادة الاعتبار الى "القوات اللبنانية". وعندما اطلعت المسؤولين السوريين على هذه المطالب ماذا كان الرد؟ - استمعوا بكل ايجابية وقالوا ان الأمر متوقف على قرار السلطات اللبنانية المعنية القضائية والاجرائية، وبعد هذا الاتصال اجريت اتصالات مع السلطات القضائية اللبنانية التي هي في صدد بحث الموضوع. وماذا لمست من خلال هذا الاتصال؟ - هناك حكم، والبعض يطرح ان العفو لا يمكن ان يصدر بمعزل عن مسألة الحق الشخصي. وأنا قلت ان هذا الأمر اذا وقف عند هذا الحد سأتطوع لرؤية أسر من يتهم سمير جعجع باغتيالهم لاقناعهم بأن شأنهم شأن سائر اسر اللبنانيين الذين ذهبوا ضحية جرائم الحرب الأهلية، اذ ان احداً لم يتوقف في السابق عند الجانب الشخصي من الجريمة، الكل نظر نظرة وطنية، لا اهل الشهيد كمال جنبلاط ولا أهل الشهيد حسن خالد ولا أهل الشهيد بشير الجميل ولا أهل الشهيد رينيه معوض ولا أهل الشهيد صبحي الصالح. ورب قائل ان محاكمة حصلت هنا ولم تحصل هناك، لكن الكل يعرف من يقف وراء تلك الجرائم والكل ينظر الى الأمام لا الى الوراء، والمهم ان تكون العقوبة للاصلاح لا للانتقام. وعندما تتحول العدالة الى انتقام وانتقائية تفقد صدقيتها. ما هو هدف اللقاء الاثنين مع السيدة جعجع؟ - اللقاء هو لعرض على من تمثل فكرة المصالحة الوطنية والمؤتمر الوطني للحوار، والموضوع الجانبي سيكون جزءاً من مبادرتي لاطلاق الدكتور جعجع وعلى طريق ذلك تحسين شروط اعتقاله. ألم تطرح عليك ابلاغ مطالبها الى المسؤولين السوريين؟ - هي استمعت وأبدت وجهة نظرها، وأكدت انها تحت سقف البطريرك صفير وبكركي. وهل لمست منها ارتياحاً للمسعى الذي تقوم به؟ - أعتقد ذلك، لا شك انها مرتاحة، وليس هي فقط، وليس سراً ان اكثر الذين يوصفون بالتطرف الاسلامي عندما فاتحتهم بهذا الأمر كانوا مرتاحين، وقابلت الجميع من أقصى اليمين الى اقصى اليسار ومن كل الطوائف وعرضت هذه الافكار على الجميع ولم اجد احداً معترضاً في المبدأ إلا في ما يتعلق بالاجراءات والشكليات. يتردد ان هناك جهوداً لمعالجة هذا الموضوع بعيداً من الأضواء، اذ يلاحظ منذ مدة طويلة عدم صدور أي موقف من جانب السيدة ستريدا أو من جانب القوات من شأنه التأثير في القضية ولا من جانب فاعليات اخرى؟ - هناك حال عقل تسود الساحة المسيحية، وموقف بكركي ليس خارج الزمان والمكان، فلا أحد يريد العودة الى الحرب الأهلية، لا القوات ولا العماد عون ولا الرئيس أمين الجميل، والجميع يطالب بتطبيق الطائف تطبيقاً منسجماً غير انتقائي في جانبه الداخلي المتعلق بالعلاقات الداخلية وفي جانبه الخارجي المتعلق بالعلاقات اللبنانية - السورية، والكل يقر بضرورة توطيد علاقات الأخوة والتعاون مع سورية ضمن اطار الندية والسيادة وبعدائية الكيان اللبناني بطبيعته للكيان الصهيوني العنصري، وباحتضان المقاومة ويفخر بها، ولم تعد هناك وسيلة لحماية المقاومة الا الوحدة الوطنية اللبنانية. ان جبة بكركي يجب ان تحمي كل الذين حملوا السلاح للدفاع عن استقلال لبنان ولعبوا دوراً اساسياً في تحرير جنوبه لأن سلاحهم كان ايضاً دفاعاً عن سيادة بكركي اي سيادة لبنان. وفي هذا المفهوم الشمولي ادعو اللبنانيين الى شيء من النقد الذاتي عن التجربة السابقة. وان طاولة للمفاوضات الحرة بين اللبنانيين ستكون المناسبة لتقديم التنازلات المتبادلة لا من طائفة ومن حزب لآخر بل من الجميع الى الوطن. هل وضعت البطريرك صفير في جو المساعي التي تقوم بها؟ - البطريرك صفير اكثر المرحبين والفرحين والمتفهمين وهو في حاجة الى شركاء لا الى مدّاحين كانوا شتامين ويمكن ان يصبحوا شتامين في المستقبل، فكفى دجلاً وعلى هؤلاء ان يمدوا أيديهم الى البطريرك لأن يده اذا تعبت ونزلت رغماً عنه فوضع البلاد لن يكون في حال يحسد عليها... ولا شك في ان هناك خطوتين ستجدان موقعهما لدى البطريرك، كما شعرت، هما اطلاق الدكتور جعجع وعودة محطة "ام تي في" المتوقفة. هذان الاجراءان سيريحان الساحة اللبنانية الديموقراطية عموماً والساحة المسيحية خصوصاً، وأنا أثق في ان المنطق الجديد الذي يجري التعاطي به مع رئيس الجمهورية بصفته أباً لكل اللبنانيين يجب ان يقابل ايضاً بخطوة كريمة وان كان القضاء هو الأساسي فيها، لكن توجيهاته الى المعنيين في الشأن القضائي يمكن ان تجد آذاناً صاغية. وبالنسبة الى عقد المؤتمر هل ستضع العماد عون في اجواء التحرك الذي تقوم به؟ - الآن سنستنفد الاتصالات هنا، وفي ضوء تأكدي من ان هناك نيات حقيقية واتفاقاً حقيقياً على ذلك سأتوجه الى مفاوضة عون. الامر الآن في ملعب المعنيين باتخاذ القرار في السلطة اللبنانية ومن ورائهم في ملعب الرئيس بشار الأسد الذي اثق في ان كلمته ستكون لمصلحة وحدة لبنان وعلاقاته المميزة مع سورية.