اكدت مصادر وزارة الخارجية الاميركية امس ان مشروع قانون محاسبة سورية بات يحظى بتأييد غالبية مجلسي الشيوخ والنواب في الكونغرس، وأن التصويت عليه بات مسألة وقت بعد الانتهاء من الاستماع الى شهادات يتوقع ان تضمن غالبية اكبر لفرض عقوبات اقتصادية وسياسية اضافية على سورية. وقالت المصادر ل"الحياة" إن 63 من اعضاء مجلس الشيوخ و 238 على الاقل من اعضاء مجلس النواب ايدوا مشروع القانون الذي يدعو سورية الى انهاء "احتلالها" للبنان ووقف "دعمها للارهاب" و"انهاء برنامجها لتطوير اسلحة للدمار الشامل". في غضون ذلك، أكد مسؤولون أميركيون أن وكالة الاستخبارات المركزية سي آي أي ودوائر استخبارات أخرى تمكنت من وقف تحذير شديد كانت ادارة الرئيس جورج بوش على وشك اصداره ضد سورية هذا الأسبوع بشأن أسلحة الدمار الشامل. وذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" أن "سي آي أيه" ودوائر اخرى من الاستخبارات اعترضت بقوة على نص لافادة كان يفترض ان يدلي بها وكيل وزارة الخارجية لشؤون نزع السلاح والأمن الدولي جون بولتون، يوم الثلثاء الماضي. ويعتبر بولتون من أشد المعادين لسورية في الادارة الحالية، ويصنف ضمن جناح "المحافظين الجدد" النافذ فيها. وقال مسؤولون من الحكومة والكونغرس للصحيفة أن تأجيل الكونغرس الاستماع الى بولتون يُعزى جزئياً الى خلاف على مقطع في القسم السري من الافادة يدعي بأن تطوير سورية للأسلحة الكيماوية والبيولوجية بلغ حد تهديد استقرار الشرق الأوسط. ويأتي الخلاف الحالي في سياق المواجهة بين دوائر الاستخبارات الأميركية وادارة الرئيس بوش على قضية أسلحة الدمار الشامل العراقية. وقال مسؤولون حكوميون أن المواجهة دفعت "سي آي أي" وغيرها من الوكالات الى اخضاع افادة بولتون الى تدقيق شديد. وأقرّ مسؤول في وزارة الخارجية مشترطاً عدم ذكر اسمه بأن بولتون طلب تأجيل اجتماع الكونغرس بسبب عدم توفر الوقت الكافي لحل الخلاف مع الاستخبارات على مسودة الافادة. ورفض ناطق باسم "سي آي أي"التعليق على القضية. إلا أن مسؤولاً حكومياً أشار الى أن الوكالة أوضحت اعتراضاتها على موقف بولتون في شكل غير رسمي في وثيقة من 35 صفحة. وقال مسؤول آخر أن افادة بولتون عن سورية تجاوزت بكثير كل ما كانت الادارة الأميركية اعلنته عن برامج سورية لأسلحة الدمار الشامل. وكان بولتون أثار ضجة مشابهة في أيار مايو 2002 عندما اتهم كوبا بامتلاك أسلحة بيولوجية. واستمرت التساؤلات الى ان نفى مسؤول استخباراتي في الخارجية وجود أي معلومات تدعم الاتهام. لكن مصادر الخارجية أبلغت "الحياة" انها لا تستبعد ان بناقش الكونغرس قريباً المشروع الذي سيفرض حظراً اقتصادياً وعقوبات اخرى على سورية. ومعروف ان وزارة الخارجية كانت احبطت في العام الماضي جهداً مماثلاً ضد سورية في الكونغرس لعدم رغبتها في خلق ازمة جديدة في الوقت الذي كانت الازمة العراقية تستحوذ على إهتمام واشنطن. إلا ان وزارة الدفاع بنتاغون وكبار المسؤولين العسكريين أصروا على وجود معلومات استخبارية تشير الى تورط سورية بدعم تنظيمات تعتبرها واشنطن ارهابية، وكذلك تورطها في ارسال متطوعين لمقاتلة القوات الاميركية في العراق "قبل الحرب وخلالها وبعدها". وكشفت صحيفة "واشنطن تايمز" اليمينية الاسبوع الماضي ان الحكومة السورية تسعى الى توظيف شركة اميركية للعلاقات العامة بهدف تحسين صورتها لدى الرأي العام الاميركي ومحاولة احباط مشروع القانون في الكونغرس. وقالت الصحيفة إن شركات عدة رفضت التعامل مع الحكومة السورية خوفاً من خسارة عقود ابرمتها مع حكومات ومؤسسات اخرى لا ترغب في ان تكون سورية من ضمن الزبائن الذين تتعامل معهم تلك الشركات. واوضحت ان دمشق لم تنجح حتى الآن في التعاقد مع اي شركة اميركية للعلاقات العامة. وحذرت مصادر وزارة الخارجية الاميركية من ان استمرار سورية في "تجاهل المطالب" الاميركية سيؤدي الى فرض عقوبات غير مسبوقة عليها. واوضحت ان على دمشق "اتخاذ خطوات دراماتيكية لا يرقى اليها الشك" لطمأنة واشنطن الى انها قررت التزام تنفيذ مطالبها كخطوة لا بد منها لوقف إقرار مشروع القانون.