عمدت اسرائيل، جرياً على عادتها في استقبال مسؤولين اميركيين كبار، الى خفض مستوى التوقعات من زيارة مستشارة الامن القومي في البيت الابيض كوندوليزا رايس، والى رفع درجة التشاؤم حيال فرص تحقيق وقف "حقيقي" للنار الفلسطينية بزعم توافر عشرات الانذارات لدى اجهزتها الامنية بنية الفلسطينيين تنفيذ هجمات مسلحة وعمليات تفجيرية "ما يدلّل الى ان الهدنة المتوقع الاعلان عنها لن تصمد طويلاً". وعاودت مصادر سياسية مسؤولة الترويج للموقف الاسرائيلي الجديد الذي بلوره رئيس الحكومة ارييل شارون ووزير دفاعه شاؤول موفاز والقائل بأن الهدنة لا تعني اسرائيل وانها مسألة فلسطينية داخلية لا تلزمها. واضافت ان شارون سيطالب رايس بضمانات اميركية بتفكيك التنظيمات الفلسطينية المسلحة في المناطق التي سيتم فيها تسليم المسؤولية الامنية للسلطة الفلسطينية "تنفيذاً للاستحقاقات الواردة في خريطة الطريق". وزادت ان تل ابيب تتوقع تجاوباً اميركياً مع مطلبها في اعقاب التصريحات الاخيرة للرئيس جورج بوش التي دعا فيها الى وجوب تفكيك البنى التحتية ل"حركة المقاومة الاسلامية" حماس فعلاً لا قولاً والتي اعقبتها مطالبة رايس اول من امس الاتحاد الاوروبي باضافة الحركة، بشقيها السياسي والعسكري الى لائحة "التنظيمات الارهابية". وقالت المصادر ان رايس ستوضح لرئيس الوزراء الفلسطيني محمود عباس موقف الولاياتالمتحدة الرافض قطعاً اشراك "حماس" في اي عملية سياسية متوقعة. وذكرت مصادر صحافية اسرائيلية مطلعة ان اسرائيل لن تتنازل عن اشتراطها الانسحاب من غزة وبيت لحم بتقديم الفلسطينيين خطة امنية تفصيلية في شأن نشاطها المزمع لضرب البنى التحتية للفصائل المسلحة تتضمن جدولاً زمنياً واضحاً وآلية مراقبة التنفيذ. وكتب المعلّق السياسي في صحيفة "معاريف" حيمي شاليف في هذا الصدد يقول ان ما "يقلق" قادة الجيش الاسرائيلي هو تكبيل يديه "اذا حافظت حماس على الهدوء ما سيمكّنها من التسلّح والتنظيم مجدداً لاستعادة قوتها". واضاف ان المسؤولين في مكتب رئيس الحكومة الذين يشاطرون القيادة العسكرية رأيها في وجوب مواصلة استهداف قادة حماس وناشطيها مقتنعون بأنه اذا زوّدت اسرائيل الاميركيين اثباتات استخباراتية قاطعة عن تعاظم قوة "حماس" فان الولاياتالمتحدة ستمنح الجيش الاسرائيلي يداً طليقة باداء المهمة بنفسه وان تصريحات بوش هذا الاسبوع "تعزز الثقة الذاتية في مكتب شارون". وتكتب الصحيفة في مكان آخر ان الاستخبارات الفلسطينية نقلت في الايام الاخيرة معلومات استخباراتية لنظيرتها الاسرائيلية، عبر وكلاء الاستخبارات الاميركية سي آي اي عن نية ناشطين مسلحين تنفيذ عمليات، وذلك لتقوم بإحباطها. واضافت ان ثمة ارتياحاً لدى الاسرائيليين لاستئناف التنسيق الامني بين الجانبين "لكنه ما زال بعيداً عن المستوى الذي يطمح اليه الاسرائيليون". من جهته كتب المعلّق السياسي في صحيفة "هآرتس" الوف بن ان مردّ الموقف الاسرائيلي المعارض للهدنة من جانب الفصائل الفلسطينية "خشية المستوى السياسي ان تقذف الهدنة الكرة الى الملعب الاسرائيلي وستصبح اسرائيل مطالبة بأداء قسطها في خريطة الطريق، في الطريق الى دولة فلسطينية".