"غير معقول". ترددت العبارة على أفواه الجميع امس بعدما وصف ارييل شارون رئيس وزراء اسرائيل واكبر المدافعين عن اقامة مستوطنات يهودية على اراض فلسطينية سيطرة اسرائيل على اراض في الضفة الغربية وقطاع غزة بأنها "احتلال". اذهلت العبارة الاسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء ووقعوا في حيرة من امرهم: هل غير شارون اتجاهه ام ان هذه مجرد خطوة تكتيكية لارضاء الولاياتالمتحدة حليف اسرائيل الرئيسي؟ كانت تصريحات شارون اول من امس بمثابة قنبلة عندما دافع عن قبول حكومته اليمينية ل"خريطة الطريق" التي تدعو الى اقامة دولة فلسطينية بحلول عام 2005 على الاراضي التي احتلتها اسرائيل عام 1967. وامام مجموعة من اعضاء الكنيست من حزب "ليكود" قال شارون في تصريحات بدت وكأنها تصدر عن احد نشطاء السلام في اسرائيل: "نحن لا نحب الكلمة لكن هذا احتلال. أن نبقي على 5،3 مليون فلسطيني تحت الاحتلال أمر سيء لاسرائيل وللفلسطينيين". وكان القائد العسكري السابق البالغ من العمر 75 عاما يطلق على الضفة الغربية الكثير من الصفات منها "ارض اسرائيل التوراتية" و"أرض الاجداد" ولكنه لم يشر اليها ابدا باعتبارها اراضي "محتلة"، وهو الوصف الذي يستخدمه الفلسطينيون. قال واحد من متابعي تصريحات شارون يتحدث عادة مع رئيس الوزراء الاسرائيلي: "انه لا يعتقد حقا في اعماقه ان بالامكان فعل اي شيء في الوقت الذي ما زال فيه الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات موجودا". وأضاف: "لذا فانه يقول... لماذا اكون انا الطرف الذي يخيب امل الاميركيين وأكون انا الرافض دائما لخطوات السلام. انه لا يعتقد في اعماقه ان المستوطنات ستخلى لان الفلسطينيين هم الذين سينسفون الاتفاق". ومنذ تولي شارون منصبه عام 2001 تزايد الجدل حول الطريقة التي سيتمكن بها من تنفيذ وعده بتقديم "تنازلات مؤلمة" والتي لم يعلن ابدا عنها في سبيل تحقيق السلام. وخلال العشرين عاما الماضية لاحقت شارون مزاعم بأنه خدع مناحيم بيغن رئيس وزراء اسرائيل ابان غزو لبنان عام 1982 في ما يتعلق بمدى الغزو الذي خطط له، الا ان شارون ينفي انه ضلل بيغن. وفي الوقت ذاته تزايدت التكهنات بأن الرجل الذي يطلق عليه لقب "البلدوزر" يعتزم في آخر سنواته دخول التاريخ من أوسع الابواب من خلال تصوير نفسه على انه رجل سلام وأنه يسعى للتشبه ببيغن الذي أعاد شبه جزيرة سيناءالمحتلة الى مصر. وما ادى الى استخلاص نتائج متضاربة من اجتماع ليكود تعمد شارون ان يجمع بين مساندته ل"خريطة الطريق" وتهديده بأنه لن يمضي قدما في الخطة اذا لم يوقف الفلسطينيون العنف ضد الاسرائيليين. ومضى يقول: "اذا استمر الارهاب لن يحصل الفلسطينيون على شيء". ويترقب الاسرائيليون الموقف في الوقت الذي تقترب فيه قمة في الاسبوع المقبل مع الرئيس الاميركي جورج بوش ورئيس الوزراء الفلسطيني محمود عباس ابو مازن. وكتب المعلق السياسي حيمي شاليف في صحيفة "معاريف" الاسرائيلية يقول: "الشيء الرائع في شارون هو انه حتى اليوم... يمكنه ان يحرك الجميع بكل مهارة". واضاف: "لا احد يعلم على وجه اليقين ما اذا كان شارون قد ولد من جديد وأصبح صانعا للسلام أم انه ما زال الذئب العجوز المتنكر في ملابس حمل". وفي تعليقه على استخدام شارون كلمة "احتلال" استخدم صائب عريقات عضو المجلس التشريعي الفلسطيني الجملة ذاتها التي اعتاد شارون التصريح بها عند الحديث عن الفلسطينيين قائلا: "نريد ان نرى افعالا لا ان نسمع اقوالا".