تواصلت حتى ساعات متقدمة من مساء أمس الاجتماعات بين قادة الجيش الإسرائيلي وممثلي مجلس المستوطنات بهدف التوصل إلى تفاهمات حول اخلاء 14 بؤرة استيطانية صغيرة غير مأهولة أقامها المستوطنون من دون استئذان رسمي من سلطات جيش الاحتلال، والتزم شارون في بيانه في العقبة الأسبوع الماضي تفكيكها باعتبارها "غير مجازة". وبينما رفض وزير الدفاع شاؤول موفاز تحديد موعد الاخلاء، مكتفياً بتأكيد نية الجيش تنفيذه، توقعت مصادر صحافية استناداً إلى مصادر أمنية البدء في الاخلاء فجر هذا اليوم. وأعلن المستوطنون رفضهم اجلاء البؤر، وفي كل منها عدد قليل من المباني المتحركة غير المأهولة، طوعاً وأشهروا تحديهم للجيش بمواجهة حقيقية رافضين اخلاء أي من البؤر "لأن ذلك يعني خنوعاً إسرائيلياً للإرهاب الفلسطيني ويشكل سابقة خطيرة"، مهددين بأن الرد على الاخلاء سيكون بتكثيف عدد هذه البؤر. وكان قائد "المنطقة الوسطى" في الجيش الإسرائيلي ميجر جنرال موشي كابيلنسكي سلّم قادة المستوطنين لائحة بأسماء البؤر المنوي اخلاؤها في أنحاء مختلفة من الضفة الغربية وعددها 14، ليست مأهولة، وواحدة نوفي نحاميا تقطنها ثلاث عائلات سيتم نقلها إلى مستوطنة محاذية. ولاحقاً اجتمع موفاز إلى قادة المستوطنين وعرض عليهم مجدداً اجلاء البؤر طوعاً، ومنحهم فرصة زمنية ليقوموا بذلك. وناشد موفاز المستوطنين عدم تحميل سلطات الجيش "عبئاً اضافياً" على الأعباء التي يتحملها في "محاربته المتواصلة للإرهاب"، عبر تسهيل مهمته اخلاء البؤر. في غضون ذلك، وقع 15 نائباً من حزب "ليكود" على عريضة رفعوها إلى موفاز تطالبه بعدم اخلاء أي من البؤر الاستيطانية. وأفادت مصادر صحافية أن البؤر الاستيطانية المرشحة للتفكيك هي تلك المجاورة لمستوطنات قائمة قرب "كرمي شور" و"عمونة" و"الون موريه" و"ايثمار" و"هار براخاه" و"شفي شومرون" و"غينات اريه" و"غفعات هغي" و"تل بنيامين" و"رمات مغورن" و"بيت ايل". وقال موفاز إن إسرائيل ستواصل "منح الفرصة للعملية السلمية" على رغم الهجوم الذي نفذه مسلحون فلسطينيون على معبر "ايرز" في قطاع غزة أول من أمس، مشترطاً ذلك بإبداء الحكومة الفلسطينية الجديدة وأجهزتها الأمنية تصميماً على "مكافحة الإرهاب". وأضاف لدى زيارته، وسط حراسة أمنية مشددة للموقع أمس، ان الجيش الإسرائيلي سيواصل عملياته "لمحاربة الإرهاب" حتى تعلن أجهزة الأمن الفلسطينية أنها مستعدة للقيام بهذا العمل. ونقلت وسائل الإعلام العبرية عن أوساط سياسية رفيعة المستوى في تل أبيب قولها إنها ستمنح الوزير الفلسطيني لشؤون الأمن أسبوعين اضافيين ليثبت جدية خطته الأمنية لمواجهة الفصائل الفلسطينية المسلحة. وأضافت ان رئيس الحكومة الإسرائيلية ارييل شارون قرر مواصلة الاتصالات مع المسؤولين الفلسطينيين وعدم تصعيد العمليات العسكرية الإسرائيلية في المناطق المحتلة، تجنباً لإفشال رئيس الوزراء الفلسطيني محمود عباس أبو مازن مهمته في بسط نفوذ الأجهزة الأمنية الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة. ونقلت الإذاعة العبرية عن الأوساط ذاتها تعقيبها على التصريحات التي أدلى بها أبو مازن في رام الله أمس بالقول إن ما تعهد به أبو مازن في العقبة هو ما يلزمه، وان الاختبار الحقيقي لدى ايفائه التزاماته سيكون من خلال ما يقوم به من نشاط حقيقي ضد الإرهاب. من جهتها، نقلت صحيفة "هآرتس" عن جهات أمنية إسرائيلية مسؤولة ان جيش الاحتلال سيواصل في الأيام المقبلة العمل ضد "الإرهاب"، وفقاً للمعادلة التي وضعها قادته والقائلة بأن "لكل عملية فلسطينية ثمناً"، ولا بد أن يدفع الفلسطينيون ثمن عملية "ايرز". وكتبت صحيفة "معاريف" أن مدير مكتب رئيس الحكومة المحامي دوف فايسغلاس التقى سراً أواخر الأسبوع الماضي في تل أبيب محمد دحلان في حضور ممثلين من السفارة الأميركي، من دون أن تقدم تفاصيل إضافية. وتوقعت مصادر صحافية أن يتم هذا الأسبوع اجتماع بين موفاز ودحلان يقدم فيه الوزير الفلسطيني مسودة خطته الأمنية الجديدة ل"محاربة الإرهاب" التي نالت اعجاب الأميركيين، على حد قول تلك المصادر. التحريض على عرفات وتوقف المعلق السياسي في صحيفة "معاريف" حيمي شاليف عند التحريض الإسرائيلي المتزايد على الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات بداعي "تكبيله يدي أبو مازن"، بحسب قول مسؤولين إسرائيليين كبار الذين اتهموه ايضاً بإعطاء الضوء الأخضر لحركة "حماس"، لتواصل عملياتها العسكرية "وهكذا يتم اجهاض مساعي الرئيس الأميركي جورج بوش للتوصل إلى تسوية سلمية في المنطقة". وتابع أن هذا الادعاء الإسرائيلي يلقى آذاناً صاغية لدى صنّاع القرار في واشنطن، ما قد يمهد، في حال استمرت وتيرة العمليات، إلى فقدانهم صبرهم واعطاء الاشارة لإسرائيل لإبعاد عرفات عن المنطقة.