تقول المغنية كارول سماحة ان كليب أغنية "حبيب قلبي" الذي بدأ عرضه على شاشة LBC صُوّر قبل خمسة اشهر بادارة المخرجة نادين لبكي، والمقصود انها تريد الا يعتقد احد انها تقلّد المطربة إليسا التي ُعرض لها حالياً أغنية "أجمل احساس"، نظراً الى تشابههما في مشاهد الحب الساخنة قياساً الى الكليبات العربية المعروفة. فكأن كارول أدركت ان هناك من سيضع "حبيب قلبي" في خانة التأثر ب"أجمل احساس" حتى لا نقول سيضعه في خانة ركوب الموجة التي احدثتها إليسا بين مؤيد ومعارض لادخال صورة المطربة العربية في اطار محاكاة الكليب الغربي، فاستبقت الأمور لتبرئة نفسها من تهمة سرقة فكرة الغرام المكشوف في الكليب، ولعلها في قولها انها صوّرت "حبيب قلبي" قبل خمسة أشهر توحي من حيث تدري أو لا تدري بالقاء تهمة سرقة الفكرة من اليسا والاّ فإن المسألة لا تعدو كونها توارد افكار لا يعاقب عليه "قانون" الكليبات التي من شدة تشابهها واستنساخ بعضها من بعض في العالم العربي كادت تنتهي كصناعة تلفزيونية وجمالية متميزة. نادين لبكي، المخرجة الشابة، تعشق الصورة الى حد الذوبان فيها، كليباتها العديدة، وتحديداً "اخاصمك آه" لنانسي عجرم فتح العيون عليها وباتت "مطلوبة" في شكل منقطع النظير لدى نجوم لبنان والعالم العربي الذين يشعرون بأنهم يكررون أنفسهم مع غالبية المخرجين المعروفين. ثم "ضربت نادين لبكي في كليب آخر لنانسي ايضاً هو "يا سلام ع الغرام" وقدّمت المطربة الشابة التي تحسدها نجمات كثيرات اليوم، ونجحت في التقديم مجدداً. وها هي في كليب "حبيب قلبي" لكارول سماحة تتابع تفجير طاقاتها الاخراجية لا سيما مع مطربات يرفضن البقاء في الذهنية التقليدية ويرغبن في السير أقوى فأقوى في متعة التغيير بعيداً من ردود الأفعال الاجتماعية الروتينية التي تحاذر تقبل الجديد، اي جديد، الا اذا كان "مناسباً" لأعراف خامدة وبليدة يعتقد البعض انها نواميس مطلقة في الفن. وكارول من هذه الفئة من الفنانات اللواتي يشاغبن قدر المستطاع في سبيل الحصول على النجاح من دون قياس مدى المعقول واللامعقول في تلك المشاغبة. كليب "حبيب قلبي" لافت. كادراته جميلة وتقطيعه جميل وأجواؤه تبحث عن الأجمل. السياق العام ينمّ عن ذكاء وعن خيال خصب يبني على معطيات موجودة اصلاً في الأغنية، وفي شخصية كارول وفي إمكاناتها الفنية غناء وتمثيلاً. وعلى رغم غرابة اللون الغنائي المصري على صوت كارول سماحة، ووقوع "حبيب قلبي" كلاماً ولحناً في فخ استلهام موسيقي وكلامي من الذاكرة، فإن اداء كارول حاول "الانفتاح" على اداء المطربات اللبنانيات اللواتي تنتشر اسماؤهن في العالم العربي وهن قليلات الموهبة، كما حاول هزّ الإطار الرحباني المعروف الذي عاش فيه سحابة خمس سنوات تقريباً من دون ان "يوفق" خلالها بأغنية "شعبية" تناسب أو توافق مزاج جمهور هذه الأيام شبه المعطّل، والثابت على موجة بذبذبات متدنية تماماً. هل أدت كارول سماحة أغنية "حبيب قلبي" كما تريد؟ نعم. لقد أدت كارول الأغنية كما تريد بالضبط، اي بالانفعالات الصوتية والتلوينات في "العِرب"، وب"حرّية" المطربة الخارجة من معمودية نار رحبانية الى ملعب تسرح فيه وتمرح بلا رقيب يحمل "مسطرة". لذا فإن السؤال الأصعب هو: ما هي مساحة ذلك الملعب، وهل هو الملعب الذي يلبي طموحات صوت كارول؟ والى اي حدّ "ستفلح" فيه؟ ذلك ان كارول تأتي من المسرح. المسرح الاستعراضي الغنائي. المسرح التاريخي والمعاصر حيث أعطت ما عندها في قالب فني ابداعي كانت تنفذ فيه أوامر الآخرين وارداتهم. الآن تعطي ما عندها في قالب فني تنفذ فيه أوامرها الذاتية وارادتها الشخصية ورغباتها الكامنة في النجومية بمنطق غالبية ابناء جيلها وبناته. فهل كانت كارول تغرّد خارج سربها "المعاصر" عندما كانت في المسرح الرحباني، أم أنها الآن تغرّد خارج سربها؟! يبدو ان كارول نفسها لا تعرف الجواب عن هذا السؤال الآن.