زار البابا يوحنا بولس الثاني امس، مدينة بانيالوكا عاصمة جمهورية صرب البوسنة في خطوة وصفتها المصادر الكاثوليكية بأنها "رسالة سلام ومصالحة بين الأعراق البوسنية"، فيما اعتبرها الصرب "تحدياً لمشاعرهم الأرثوذكسية". وكان في استقبال البابا في مطار بانيالوكا المسؤول الدولي الأعلى في البوسنة البريطاني بادي اشداون والأعضاء الثلاثة مسلم، صربي، كرواتي في هيئة الرئاسة البوسنية ورئيس جمهورية صرب البوسنة دراغان تشافيتش، وكبار رجال الدين المسلمين والكاثوليك يتقدمهم كاردينال ساراييفو فينكو بوليتش. وأدت فرق ارتدت الأزياء البوسنية التقليدية رقصات شعبية حول طائرة البابا اثناء هبوطها في المطار. ولم يشترك رئيس الكنيسة الأرثوذكسية الصربية البطريرك بافلي مقره بلغراد في استقبال البابا، كما لم يشاهد احد من مطارنة البوسنة الصرب الأرثوذكس خلال المراسم، لكن البابا قال في عظته اثناء الزيارة "انني أوجه تحية اخوية الى البطريرك بافلي وأعضاء سينودس مجمع الكنيسة الأرثوذكسية الصربية". وأضاف: "ان القوة الجديدة المكتسبة في الآونة الأخيرة بفضل التفاهم والاحترام المتبادل والتضامن الأخوي، مصدر سرور وأمل لهذه المنطقة". وعلمت "الحياة" من مصدر صربي مطلع ان الصرب "يتهمون البابا والكنيسة الكاثوليكية بالوقوف الى جانب خصوم الصرب في الصراعات البلقانية القديمة والحديثة، وأنهم كانوا يريدون ان يقوم البابا بزيارة مصالحة لبلغراد قبل ذهابه الى بانيالوكا ويثير جدلاً في هذا الوقت الحساس". ولم يتوقع المصدر ان يقبل البطريرك بافلي زيارة يقوم بها البابا الحالي لبلغراد مستقبلاً، على رغم العبارات الطيبة التي وجهها البابا إليه اثناء وجوده في بانيالوكا، خصوصاً ان محادثات كانت تجرى منذ اشهر عدة من اجل زيارة البابا لبلغراد. وأقام البابا خلال الزيارة، قداساً في الهواء الطلق في حقل قريب من دير. وطلب الصفح عن الجرائم التي ارتكبها "ابناء الكنيسة الكاثوليكية" في البلقان. وقال: "من هذه المدينة التي عرف تاريخها بالمعاناة وسفك الدماء". كما اشرف البابا على تطويب الكرواتي ايفان ميرز وهو رجل عادي كاثوليكي من غير رجال الدين، ولد في بانيالوكا قبل اكثر من مئة عام، وكان ناشطاً في الكنيسة الكاثوليكية اوائل القرن الماضي وهو اول مواطن بوسني يطوب. وشارك في الاحتفاء بالبابا في بانيالوكا نحو 30 ألف شخص، غالبيتهم من الكاثوليك الكروات الذين جاؤوا من انحاء البوسنة وكرواتيا المجاورة. ويشكل الصرب الغالبية من سكان بانيالوكا حالياً، بعدما طردوا معظم سكانها المسلمين والكروات خلال الحرب البوسنية، ولم يسمحوا برجوع سوى قلة منهم الى منازلهم بعد انتهاء الحرب. واتخذت القوات الدولية "سفور" والسلطات البوسنية اجراءات امنية مشددة، مستخدمة المروحيات والعربات المصفحة، للحفاظ على سلامة البابا ومنع وقوع حوادث ومواجهات بين المرحبين بالزيارة. وعثر على عبوة ناسفة في احدى العربات وقنابل يدوية وبنادق آلية قرب الطريق التي سلكها موكب البابا، وألقي القبض على عدد من المتطرفين الصرب المشتبه بهم. ومزّق متشددون صرب شعارات الترحيب بالبابا وكتبوا على جدران المباني المطلة على الطريق الرئيسة التي سلكها الموكب عبارات: "عد ايها البابا عدو الصرب، لا نريدك في ديارنا". واشتبكت الشرطة مع مجموعات صربية حاولت القيام بأعمال شغب ضد مستقبلي البابا. وكان البابا زار ساراييفو حيث نجا من محاولة اغتيال عام 1997، عندما عثر على عبوة ناسفة تحت احد الجسور الذي كان مقرراً ان يعبر عليه موكبه. ووجه الاتهام في حينه الى "المجاهدين الأجانب" الذين قاتلوا الى جانب المسلمين البوسنيين اثناء الحرب 1992- 1995.