سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الولايات المتحدة واسرائيل تعارضان تسوية مبنية على دولتين ... وإعادة هيكلة الشرق الأوسط تعني منع دوله من الإستقلال . تشومسكي ل"الحياة": شارون قبل ما يطالب به منذ 1992 وواشنطن لن توافق على ديموقراطية عراقية لا تخضع لاملاءاتها
قال البروفسور الأميركي نعوم تشومسكي ان رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون، بقبوله "خريطة الطريق" مع الفلسطينيين، وافق على ما كان يطالب به عملياً منذ عام 1992، لافتاً الى ان اقتراحات التسوية التي طرحتها الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة مستقاة من "خطة آلون" عام 1968 التي نصت على احتفاظ إسرائيل ب40 في المئة على الأقل من الضفة الغربية. ورأى ان الولايات المتحدة وإسرائيل ما زالتا تعارضان الإجماع الدولي الواسع في شأن تسوية سلمية مبنية على دولتين تفصلهما الحدود الدولية، مشيراً الى ان لدى الولايات المتحدة المصلحة نفسها في الحفاظ على قوة إسرائيل كالحفاظ على قواعدها في غوام، باستثناء ان أهمية الشرق الأوسط أكبر لقربه من المناطق النفطية الرئيسية في العالم. وقال ان اعادة الهيكلة الأميركية للشرق الأوسط تقوم على منع دولها من الجنوح الى الإستقلال الوطني. وشكك في امكان سماح واشنطن للعراق بالتحول الى دولة ديموقراطية حقيقية لأن "الولايات المتحدة مصرة منذ زمن بعيد على عدم السماح للعراقيين ان يحكموا بلدهم بطريقتهم الخاصة"، وان العراق يمكن ان يتحول الى الديموقراطية فقط "طالما كانت هذه الديموقراطية تفعل ما نطلبه". وفي ما يأتي نص الحوار الذي اجرته معه "الحياة" و"ادنكرونوس انترناشيونال" عن القصة وراء خطة السلام الاخيرة: ماذا ترى في "خريطة الطريق"؟ - في نظرة سريعة على الإقتراح، قد يبدو مختلفاً عن رؤية رئيس الوزراء الإسرائيلي أرييل شارون لحل نهائي للصراع العربي - الإسرائيلي قبل عشر سنوات. كانت خطة شارون للتسوية عام 1992 تنص على احتفاظ اسرائيل بأجزاء مهمة من الأراضي المحتلة خصوصاً الضفة الغربية. وفي الواقع ما قبله شارون اليوم هو ما كان يطالب به عام 1992. لكن نوعية النقاش تغيرت الآن، فعندما اقترح شارون خطته عام 1992 بدت مستحيلة ومتطرفة، واليوم يقدم لنا الإقتراح نفسه تقريباً في صورة مشروع مصالحة ضروري. هذا الأمر يعكس فقط التحول في السياسة الإعلامية وليس في الإقتراح نفسه. الإقتراحات هي نفسها تقريباً، والحقيقة ان كل الإقتراحات ومن بينها تلك التي قدمها حزب العمل والجيش الإسرائيلي مستقاة من "خطة آلون" عام 1968 التي نصت على احتفاظ إسرائيل ب40 في المئة على الأقل من الضفة الغربية. وكل الحكومات الإسرائيلية عملت في إطار هذه الخطة منذ وضعها، ومن بينها حكومة ايهود باراك. وعندما أقول إسرائيل أقصد بذلك اميركا وإسرائيل لأن اسرائيل لا تستطيع القيام بأي من هذه الأمور من دون الولايات المتحدة. هل يمكنك اعطاء لمحة عن السياسة الأميركية في الشرق الأوسط مع التركيز على هذا الموضوع. وما هي المصالح الأميركية في المنطقة؟ - علينا اولاً إلقاء نظرة على تاريخ الديبلوماسية منذ منتصف السبعينات. كان هناك توافق دولي واسع على حل سلمي مبني على قيام دولتين في اطار الحدود الدولية المعترف بها مع بعض التعديلات من الجانبين. وكان هناك عدد من قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة، استخدمت الولايات المتحدة حق النقض "الفيتو" منفردة ضدها جميعاً من دون استثناء. بدأت استخدام "الفيتو" ضد قرار لمجلس الأمن عام 1976 وكررته مجدداً عام 1980 ثم عارضت عدداً من الإقتراحات في المجلس... وصوتت الى جانب إسرائيل ضد قرارات الجمعية العامة السنوية وصدت كل مبادراتها وهكذا دواليك. والآن لا نزال نشهد الأمر نفسه. لا تزال الولايات المتحدة وإسرائيل تعارضان هذا الإجماع الدولي الواسع حول تسوية سلمية مبنية على دولتين تفصلهما الحدود الدولية. وهنا علينا ذكر امر مهم، وهو ان هذه التسوية التي يجمع عليها العالم تحظى بتأييد ثلثي الشعب الأميركي. لكن الإدارة الأميركية وإسرائيل هما اللتان عارضتا دوماً حلاً سلمياً مبنياً على قيام دولتين. والسؤال هنا: ما هو سبب هذا الموقف؟ علينا هنا التحليل والتكهن الى حد ما لأن ليس في حوزتنا وثائق وسجلات داخلية، ولكن اذا تتبعنا تاريخ العلاقات الأميركية - الإسرائيلية، تبدو هذه العلاقات وثيقة الصلة برؤية الإدارة الأميركية لدور إسرائيل ك"وجود استراتيجي" في المنطقة، اي قاعدة لقوة الولايات المتحدة في المنطقة. وكلما نظر الى إسرائيل كقاعدة يعتمد عليها لأميركا، باتت العلاقات اكثر قرباً وحميمية. إسرائيل الآن عملياً قاعدة عسكرية اميركية في الخارج. انها مركز للتكنولوجيا المتطورة مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالتكنولوجيا الأميركية. وكلا الدولتين تملكان صناعات تكنولوجية متطورة ومرتبطة بالصناعة العسكرية، وفي الحقيقة يصعب التفريق بينهما. إسرائيل الآن هي كأي ولاية أخرى في الإتحاد، دولة متقدمة لديها قوة عسكرية متفوقة. وهي أيضاً دولة صغيرة، ولكن بحسب الجيش الإسرائيلي ومحلليه، فان قوة إسرائيل الجوية والبرية اكبر وأكثر تطوراً من أي دولة في حلف شمال الأطلسي باستثناء الولايات المتحدة. وإذا اردت رأيي لدى الولايات المتحدة مصلحة في الحفاظ على قوة إسرائيل كمصلحتها في الحفاظ على قواعدها في غوام، باستثناء ان أهمية الشرق الأوسط أكبر لقربه من المناطق النفطية الرئيسية في العالم. إذا عدنا الى الخمسينات، فان اسلوب الولايات المتحدة في السيطرة على احتياط الشرق الأوسط النفطي اعتمد في شكل رئيسي على مجموعة متناثرة مما سمي وقتها ب"الشرطة الاقليمية". ولعبت تركيا وإيران ايام الشاه هذا الدور وانضمت إسرائيل لاحقاً في عام 1967، على رغم انها اعتبرت جزءاً من المجموعة قبل ذلك بكثير. ومع سقوط إيران، تعاظم دور إسرائيل. هناك حلف إسرائيلي - تركي منذ عام 1958. وهؤلاء ما كان يطلق عليهم في عهد إدارة نيكسون وكيسينجر "شرطة محلية جاهزة للتدخل"، اي شرطة اقليمية. قيادة الشرطة في واشنطن وهناك فرع لها في لندن، وهذه الدول هي عناصر الشرطة المحلية. انها اساس النفوذ وتتولى حماية الأنظمة المتعاونة من أنظمة القومية العربية الراديكالية، كما تخدم كأساس لنفوذ الولايات المتحدة وحليفتها بريطانيا، وهي جاهزة للتدخل العسكري المباشر في المنطقة. هذا تطوير للأسلوب الذي استخدمه البريطانيون عند سيطرتهم على المنطقة قبل الحرب العالمية الثانية. كتابك الأخير "اوهام الشرق الأوسط" يبدو عنواناً مناسباً جداً. هل يمكن ان نسأل عما تتوقع ان تكون عليه نتيجة عملية السلام؟ - هناك اتجاهان في ما يطلق عليه تسمية "عملية السلام". احدهما الأقوال والآخر هو الأفعال. بالطبع الأفعال اهم بكثير من الأقوال، والأفعال مرئية جداً إذ تتناقلها وسائل الاعلام الإسرائيلية بانتظام. اما الجرافات الإسرائيلية التي توفرها الولايات المتحدة فتعمل بنشاط هناك وتغير الحقائق على الأرض، الأمر الذي سيشكل الإطار لأي نتيجة تأتي من الأقوال. في غضون ذلك، تبقى الأقوال فارغة من محتواها. هناك حديث عن دولتين ولكن لم يقل احد ما هي حدود هاتين الدولتين وما هي سلطاتهما أو أي شيءٍ آخر. من جهة هناك الأقوال ومن جهة أخرى هناك الأفعال المرئية والمحسوسة. لنأخذ مثالاً على ذلك الجدار الفاصل الذي تبنيه إسرائيل في الضفة الغربية. امتد هذا الجدار جنوباً بسرعة كافية لمحاصرة وتدمير بلدة قلقيلية في الضفة الغربية، وانتهت قلقيلية الآن وخسرت ارضها وهي فعلياً منقطعة عن بقية المنطقة. وفي جنوب قلقيلية، يتجه الجدار شرقاً ليضم مجموعة من المستوطنات اليهودية. اذا رسمت هذا الأمر على الخريطة سترى ان الجدار ومن ضمنه هذه الجيوب الإستيطانية يقسم الضفة الغربية الى قسمين متساويين تقريباً. الذي نراه الآن هو شيء اكبر مما اصر باراك على الإحتفاظ به في كامب ديفيد. بكلام آخر، ستحتفظ إسرائيل بسيطرتها الكاملة على نحو 50 في المئة من الضفة الغربية اضافة الى جيوب استيطانية داخل الحصة الفلسطينية من الضفة تقسمها الى ثلاثة كانتونات منفصلة عن بعضها بعضاً. وتنفصل الكانتونات الثلاثة التي ستشكل الدولة الفلسطينية عن قسم صغير من القدسالشرقية سيكون مركز الحياة الثقافية والاقتصادية للفلسطينيين ويخضع لإدارتهم. هذا هو واقع الرؤية التي يتحدثون عنها. بالطبع، كل هذا منفصل عن غزة التي ليس واضحاً وضعها المستقبلي. هل توافق مع الفرضية التي تقول ان الولايات المتحدة تعيد هيكلة الشرق الأوسط؟ - الولايات المتحدة ايّدت الديكتاتوريات الضعيفة التي اعتاد البريطانيون تسميتها ب"الواجهة العربية" التي تدير الشرق الأوسط تحت اشراف بريطانيا. اتبعت الولايات المتحدة هذا الأسلوب مضيفة اليه الدول التي ذكرتها. وتواصل اميركا اصرارها على ان مهما تطورت الأمور في المنطقة، لا ينبغي ان تتجه الدول نحو الإستقلال الوطني، بل عليها البقاء تحت السيطرة الأميركية. لذلك قد تكون هناك اعادة هيكلة للمنطقة في حال رأت الولايات المتحدة ان من المناسب منع حكومات دول في المنطقة من الجنوح الى الإستقلال الوطني. وهذا مماثل لما يحدث في العراق. العراق تحت احتلال عسكري والسؤال الأساس كان لأعوام عدة: هل من المسموح لعراقيين منتخبين إدارة شؤون بلادهم ام أن علينا تسليم الحكم الى شخص آخر؟ الولايات المتحدة مصرة منذ زمن بعيد على عدم السماح للعراقيين ان يحكموا العراق بطريقتهم الخاصة. وكمثال على ذلك، في حال تحول العراق دولة ديموقراطية، وقررت الغالبية الشيعية تحسين العلاقات مع إيران فإن الولايات المتحدة لن تتعايش ابداً مع هذا الأمر. وهكذا من الممكن ان يتحول العراق الى الديموقراطية طالما كانت هذه الديموقراطية تفعل ما نطلبه. هذا الأمر حدث في إيطاليا أواخر اربعينات القرن الماضي عندما كانت تحت الإحتلال الأميركي. كان مقرراً ان تجرى انتخابات عامة عام 1948، وكان من المتوقع ان يفوز اليسار الإيطالي الذي تمتع بشعبية واسعة بسبب مقاومته للفاشية، وكان هذا الأمر يسبب قلقاً كبيراً للولايات المتحدة. لذلك فان المذكرة الأولى لمجلس الأمن الوطني نصت على تدخل الولايات المتحدة عسكرياً في حال فاز اليسار في الانتخابات ولو بطريقة شرعية. لكن الولايات المتحدة لم تكن مضطرة لهذا الإجراء، اذ كانت قادرة على تغيير نتيجة الإنتخابات من خلال اعادة تأسيس الشرطة الفاشية والإجراءات القمعية وغيرها من الأساليب. كانت الولايات المتحدة قادرة على تغيير نتيجة الإنتخابات في ايطاليا وهذا بالتأكيد ما ستعمل عليه في العراق، حيث سيتكرر هذا النوع من اعادة التشكيل، اذ ان لدينا قرناً كاملاً من الخبرة في هذا المجال. وستكون الولايات المتحدة سعيدة بالأشكال الديموقراطية التي تنمو في العراق ما دامت النتيجة مماثلة لما تقره وتوافق عليه. وفي حال كانت النتيجة مختلفة، ستستخدم وسائل شتى من بينها الإقتصادية والعسكرية. وهذا ليس أمراً مفاجئاً اذ ان كل القوى الإمبريالية تصرفت بهذا الأسلوب. ما هو دور اوروبا في كل ذلك؟ - حسناً، انها مسؤولية الاوروبيين ان يقرروا. كان النقاش محتدماً حول هذه المسألة لسنوات عدة. كان السؤال: هل سيتحرك الاوروبيون نحو دور مستقل في الشؤون الخارجية ام انهم سيبقون منصاعين للسياسة الاميركية؟ الجزء الأكبر من اهداف حلف شمال الاطلسي يتلخص في جعل السياسة الاوروبية مرتبطة بالقرار الاميركي. لم يكن هذا الهدف الوحيد للحلف بالطبع، ولكنه كان من ابرز الاهداف التي لا تزال قائمة حتى اليوم. ولا شك في انكم تذكرون الخطاب الشهير الذي ألقاه مستشار الامن القومي عام 1973 هنري كيسينجر وتوجه فيه الى الاوروبيين، وهو عام عرف لاحقاً ب"عام الخطاب الاوروبي" عندما حذر كيسينجر الاوروبيين من انهم يجب ان يدركوا انه تقع على عاتقهم "مسؤوليات اقليمية". هذا هو الموقف الاميركي منذ الحرب العالمية الثانية، على رغم تعاقب الادارات. يمكن لاوروبا ان تتعامل مع قضاياها الاقليمية الخاصة، ولكن عليها ان تقوم بذلك ضمن الاطار السياسي العام الذي تضعه الولايات المتحدة. والهستيريا الاميركية ضد فرنسا والمانيا تجد جذورها في هذه الحقيقة. فرنسا والمانيا هما دولتان صناعيتان وتشكلان القلب المالي النابض لاوروبا، وجل ما يقلق الولايات المتحدة هو ان تتخذ اوروبا خطاً مستقلاً لسياستها الخارجية. وأحد الاسباب التي تجعل واشنطن متحمسة لخوسيه ماريا أثنار وسيلفيو بيرلوسكوني هو انهما مستعدان لتجاوز 90 في المئة من شعبيهما بالقوة واتباع اوامرها وهو ما جعلهما "اشخاصاً طيبين" يبنون "اوروبا الجديدة" التي تمشي على خطى الولايات المتحدة بدل ان تبني سياستها بما يتوافق وآراء شعوبها. ناضلت الولايات المتحدة من اجل صعود دول اوروبا الشرقية الى الواجهة، وهو تصرف تحركه الفكرة نفسها. فأوروبا الشرقية قد تقوض الجهود التي تبذلها اوروبا الوسطى لتخطي المسؤوليات الاقليمية البحتة. ويجب ان اقول ان الوضع مشابه في آسيا، وشمال شرقي آسيا، اي الصين واليابان وكوريا الشمالية. فهذه المنطقة هي اكثر المناطق النشطة اقتصادياً في العالم، وتملك اسرع معدل نمو وناتجها المحلي اعلى من الناتج المحلي الاميركي، اضافة الى انها تملك نصف الاحتياط المالي العالمي، وهي منطقة موحدة لها موارد الطاقة الخاصة بها. ويصدف ان كوريا الشمالية واقعة في الوسط، وهناك مخاوف كثيرة من ان تمتد انابيب النفط من سيبيريا مثلاً الى كوريا الجنوبية عبرها، واذا حصل هذا بالفعل، فستتوحد المنطقة في شكل كامل وستشكل وحدة مستقلة بحد ذاتها كأوروبا. والصراع بين الولايات المتحدة والقوى الآسيوية يعود الى هذه المخاوف، تماماً كما هو الوضع مع اوروبا. هذه مشاكل على مستوى العالم. وأحد ابرز الاسباب التي تدفع الولايات المتحدة الى السيطرة على موارد الطاقة في الشرق الاوسط، هو الابقاء على استعمال حق النقض تجاه الدول الاخرى التي قد تشكل كياناً مستقلاً. هذه مشكلات تعرض لها العالم منذ 50 عاماً ولا تزال قائمة. وبالعودة الى سؤالك، كلنا يعلم ان على اوروبا ان تختار وتقرر ما اذا كانت ستبقى مرتبطة بهذا النظام الذي حدده كيسينجر او ستضع لنفسها منهجاً مستقلاً. هل تعتقد ان تأثير "المحافظين الجدد" في السياسة الاميركية قوي الى الدرجة التي يتحدث عنها الناس؟ - في الوقت الراهن اتخذت ادارة بوش موقفاً قومياً متطرفاً في شكل غير معتاد، واتخذت مواقف في السياسة الخارجية ارعبت حتى المحافظين داخل الولايات المتحدة. واشارت استراتيجية الامن القومي التي اعتمدت في ايلول سبتمبر الماضي الى ان الولايات المتحدة تريد ان تحكم العالم بالقوة. هذا ليس أمراً غير متوقع، لكن لم يفصح عنه بهذه الصراحة من قبل. كان واضحاً في الولايات المتحدة، ولدى بعض المحللين الاوروبيين، ان الحرب على العراق كانت "امتحاناً" لتثبت ان هذه السياسة الاميركية مقصودة. فالعراق لم يكن يهدد احداً، وهو ما اعلنته واشنطن: "سنهاجم لأننا نريد ذلك. لا نهتم لرأيكم، ولا نكترث للمنطق، ولكنه امر غاية في الاهمية وسنقوم به، وبالتالي سنهاجم". وما ساعدها في ذلك هو ان العراق غير قادر على المقاومة، ومن المرجح ان تأتي النتيجة بحصول الولايات المتحدة على قاعدة عسكرية مهمة في قلب المنطقة النفطية. حسناً، هذا موقف متطرف غير معتاد للقوميين المغالين. وهم ايضاً اصحاب مواقف متطرفة داخلياً، فهم يحاولون ان ينسفوا التشريعات التقدمية التي ترجع الى "الميثاق الجديد" New Deal وحتى قبل ذلك، وهم اوضحوا ان هذا ما يريدون فعله. انهم مجموعة من المتطرفين لكن اطارهم ضيق. ذكرت عدداً من السوابق ولا يزال هناك الكثير. * البروفيسور نعوم تشومسكي مناضل سياسي واستاذ في اللغويات، له الكثير من الكتب والمقالات حول السياسة الخارجية الأميركية والعلاقات الدولية وحقوق الإنسان والإعلام. ومن اهم اعماله "مانيوفاكتشورينغ كونسنت" تصنيع الرضا و"ديتيرينغ ديموكراسي" ردع الديموقراطية و"وورلد اوردَرز اولد اند نيو" الأنظمة العالمية: القديمة والجديدة و"بروفيت اوفر ذا بيبول" الربح على البشر و"فايتفول تراينغل" المثلث المصيري. وآخر كتاب صدر له كان "ميدل ايست اليوجينز" اوهام الشرق الأوسط.