يخيل للمشاهد في اللحظات الأولى من الحلقة الأخيرة ل"سيرة وانفتحت" التي بثها "تلفزيون المستقبل" مساء أوّل من أمس، أنها متخصصة بمرض الالتهاب الرئوي الخبيث SARS، وأن زافين قيومجيان جمع في الاستديو متخصصين دوليين جاءوا ليعرضوا المشكلة، ويجدوا أطر المعالجة. لكنه يكتشف في سياق الحلقة انه مخطئ، وان البرنامج يناقش موضوعاً أهم... هو "الزناخة"، التسمية العامية اللبنانيّة للسماجة أو ثقل الظلّ. والأرجح أن تناول الحلقة ينبغي أن يكون على أساس قول الشاعر "وداوها بالتي كانت هي الداء". ليس القصد هو الاستخفاف بالبرنامج أو المقدم أو الضيوف، وهم من الشخصيات المعروفة بتاريخها العلمي أو الفني. إلا أن مشكلة الحلقة كانت الموضوع المختار "الزناخة". يسأل المشاهد ما هو هدف زافين وفريق الإعداد من تقديم حلقة عن هذا الموضوع؟ ولماذا خصص الإنتاج حلقة وموازنة وضيوفا من متخصصين في حسن اللياقة والمعالجة النفسية والتمثيل الكوميدي، تكبدوا مشقة الحضور ليتكلموا عن هذه الظاهرة التي رآها زافين تتفشى في مجتمعنا في شكل بات يتطلب طرحها على العلن ومعالجتها؟! بدأت الحلقة بالتعريف بشخصية "الزنخ" السمج، أو المتسامج، ووافق المجتمعون على أن المسالة نسبية وبالتالي حسم النقاش ولا فائدة من متابعتها. ولم يخف عن المشاهد الارتباك الموجود عند الضيوف، وهم يجيبون عن أسئلة لا تحتاج إلى أجوبة. وافتقرت الحلقة إلى المنهجية في الطرح، وتكررت الأسئلة والأجوبة، ولم يظهر للضيوف أي دور فاعل، خصوصاً ان موضوع الحلقة لا يتطلب وجود اختصاصيين. وتعرض المشاركون للعادات الاجتماعية الموجودة، والمشكلات النفسية والسلوكيات التي يجب أن تبنى عليها الأسرة... وكل ذلك في سبيل مكافحة هذا الوباء الخطير الذي هو "الزناخة"! وتطرّق البرنامج إلى شخصية وزير الإعلام العراقي السابق، محمد سعيد الصحاف، فدخل المتسامرون حول الطاولة المستديرة إلى سبر أعماق شخصيته، وتنوعت الآراء: فبعضهم رآه "مهضوماً" وخلط "الحرب بالهضامة"، وبعضهم رأى ان "حبل الكذب قصير"! وأغنت الحلقة "اتصالات مميزة"، إذ اتصلت شقيقة مرتابة لتطمئن إلى "زناخة" شقيقها المستعصية. وسأل أحد المشاهدين عن علاقة المظهر الخارجي ب"الزناخة" والسمنة بالهضامة. وتربعت بين الحضور "ملكة الزناخة"، وبدأت ترسل تعليقات سخيفة في اتجاه الحضور. واسترسل المتحدثون في تحديد سبل المعالجة، وكيفية التعاطي مع المصاب بهذا المرض الخطير! ووضعوا - بجدية تامة! - لائحة بأكثر الأمور سماجة، وانتهت الحلقة بدليل كاف على فشلها، مع سؤال وجهته مشاركة من الحضور، عن تحديد ماهية الشخص "الزنخ". وهكذا عدنا إلى نقطة الصفر... والسؤال المطروح، على هامش حلقة "الزناخة" على ال"فيوتشر"، هو هل بدأت البرامج الاجتماعيّة، على الفضائيات العربية، تتجه نحو المواضيع السطحية، لملء فراغ ما بعد الحرب، وجذب المشاهدين؟ وعلى المشاهد ألا يستغرب غداً، إذا اقدم زافين أو سواه على معالجة ظاهرة قصر القامة أو طولها، سواد العيون أو اخضرارها، وتفشي ظاهرة لون الشعر البني مثلاً... قدّم "سيرة وانفتحت" حلقات جادة، وتناول مواضيع إنسانية واجتماعية بطريقة جادة... إلا أن الحلقة الأخيرة، لم تكن على المستوى. فلو أصبح كل الناس "مهضومين" لباتت الحياة أشبه بمسرحية هزلية سخيفة.