زمن طويل عاشه برنامج «سيرة وانفتحت» الذي قدمه زافين قيومجيان عبر تلفزيون المستقبل اللبناني، والذي يوشك أن يطوي اليوم صفحته تحضيراً لتقديم برنامج جديد. واليوم في وداع هذا البرنامج لا بد من القول إنه كان خلال سنوات عمره الطويلة، محطة وموعداً أسبوعياً لمناقشة بعض أهم القضايا الاجتماعية في صور وأساليب مختلفة لا نبالغ إذ نقول إنها حملت الكثير من المعالجات العلمية، الهادئة وذات الصدقية العالية. تلك الميزة بالتحديد أكسبت البرنامج متابعات كثيفة أساسها قدرته على الجمع بين المحتوى العلمي للموضوعات والنقاشات، وبين سلاسة التقديم الذي حافظ طيلة الحلقات على تجديد حيوية العلاقة مع جمهوره سواء داخل ستوديو البرنامج أم جمهور المشاهدين في البيوت الذي تجاوز لبنان، إلى مشاهدين عرب ينتشرون في بقاع الدنيا. «سيرة وانفتحت» بتوقفه النهائي يقول إن لكل برنامج عمره الذي لا بد أن ينتهي يوماً ما، ولكنه يشير في الوقت نفسه إلى حقيقة فنية وموضوعية على درجة كبرى من الأهمية: تتجدد سنوات عمر البرنامج من نجاحه في طرق موضوعات حيوية يمنحها الإثارة، وليس العكس. فبرامج تلفزيونية كثيرة فشلت لأنها ببساطة فعلت العكس حين حاولت تقديم موضوعات قليلة الأهمية بأساليب مثيرة فجاءت إثارتها مفتعلة ومصنوعة. كما أن قسطاً لا يستهان به من نجاح البرنامج يعود بالتأكيد إلى شخصية وأداء معدُه ومقدمه زافين قيومجيان، الذي اعتمد منذ الحلقات الأولى على بساطة وعفوية جذَّابتين سواء في التقديم العام أو حتى في الحوارات المباشرة مع ضيوف البرنامج والمشاهدين عبر الهاتف. هي معادلة البساطة التي قد نقول إنها معادلة مركّبة، تقوم أولاً وثانياً... وعاشراً على الصدق، وهنا بالذات تبرز مسألة القدرة على التقاط القضايا الأكثر أهمية والأشد حاجة للطرح عبر حلقات البرنامج، ثم الاختيارات الصائبة للضيوف من الباحثين والمختصين، بل وأصحاب التجارب الذين يمكن استضافتهم أن تكون غنية وأن تقدم للمشاهدين متابعات مفيدة وجذابة في الوقت ذاته. نتحدث هنا عن برنامج تلفزيوني عماده الصورة، وهي حقيقة تدفعنا باستمرار إلى أن نتذكر ما يحمله البث المصوَّر المباشر من حساسيات بالغة تجعل الخطأ مضاعفاً، تماماً كما تجعل النجاح بالغ الوضوح والتأثير. يستعد زافين قيومجيان لتقديم برنامج جديد عبر شاشة «تلفزيون المستقبل» قريباً فنتفاءل بأنه سيكون أهم من «سيرة وانفتحت»، ولكننا سننتظر.