عين الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة أمس الأمين العام للتجمع الوطني الديموقراطي المعارض السيد أحمد أويحيى في منصب رئيس الحكومة خلفاً للسيد علي بن فليس الامين العام لجبهة التحرير الوطني، حزب الغالبية البرلمانية. وذكر بيان رسمي أن الرئيس الجزائري أبلغ بن فليس أنه قرر تعيين فريق حكومي جديد وطلب منه "مواصلة الأعمال الحكومية إلى وقت لاحق". وأضاف أن الرئيس شكر بن فليس "على المهمات التي قام بها وبخاصة بعث المشاريع الكبرى". ولفت مصدر سياسي بارز إلى أن لجوء بوتفليقة إلى تعيين شخصية بارزة من "التجمع" يؤشر إلى حصول طلاق بين رئيس الجمهورية وحزب "جبهة التحرير الوطني" الذي دعمه في انتخابات نيسان ابريل 1999. وأوضح بن فليس في تصريح ادلى به لدى خروجه من مكتب الرئيس بوتفليقة أنه لم يستقل من منصبه وأن الرئيس إستعمل صلاحياته الدستورية التي تخول له حق تعيين وتنحية رئيس الحكومة. ومن المقرر أن يعلن أويحيى قريباً تشكيلة الحكومة الجديدة. ولا يستبعد بعض المصادر أن يحدث أويحيى تعديلاً جوهرياً في التشكيلة يستهدف بالأساس عدداً من وزراء "جبهة التحرير". وتعهد بن فليس اخيراً ان لا يعمد إلى عرقلة عمل المؤسسة البرلمانية حيث يحوز الغالبية عند عرض برنامج الحكومة الجديدة. وجاء التغيير الحكومي بعد شهرين من الصراع المستتر بين الرئيس ورئيس الحكومة بسبب خلافات على ملفات عدة أبرزها الرئاسيات المقررة مطلع 2004، اذ رفض بن فليس دعم ترشيح بوتفليقة في الرئاسيات المقبلة. ويعد أويحيى أحد أبرز المسؤولين الذين ظهروا في عهد الرئيس السابق اليمين زروال وكان تقلد منصب رئيس الحكومة من كانون الثاني يناير 1996 إلى كانون الاول ديسمبر 1998. ويقود أويحيى منذ كانون الثاني يناير 1999 "التجمع الوطني الديموقراطي" وواجه خلافات شديدة مع خصومه في الحزب بسبب رغبته في دعم ترشيح بوتفليقة في الرئاسيات الأخيرة. وأويحيى هو ايضاً من الشخصيات التي أثارت جدلاً واسعاً خلال حكم زروال، خصوصاً بعد اعترافه مع نهاية عهد حكومته بأنه أضطر لإداء "المهمات القذرة". واثيرت شكوك بشأن تنظيمه الانتخابات التشريعية والمحلية في سنة 1997 والتي فاز حزبه فيها. وتقلد منذ آب اغسطس 2000 منصب وزير العدل وساهم في تمرير التعديلات الخاصة بقانون العقوبات ضد الصحافة قبل أن تعصف به الحرائق التي شملت عشرة سجون جزائرية. وجاء الطلاق بين بوتفليقة وبن فليس بعد سلسلة توترات شهدتها العلاقات بين الرجلين منذ تعيين في رئاسة الورزاء في آب اغسطس 2000 ، اذ رفض بن فليس إدارة الوضع في منطقة القبائل باستعمال الرصاص وطالب بتنحية وزير الداخلية السيد زرهوني، وهو طلب رفض مراراً. كما تفجرت العلاقات بين الرجلين بعد إصرار بوتفليقة على تمرير خطة الإصلاح الإقتصادي، وهو ما دفعه لاحقاً إلى رفض مشروع قانون المحروقات رفضاً قاطعاً. كما ساهم رفض المؤتمر الثامن لجبهة التحرير الوطني رفض تزكية بوتفليقة للرئاسة المقبلة في إذكاء نار الخلاف بين الرجلين. من جهة اخرى تعتقد مصادر مطلعة أن بن فليس سيتفرغ الآن للتحضير للاستحقاقات الرئاسية المقررة مطلع السنة المقبلة. ولا يستبعد أن يكون خروج بن فليس من الحكومة مقدمة لبداية سلسلة واسعة من التجمعات الشعبية لجبهة التحرير الوطني في الولايات بهدف دعم حظوظ بن فليس في الرئاسة. وكان بن فليس لمح، الجمعة الماضي، إلى الرئيس بوتفليقة منتقداً بشدة محاولاته للهيمنة على إدارة الحزب و"فرض الوصاية والتبعية".