} شهد حزب جبهة التحرير الوطني الجزائري حزب الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة "انقلاباً" صامتاً، تمت بموجبه تنحية الأمين العام الحالي السيد بوعلام بن حمودة الذي يتحفظ عن معالجة كثير من الملفات. ويعتقد أن رئيس الحكومة السيد علي بن فليس سيتولى المنصب رسمياً خلال دورة للجنة المركزية تعقد في 20 الشهر الجاري. ويربط المراقبون بين هذه التطورات والاستحقاقات الانتخابية المقبلة، اذ يتم الاستعداد لتشكيل لوائح مشتركة بين جبهة التحرير وحزب الغالبية البرلمانية التجمع الوطني الديموقراطي. قدم الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني الجزائري السيد بوعلام بن حمودة، أمس، استقالته من منصبه خلال اجتماع المكتب السياسي الذي أجمع على عقد دورة عادية للجنة المركزية للحزب في 20 أيلول سبتمبر الجاري، يتوقع أن يعلن خلالها تعيين رئيس الحكومة السيد علي بن فليس أميناً عاماً للحزب. ولكن المكتب السياسي لم يعلن الاستقالة مرجئاً ذلك حتى انعقاد دورة اللجنة المركزية. وكان بن فليس، الذي يوصف ب"الابن المدلل" بين القيادات الشابة لجبهة التحرير أشرف على لجان مساندة الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة في انتخابات الرئاسة في نيسان ابريل 1999، قبل أن يعين مديراً لديوان الرئاسة ثم رئيساً للحكومة في آب اغسطس 2000. وجاءت استقالة بن حمودة، بعدما أعلن تحفظات عن معالجة عدد من القضايا السياسية، مثل تعديل الدستور والتعليم والقضاء. وعلم ان بن حمودة رفض، السبت الماضي، لقاء ممثلين عن اللجنة المركزية للحزب كانوا ينوون تسليمه عريضة سحب منه الثقة وقع عليها 180 عضواً من أصل 260 في اللجنة المركزية التي تعد أعلى هيئة قيادية بين مؤتمرين. وتعد جبهة التحرير المحور الأساسي لكل التحالفات داخل الحكم. وكانت غالبية التحولات السياسية للنظام انعكست على وضع قيادة هذا "الحزب - الجهاز" الذي يراهن عليه كثيراً لحفظ مصالح الحكم في الاستحقاقات المقبلة، بعد الأزمات العنيفة التي مر بها حزب الغالبية البرلمانية التجمع الوطني الديموقراطي. وأكد الناطق باسم الجبهة السيد عبدالكريم عبادة، أمس، ان الدورة المقبلة للجنة المركزية ستتناول "تحديد استراتيجية للمواعيد الانتخابية المقبلة ومعالجة القضايا النظامية للحزب". وعلمت "الحياة"، من مصادر متطابقة في جبهة التحرير، ان توافقاً تم بين قيادات المكتب السياسي على "السماح للأمين العام بن حمودة من تقديم استقالته والانسحاب بشرف من قيادة الحزب" وتفادي تكرار القيام بعملية انقلابية من شأنها التأثير على صورة القيادة الجديدة. يذكر أن بن حمودة تولى الأمانة العامة في كانون الثاني يناير 1996، إثر "انقلاب" على الأمين العام السابق السيد عبدالحميد مهري في إطار ما عرف باسم "المؤامرة العلمية" التي قادها كل من السيد عبدالرحمن بلعياط ممثل منطقة الشرق والسيد عبدالقادر حجار ممثل منطقة الغرب. وتعتقد مصادر مطلعة أن تنحية بن حمودة جرت بطلب من بوتفليقة لأسباب "سياسية وتاريخية" تتعلق بالخلافات التاريخية بين الرجلين منذ مطلع الثمانينات خلال قيام الرئيس الشاذلي بن جديد بانهاء نفوذ "جماعة وجدة" داخل الجبهة. لكن مصادر أخرى تعتقد بأن التغيير ينسجم مع توجه الحكم إلى تحضير استراتيجية مشتركة بين جبهة التحرير حزب الرئيس والتجمع الوطني الديموقراطي قريب من الدوائر الأمنية. وفي هذا الإطار، قد تكون تنحية بن حمودة تهدف أساساً إلى تحضير "قوائم مشتركة" في الانتخابات البرلمانية والمحلية المقررة السنة المقبلة، خصوصاً أن لقاءات سياسية سراً بين قياديين في الحزبين لتكريس التوافق على توحيد القوى، خاصة في تنامي المخاوف من إمكان إحداث الأحزاب الإسلامية مفاجأة في الاستحقاقات المقبلة.