جدد وزير الخارجية الأميركي كولن باول أمس دعوته سورية الى ادراك "الوضع الاستراتيجي الجديد" في المنطقة معتبراً ان عليها "أن تدرك أن الأمور تغيرت". وقال إن الإدارة ستتابع عن كثب مواقف سورية ورئيسها الدكتور بشار الأسد. وأضاف: "المسألة ليست ما يقول أو ما قاله لي أو ما يصرح به انما ما يفعله حقاً. سنتابع الأفعال خلال الأيام والأسابيع والشهور المقبلة". وقالت مصادر ديبلوماسية واكبت عن قرب المحادثات التي أجراها باول في دمشقوبيروت انه نجح في تمهيد الطريق "لحوار واقعي حول مرحلة ما بعد صدام في العراق والمنطقة". واعتبرت محادثاته مع الرئيس بشار الأسد "محطة مهمة لتعميق حوار لم ينقطع أصلاً". وأشارت المصادر الى "أن باول قال كل ما يرغب في قوله بلغة ديبلوماسية هادئة تبحث عن فرص للتعاون وأن الرد السوري كان من القماشة نفسها". وأوضحت ل"الحياة" ان الوزير الأميركي أكد "ان القوات الأميركية ستغادر العراق ولم تأت اليه لتبقى فيه... وأن نفط العراق للعراقيين". وأشارت الى أن الجانب السوري أكد في المقابل استعداده للتعاون مع أي حكومة يختارها العراقيون. وقالت ان باول الذي شدد على رغبة بلاده في إنجاح "خريطة الطريق" جدد التزامها العمل على إحلال السلام الشامل والعادل، وهو ما اعتبره الجانب السوري المفتاح لحل معظم المشكلات المثارة حالياً محملاً اسرائيل مسؤولية تعثر هذا السلام ومؤكداً احترام ما يختاره الفلسطينيون. وأشارت الى أن باول أعرب عن ارتياحه الى الهدوء القائم في جنوبلبنان داعياً الى تثبيته وترسيخه. وقالت ان الجانب السوري تحدث عن أهمية الاستقرار في لبنان، مشيراً الى اتفاق الطائف والمعاهدة المبرمة بين البلدين وبرنامج إعادة انتشار القوات السورية ولافتاً الى هواجس سورية الأمنية في غياب السلام الشامل. وقالت المصادر ان باول خرج بانطباع ان دمشق لن تلعب دوراً معرقلاً في الملفين العراقيوالفلسطيني في مقابل تأكيد الإدارة الأميركية الطابع الموقت لوجود قواتها في العراق والتزامها العمل من أجل السلام الشامل. لكنها اعترفت ان الحوار لا يزال في بداياته وتنتظره صعوبات متوقعة. وأكدت انه على رغم حساسية المسائل التي أثارها باول مع المسؤولين اللبنانيين، خلال محادثاته في بيروت، فإن لهجته خلت من الانذارات أو التهديدات. مواقف "حزب الله" والمنظمات الفلسطينية نفت مصادر مكاتب المنظمات الفلسطينية الموجودة في دمشق وجود أي تغيير على وضعها في دمشق بعد اعلان وزير الخارجية الأميركي كولن باول أمس تجاوب سورية مع المطلب الأميركي باغلاق هذه المكاتب. فيما تريث "حزب الله" في تحديد موقف نهائي وحاسم من المطالب الأميركية التي تخصه مباشرة والتي ابلغها باول الى المسؤولين اللبنانيين والسوريين. وتردد أن دمشق طلبت من رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" في دمشق خالد مشعل اغلاق مكتبه، علماً بأن مكتب "حماس" رفض الادلاء بأي تعليق. وسألت "رويترز" ممثل "حماس" في لبنان اسامة حمدان هل اغلقت مكاتب الحركة في دمشق، فقال انه لم يبلغ بشيء كهذا. وأضاف ان الاميركيين "يعرفون جيداً ان وجود حماس هو جزء من الوجود الفلسطيني في سورية ولبنان وهذا امر لا اختيار فيه بسبب احتلال الاراضي الفلسطينية وطردهم منها". وفي بيروت شدد مسؤولون في "حزب الله" على "الثوابت" في انتظار جلاء حصيلة المشاورات التي باشرتها قيادته. وتردد ان امينه العام السيد حسن نصر الله توجه امس على رأس وفد قيادي الى دمشق للقاء كبار المسؤولين السوريين في موازاة الاتصالات التي باشرها الحزب في بيروت مع اركان الدولة ممن شاركوا في الاجتماع مع باول. وكان النائب اللبناني محمد رعد "حزب الله" اعتبر ان "الأميركيين يحاولون ان يوظفوا نتائج ما حدث في العراق لابتزازنا على المستويات السياسية والأمنية والعسكرية". وقال في احتفال امس: "لن نحيد عن ثوابتنا الوطنية والقومية مهما كانت الظروف وأياً تكن الضغوط ووسائل الابتزاز، فنحن لنا حقوق على الآخرين وعلى هؤلاء ان يستجيبوا لحقوقنا. ارضنا محتلة ولنا اسرى ومعتقلون يجب تحريرهم". ورأى ان "القيادة السياسية في لبنان هي التي تقرر بأي حجم ينتشر جيشنا وفي اي بقعة يتموضع، ولن نقبل توجيهات ونصائح تحت سيف تهديد مصلت في اتجاهنا". وأكد المعاون السياسي للأمين العام للحزب حسين الخليل ان "ليس لدينا عدو سوى اسرائيل التي تواصل احتلال مزارع شبعا". راجع ص7 ونفى رئيس تحرير صحيفة "البعث" الناطقة باسم الحزب الحاكم في سورية مهدي دخل الله، في حديث لأحد المواقع على الانترنت، أن يكون لهذه المكاتب أي نشاط عسكري أو فدائي، وقال: "لا يوجد أحد في فلسطين يأخذ أوامره من سورية أو يخطط عملياته في سورية". ووصف نتائج محادثات باول في دمشق بأنها كانت "ايجابية" وأسفرت عن "تراجع التوتر الذي ساد الفترة الأخيرة". واعتبر ان "زيارة باول تشير الى أن واشنطن اختارت سبيل الحوار وهذا أمر ايجابي"، لافتاً الى أن الولاياتالمتحدة "ليست لديها الكثير من الأدوات للضغط علينا، نحن لا نأخذ مساعدات غذائية منها وليس لدينا علاقات تجارية متطورة معها تستطيع أن تعاقبنا من خلالها، ولا نطبق برامج صندوق النقد الدولي حتى تستطيع معاقبتنا من خلاله، ليس هناك آليات. ممكن أن تهاجمنا عسكرياً لا أكثر من هذا".