يصل وزير الخارجية الاميركي كولن باول بعد ظهر اليوم الى دمشق في زيارة قصيرة تستهدف لقاء الرئيس بشار الاسد والبحث معه في ملفين هما عملية السلام والعراق، الامر الذي يعكس اهتماما اميركيا بموقف دمشق من الموضوعين، خصوصا وان الزيارة جاءت بعد "تردد اميركي". ويكتسب الدور السوري اهمية في هذين الملفين وتفصيلاتهما، اذ تشير مصادر ديبلوماسية الى ان باول سيسعى الى الحصول على ضمانات سورية ب"ضبط النفس" في جنوبلبنان وعدم قيام "حزب الله" بعمليات في مزارع شبعا، في مقابل سعي دمشق الى تأكيد "حق المقاومة اللبنانية في ممارسة عملها في شبعا التي لا تزال محتلة من قبل الاسرائىليين" والحصول على "ضمانات بعدم ارتكاب ارييل شارون مغامرة عسكرية" في جنوبلبنان. كما يأمل الجانب السوري في قيام الادارة الاميركية الجديدة ب"دور اقل انحيازا او دور موضوعي" في عملية السلام بين العرب والاسرائىليين. وكان مسؤولون سوريون اعربوا عن التفاؤل لدى فوز الرئيس جورج بوش بالانتخابات الاخيرة، وازاداد تفاؤلهم لدى غياب "عرّابي اسرائىل" في الادارة الاميركية مثل منسق عملية السلام السابق دنيس روس ومساعده ارون ميلر ووزراء اخرين، خصوصا وان المسؤولين السوريين "اشتكوا سابقا من انحياز هؤلاء المفرط لاسرائىل". وارتبط التفاؤل ايضا بمعلومات عن قيام وزير الخارجية السابق جيمس بيكر والسفير الاميركي السابق في دمشق ادوارد دجرجيان في "دور استشاري" لدى ادارة بوش، في ضوء وجود "علاقة خاصة" لهما مع دمشق. غير ان وزير الخارجية فاروق الشرع اعرب الاسبوع الماضي عن تراجع في التفاؤل لدى حصول ضربات اميركية - بريطانية للعراق. كما ان نائب الرئيس عبدالحليم خدام اشار الى ان "ملف العراق فتح لتمزيق الموقف العربي" قبل القمة العربية المقررة الشهر المقبل في عمان. ويتوقع ان يجدد السوريون والاميركيون "التزام خيار السلام" المرتبط بالبحث عن "صيغ خلاقة" بعد مرور نحو عشر سنوات على مؤتمر مدريد، مع اعادة السوريين عملية ربط المسارات السوري والفلسطيني واللبناني، اي "شمولية الحل"، ما يعني تأجيل البحث في استئناف المفاوضات السورية في ضوء العدوان الاسرائىلي المستمر على الاراضي الفلسطينية. لكن الملف الاكثر اثارة حاليا هو الموضوع العراقي بعد اعلان ادارة بوش سعيها لانجاز "حصار أذكى" على نظام الرئيس صدام حسين. واظهرت الادارة الاميركية الحالية اهتماما اكثر من ادارة بيل كلينتون ب"تعزيز العلاقة" بين دمشق وبغداد والتي انطلقت العام 1997. اذ يتوقع ان يجدد باول رغبة ادارة بوش في عدم قيام سورية بدور سياسي يرفع الحصار عن النظام العراقي، مع طرحه اسئلة عن طبيعة العلاقات السورية - العراقية وافقيها الاقتصادي والسياسي. في المقابل، يتوقع ان يؤكد المسؤولون السوريون التزام قرارات مجلس الامن والعقوبات المفروضة على العراق وعدم الرغبة في خرقها، مع التمسك بتطوير العلاقات الاقتصادية ورفع الحصار عن الشعب العراقي ووضع اتفاق التجارة الحرة في هذا السياق وعدم الاقرار رسميا بفتح انبوب النفط السوري - العراقي.