بدد تنظيم "الجماعة الاسلامية" المخاوف من عودة عمليات العنف الى مصر، واكد القادة التاريخيون للتنظيم ان التوجه السلمي الذي تسير فيه الجماعة منذ المبادرة السلمية التي اطلقت العام 1997 "لن يتم التراجع عنه"، ونفوا في شدة ان يكون زخم عمليات العنف والتفجيرات التي وقعت في الرياض والدار البيضاء اخيراً سيدفع بعناصر الجماعة الى التراجع عن التوجه السلمي. واصدر "القادة التاريخيون" للجماعة الذين يقضون عقوبة السجن في قضية اغتيال الرئيس الراحل انور السادات بياناً حصلت "الحياة" على نسخة منه امس، وجه نقداً شديداً الى تنظيم "القاعدة"، واهاب بالشباب المسلم ان ينأى بنفسه عن المشاركة في عمليات "القاعدة" التي وصفها بأنها "عشوائية ولا تستند إلى اسباب شرعية". ومعروف أن "الجماعة الاسلامية" اضطلعت بمعظم عمليات العنف التي وقعت في مصر في عقد التسعينات بدءاً باغتيال رئيس مجلس الشعب البرلمان رفعت المحجوب العام 1990 ومروراً بحوادث ضرب السياحة ومحاولات اغتيال الرئيس حسني مبارك في اديس ابابا والاديب نجيب محفوظ ووزير الاعلام صفوت الشريف وانتهاء بمذبحة الاقصر في تشرين الثاني نوفمبر 1997، واصدر التنظيم قراراً تاريخياً في اذار مارس 1999 قضى بوقف شامل للعمليات العسكرية داخل مصر وخارجها، كما طرح القادة السجناء في بداية العام الماضي اربع كتب ضمنوا فيها الاسس والاسانيد الشرعية التي استندوا إليها في تحولهم نحو اتباع نهج سلمي ونبذ العنف والارهاب. وتسلمت "الحياة" امس بيان القادة التاريخيين من قريب لهم كان زارهم في سجن المنيا. وأفاد بأن القادة اسامة حافظ وعاصم عبد الماجد وعصام دربالة قاموا بصياغته بالنيابة عن اعضاء "مجلس شورى الجماعة" وعلى رأسهم رئيس المجلس المحامي كرم زهدي، وجاء في البيان الذي حمل عنوان "نداء للشباب المسلمين على هامش تفجيرات الرياض والدار البيضاء": "تهيب الجماعة الاسلامية بكل الشباب المسلم في اقطار العالم الاسلامي وغير الاسلامي أن ينأى بنفسه عن أي مشاركة في العمليات العشوائية التي تقوم بها "القاعدة" كتفجيرات الرياض والدار البيضاء الاخيرة، لأنها تنطوي على اخطاء شرعية واضحة مثل قتل معصومي الدم من المسلمين بلا سبب شرعي صحيح، وقتل من لا يجيز الشرع قتله ابتداء من النساء والصبيان والشيوخ، إضافة إلى قتل من له نوع أمان - معتد به شرعاً أو هكذا يظن المؤمن على الاقل - من اهل الديانات الاخرى بما يشتمل عليه ذلك من غدر نهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم". واضاف البيان: "فضلاً عن الأخطاء، هناك الأخطار الفادحة التي ستجلبها عمليات كهذه بوضعها الأمة كلها في حالة عداء مع العالم بأسره مما لا تخفى عواقبه على العقلاء، وذلك لأنه ليس من حق طائفة ما أن تفرض على العالم الإسلامي كله بصالحيه وغير صالحيه أن يخوض غمار مجابهة ليست في صالحه بحال". وقال القادة السجناء في بيانهم: "نعم، نحن ندرك جيداً أن هذه العمليات ليست أكثر من انعكاس لحالة الإحباط والغضب التي يعيشها العالم الإسلامي على وقع ما يحدث في فلسطين وغير فلسطين من مظالم يسكت العالم كله عنها بل يبارك بعض القوى الدولية فاعليها وقد تمارسها بنفسها ضد أمتنا، إلا أن هذا لا يصلح مبرراً لمثل هذه العمليات لأن الشرع علمنا أن اختطاط السياسة الخارجية لأمة خصوصاً في مسائل الحرب والسلام والعهد والأمان ليس من عمل الأفراد ولا الجماعات غير الممكنة، لذا لم يقاتل نبينا صلى الله عليه وسلم وهو بمكة فارس والروم ولا غيرهما ليس فقط لعدم القدرة، ولكن ايضاً لما يترتب على ذلك من مفاسد عظيمة على دعوته والفئة المؤمنة المستضعفة معه"، ورأى البيان أن "الخطة المثلى لعلاج المأزق الذي يواجه الامة اليوم لا يكون بما تفعله "القاعدة"، من عمليات كر وفر ستؤدي إلى ضغوط لا نهائية على الأمة الإسلامية لإجبارها على تقديم مزيد من التنازلات في هويتها وبقايا شرعيتها، وإنما الخطة المثلى تتمثل في تقارب الأمة وتوحدها - حكاماً ومحكومين - للحفاظ على البقية الباقية من شرائع الإسلام والإبقاء على هوية الأمة مع اتخاذ موقف موحد من الأمم الأخرى عبر حوار صريح يوضح أننا لا نستهدفهم بشر أو أذى وينبغي أن لا يستهدفنا الآخرون كذلك بشر ولا أذى". وجاء بيان "الجماعة الاسلامية" بعد ثلاثة أيام من شريط صوتي لزعيم جماعة الجهاد الدكتور أيمن الظواهري، الذي يعد حالياً الرجل الثاني في تنظيم "القاعدة"، حث فيه شباب المسلمين على ضرب مصالح اميركا وبعض الدول الغربية.