ترفع اليوم جولة المحادثات الخامسة بين الحكومة السودانية و"الحركة الشعبية لتحرير السودان" تحت رعاية الهيئة الحكومية للتنمية في شرق افريقيا ايغاد. وينتظر أن تعاود في منتصف حزيران يونيو المقبل لحسم القضايا الخلافية المتبقية المتعلقة باقتسام السلطة والثروة والترتيبات الأمنية والعسكرية. ولم يتحقق حتى أمس أي اتفاق في القضايا المطروحة في المفاوضات سوى تمديد الهدنة القائمة بين طرفي الحرب والتي تمتد حتى نهاية الشهر المقبل. وكثف الوسطاء ورعاة المحادثات الولاياتالمتحدة وبريطانيا وايطاليا والنرويج جهودهم بإجراء مشاورات منفصلة مع وفدي الحكومة والحركة المفاوضين بعد دراسة ردودهما في شأن مشروع اتفاق لمعالجة قضايا اقتسام السلطة والثروة والترتيبات الأمنية والعسكرية في محاولة للتوفيق بين مواقفهما من المسائل الخلافية. وذكر مراقبون أن مواقف طرفي النزاع تضاربت في شأن قسمة السلطة وتباعدت في قضية وضع العاصمة القومية والترتيبات الأمنية. ويأمل الوسطاء بأن يصلوا الى صيغة توفيقية تضمنتها مسودة مشروع معدل لمعالجة القضايا الجوهرية يحمله كل طرف الى مرجعيته حتى تكون جولة المحادثات المقبلة التي يتوقع أن تكون طويلة وحاسمة هي النهائية. وذكرت مصادر قريبة الى المفاوضات التي جرى معظمها بصورة غير مباشرة في ضاحية مشاكوس الكينية ان الوسطاء يشعرون ان شقة الخلاف بين طرفي النزاع ضاقت، ويبدون تفاؤلاً حذراً لكون المشروع المعدل الذي سيقدم الى الطرفين قد يساهم في تجاوز خلافات أساسية. لكنهم لا يتوقعون التوصل الى اتفاق بنهاية الجولة الحالية. ويتوقع ان يصدر بيان من كبير مفاوضي "ايغاد" الجنرال لازاراس سيمبويو يشير الى ما تحقق من تقدم. وينتظر ان تستأنف بعد غد الجمعة محادثات في نيروبي بين الحكومة و"الحركة الشعبية" لمعالجة قضايا المناطق المهمشة الثلاث جبال النوبة وأبيي وجنوب النيل الأزرق تحت رعاية الرئيس الكيني مواي كيباكي، بعد فشل جولة سابقة في احراز تقدم واكتفت بالاتفاق على جدول أعمال التفاوض. عثمان في واشنطن على صعيد آخر، أجرى وزير الخارجية السوداني الدكتور مصطفى عثمان اسماعيل الذي يزور واشنطن محادثات مع المسؤولين الأميركيين ركزت على تسريع عملية السلام في بلاده ومعالجة القضايا العالقة بين البلدين، خصوصاً العقوبات الاقتصادية التي تفرضها واشنطن على حكومته واستمرار وضع اسم السودان في اللائحة الأميركية للدول الراعية للارهاب. وتحادث اسماعيل هاتفياً مع المبعوث الرئاسي الاميركي للسلام في السودان جون دانفورث والرئيس الاميركي السابق جيمي كارتر، ويتوقع ان يكون التقى في وقت متقدم من مساء أمس نظيره الاميركي كولن باول. وقال القائم بالأعمال السوداني في واشنطن السفير الخضر هارون ان اسماعيل شدد خلال لقاء مع مسؤولين اميركيين على ضرورة ان يترافق إقرار السلام في بلاده مع خطوات لتحقيق الأمن والاستقرار في الاقليم، كما دعا الشركات الأميركية الى الاستثمار في النفط السوداني عقب تحقيق السلام. ونفى مستشار الرئيس للسلام غازي صلاح الدين في تصريحات لوكالة "رويترز" في نيروبي أمس، وجود حد زمني اقصى للتوصل الى اتفاق. وكان الرئيس السوداني عمر حسن البشير توقع الاسبوع الماضي التوصل الى اتفاق سلام في غضون شهرين. وقال صلاح الدين ان الخرطوم ستواصل التفاوض مع المتمردين ما دام ظل هناك بعض الامل في النجاح، لكنه اضاف ان التقدم الذي تحقق في الجولة الاخيرة كان ضئيلا. واضاف: "هناك تقدم ضئيل للغاية لسوء الحظ. من وجهة نظري فان المتمردين ليسوا متعاونين للغاية. بمجرد ان تستقر الحركة على الامر وتقرر التوقيع على اتفاق، وبمجرد ان يبدأوا في تقدير المكاسب التي حققوها حتى الآن اعتقد بأننا سنتمكن بكل سهولة من التوصل الى اتفاق". واعرب عن استعداد الخرطوم لتمديد اتفاق وقف اطلاق النار الذي وقع عليه الطرفان في تشرين الاول اكتوبر الماضي وينتهي في 30 حزيران يونيو المقبل. وقال: "الناس في الجانبين ضاقوا ذرعا من الحرب. اعتقد انه سيكون من الحكمة ان نجدد الاتفاق". وقال ان لديه "صلاحيات كثيرة" من الحكومة للتفاوض، لكن هناك بعض القضايا غير قابلة للنقاش مثل الابقاء على الخرطوم عاصمة، وحجم السلطة الممنوحة لنائب رئيس الجمهورية من "الحركة الشعبية". وقال صلاح الدين ان النهج الجديد الذي ادخل على الجولة الحالية من المفاوضات في 10 أيار مايو الجاري يحقق تقدما اكبر. ولم يعد الطرفان يتقابلان وجها لوجه وانما يتفاوضان من خلال وسطاء.