تختار مدينة كركوك في شمال العراق الأسبوع المقبل مجلساً بلدياً جديداً ورئيس بلدية، وتأمل الولاياتالمتحدة بأن تكون هذه المبادرة مثلاً يحتذى به في المسيرة الصعبة نحو الديموقراطية في العراق، بعد سقوط نظام صدام حسين. في الظاهر، المرحلة الانتقالية في هذه المدينة ذات الغالبية الكردية تسجل نجاحاً أكثر مما هي الحال في بغداد أو مدن اخرى جنوبية. فهي غير مشمولة بنظام حظر التجول، ولا ينتاب القلق الدوريات الأميركية فيها المدعومة بميليشيا محلية من ألف رجل. وقال المسؤول في الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة جلال طالباني رفعت عبدالله: "في شكل عام الوضع هادئ تماماً هنا. لا يزال هناك من يسعى الى إثارة المشاكل بين العرب والأكراد، لكننا نعتقد أنهم من العناصر السابقة في حزب البعث". وتابع: "لا أريد القول ان كل شيء على ما يرام ، ولكن من الواضح ان أوضاعنا أفضل من آخرين في بغداد او غيرها من المدن". ومن المقرر ان تبادر الاحزاب الرئيسية، وفي مقدمها الاتحاد الوطني والحزب الديموقراطي، الحزبان الكرديان الرئيسيان، بمعية رؤساء العشائر، إلى تعيين مجلس بلدي من 300 شخص السبت، وينعقد الأحد لتعيين رئيس بلدية جديد للمدينة التي تضم 700 ألف شخص. وستشرف الادارة الاميركية على العملية، ويتوقع المسؤولون المحليون زيارة الحاكم المدني الاميركي بول بريمر المدينة في المناسبة. لكن مهمة رئيس البلدية الجديد، الذي يتوقع أن يكون من أحد التشكيلين الكرديين اللذين يريان في كركوك عاصمة لكردستان ضمن عراق فيديرالي، لن تكون سهلة، إذ تعرضت البنى التحتية في المدينة لأضرار بالغة خلال الحرب، ولا تكفي المصفاة لتلبية طلبات المواطنين من المحروقات في المدينة التي لا تتوافر فيها الخدمات العامة. ولا تزال مشارفها، حيث كان خط المواجهة بين الجيش العراقي والميليشيات الكردية، مزروعة بالألغام. وعلى رغم ان انفجار العنف بين الأعراق والطوائف الذي كان متوقعاً في المدينة لم يحصل، فإن التوتر على أشده. وكان الرئيس المخلوع صدام حسين نفذ سياسة تعريب اجباري في كركوك بعد قمع التمرد الكردي عام 1991. واعطيت منازل وأراضٍ للأكراد إلى العرب من العراقيين. ومع سقوط كركوك في نيسان ابريل الماضي، تدفق الأكراد على المدينة بنية المطالبة باستعادة املاكهم. ولا يشمل التوتر العرب والأكراد فقط، بل ايضاً التركمان والآشوريين الكلدانيين مسيحيين، واقيمت نقاط مراقبة في بعض الأحياء لمنع عمليات التسلل ليلاً. وقال رفعت عبدالله: "المواجهات بين الأكراد والعرب أوقعت عشرة قتلى وعشرين جريحاً خلال الاسابيع الماضية"، معترفاً بأن مشاكل كثيرة لا تزال قائمة، ومضيفا: "ان "آلاف الأكراد يحاولون استعادة منازلهم وآلاف العرب يرفضون المغادرة". وزاد: "انها مشكلة ذات أولوية ولكن علينا معالجتها بحذر". وفي ملعب كركوك، تعيش ألف أسرة في خيم، في انتظار إعادتها الى بيوتها. وقال شوكر، أحد الاكراد المخيمين: "انتزعت مني قبيلة عربية مزرعتي ولا تريد مغادرتها. وانا اعّول على الاحزاب في حل المشكلة، ولكن ليس مستحيلاً في النهاية ان استخدم الكلاشنيكوف. لن اعيش في هذه الحال الى ما لا نهاية". وقلل مكلف من الأممالمتحدة بقضية اللاجئين حدة المشكلة، مشيراً إلى تعقيد مسألة سياسة التعريب التي نفذها حزب "البعث" . وقال: "تردد الحديث عن سيناريوات قاتمة قبل سقوط كركوك، وحملة الانتقام التي كان يخشى حدوثها لم تحصل". وأشار إلى ان الأممالمتحدةوالولاياتالمتحدة تعهدتا حل المشكلة على المدى البعيد. لكنه أقر عدم وجود أي خطة لإعادة التوطين او التعويض حتى الآن، مشدداً على الحاجة الملحة إليها.