أعلن جلال طالباني زعيم الاتحاد الوطني الكردستاني أمس من كركوك تشكيل "لجنة مدنية"، تتوزع بالتساوي بين العرب والاكراد والتركمان، لتدير شؤون المدينة التي شهدت الجمعة فوضى عارمة. وأكد أن المقاتلين الاكراد بدأوا بالانسحاب من المدينة، بعد يوم من تصريحات تركية بأن أنقرة حصلت على ضمانات اميركية بانسحاب الاكراد منها. ولفت الى ان "البيشمركة" ليسوا وحدهم وراء عمليات السرقة، متهماً "مخربين" لم يحدد هويتهم. وفي الموصل قتل 15 من العرب والاكراد وجرح 200 آخرون على الاقل منذ أول من أمس الجمعة. وتعاني المدينة، وهي ثالث كبرى مدن العراق، من الفوضى العارمة والمخاطر ويسودها توتر في حين يتردد في جنباتها دوي طلقات الرصاص على رغم تمركز القوات الاميركية في أرجائها بعد يوم من دخولها من دون قتال. اعلن جلال طالباني زعيم الاتحاد الوطني الكردستاني أمس من كركوك عن تشكيل "لجنة مدنية" تتوزع بالتساوي بين العرب والاكراد والتركمان لتدير شؤون المدينة التي شهدت الجمعة فوضى عارمة. وأفاد مراسل فضائية "الجزيرة" القطرية في كركوك ان طالباني اعلن للصحافيين اثر مغادرته مبنى محافظة كركوك انه "تم الاتفاق على تشكيل لجنة ادارية من سكان المدينة الاصليين لتدير شؤون المدينة حتى تشكيل حكومة مركزية في بغداد". واضاف ان "اللجنة تضم 21 شخصاً، ثلث للعرب وثلث للاكراد وثلث للتركمان" وذلك اثر انتهاء اجتماعه بضباط اميركيين وعدد من وجهاء كركوك الذين لم تعلن اسماؤهم. من ناحية اخرى اكد طالباني "ان البيشمركة ليسوا وحدهم وراء عمليات السرقة" متهماً "مخربين" لم يحدد هويتهم بتنفيذ عميات السرقة والنهب في كركوك، احدى اهم المدن الكردية التي قام نظام صدام حسين باسكان عرب فيها وطرد الكثير من سكانها الأكراد فيما عرف ب "سياسة التعريب". وينتظر آلاف الاكراد في مدن كردستان او في معسكرات اللاجئين منذ سنوات العودة الى مدينتهم التي طردوا منها. من جهتهم يعتبر التركمان الناطقون بالتركية انهم كانوا يشكلون الاكثرية في كركوك والموصل قبل وصول الرئيس العراقي صدام حسين الى السلطة. يشار الى ان اعمال النهب والسرقات رافقت مظاهر البهجة التي سادت كركوك منذ الخميس، وشارك فيها الاكراد الذين دخلوها بالآلاف وبعض التركمان من دون ان يظهر اثر للسكان العرب في المدينة. وكان طالباني أكد في وقت سابق أن المقاتلين الاكراد العراقيين بدأوا بالانسحاب من مدينة كركوك، بعد يوم من تصريحات تركيا بأنها حصلت على ضمانات اميركية بانسحاب الاكراد من المدينة. وأعلن طالباني في تصريحات صحافية: "سحبنا أول من أمس نصف قوات البيشمركة واليوم أمس نسحب القوات المتبقية". وكان طالباني قال الخميس الماضي عندما دخل المقاتلون الاكراد المدينة انه اعطى اوامره لقوات "البيشمركة" بالخروج من كركوك بحلول يوم الجمعة. أوضح أمس ان الانسحاب لا يتضمن القوات "التي يطلب منها الاميركيون البقاء" في المدينة. واعلن القائد العسكري في الاتحاد الوطني الكردستاني الجنرال مام رستم صباح أمس ان الوضع في كركوك قد هدأ السبت بعد يوم من الفوضى، مشيراً الى ان المقاتلين الاكراد بدأوا بالانسحاب من المدينة. وأكد ان المقاتلين الذين يطلب منهم الاميركيون البقاء سينسحبون ايضاً في نهاية الامر، موضحاً: "عندما تستقر الامور سيرحل الآخرون" مشيراً الى ان نحو الفي جندي اميركي موجودون في كركوك او حولها. وقال الجنرال رستم: "الوضع بات تحت السيطرة. وكانت ليل الجمعة - السبت اهدأ بكثير" من الليلة السابقة التي تميزت بعمليات النهب والسرقة. واكد ايضا ان القوات الاميركية باتت في الوقت الحاضر "اكثر من كافية" في المدينة للسهر على الامن فيها. لكن لم تكن القوات الاميركية ظاهرة كثيراً للعيان في المدينة. وأقر الجنرال رستم نفسه بأنه لا يعلم اين تتواجد القوات الاميركية المفترض ان توفر الامن في المدينة وتسريع رحيل "البيشمركة". وكانت القوات الاميركية أقامت ليل - الجمعة السبت نقاط مراقبة عدة في المدينة لكنها اختفت في الصباح، علماً بأنه اعلن عن قرب وصول تعزيزات اميركية الجمعة، لكن لم يعرف ما اذا كانت قد وصلت فعلاً. وفي انقرة اكد وزير الخارجية التركي عبدالله غل الجمعة ان المقاتلين الاكراد بدأوا بالانسحاب من المدينة في اليوم نفسه. وكانت تركيا هددت مراراً بالتدخل عسكرياً في شمال العراق اذا دخلت القوات الكردية الى مدن مثل كركوك والموصل اللتين تتحكمان بالوصول الى حقول ضخمة للنفط في شمال العراق. وكانت وكالة "رويترز" ذكرت صباح أمس ان المقاتلين الاكراد عملوا على فرض الامن والنظام والقانون في مدينة كركوك، وأقام عشرات المقاتلين الاكراد حواجز على الطرق المؤدية الى المدينة لمنع الناس الذين يشتبه بأنهم يرغبون في نهب المباني. وقاموا بحراسة اكوام من القضبان المعدنية والحاويات والاطعمة والمعدات التي تناثرت على جانبي طريق في المدخل الشرقي لكركوك جمعها اللصوص الذين حاولوا مغادرة المدينة. وفي وسط المدينة قامت الشرطة الكردية بتوجيه حركة المرور. وقوبلت قوات البيشمركة، التي تدفقت الى كركوك من دون موافقة كاملة فيما يبدو من القوات الأميركية، بابتهاج في البداية، لكن الجو تغير عندما بدأ الناس ينهبون ويخربون المباني. وشعر بعض اعضاء الجماعات العرقية من العرب والتركمان بالقلق من هجمات انتقامية من الاكراد الذين أجبر عشرات الالوف منهم على مغادرة كركوك في ظل "برنامج التعريب" الذي طبقه نظام صدام حسين في المدينة. وبدأت الحياة تعود الى طبيعتها في بعض المناطق في المدينة حيث فتح بعض المتاجر ابوابه وبدأت الاسواق تمتلىء بالمواطنين.