أعرب وزير الخارجية الأميركي كولن باول عن استعداد واشنطن لبحث الفكرة الفرنسية - الروسية "تعليق العقوبات" على العراق، على رغم تفضيلها رفعها نهائياً بقرار من مجلس الأمن ليتسنى لها تصدير النفط. وجاءت تصريحات باول في صوفيا أمس بعد زيارته موسكو ومناقشته مشروع القرار الأميركي المقرر أن يطرح على التصويت في مجلس الأمن الاسبوع المقبل، وبعد لقاء مع الرئيس فلاديمير بوتين ووزير خارجيته ايغور ايفانوف الذي أكد ان موسكو تسعى الى "حلول مرضية" للأزمة العراقية، لكن مسؤولاً روسياً رفيع المستوى ربط موافقة بلاده على مشروع القرار بتسوية العقود والديون المترتبة على العراق. وكان باول الذي انتقل أمس الى برلين لاجراء محادثات مع المسؤولين الألمان تعهد في موسكو أن تلتزم الحكومة العراقية المقبلة إيفاء الديون. أعلن وزير الخارجية الأميركي كولن باول أمس ان الولاياتالمتحدة مستعدة لبحث فكرة تعليق الأممالمتحدة العقوبات على العراق قبل أن ترفعها نهائياً. وهذه الفكرة واحدة من حلول عدة يمكن أن تؤدي الى نيل الولاياتالمتحدة تأييد مجلس الأمن الدولي لمشروع قرار يدعو الى رفع العقوبات يمكنها وحلفاءها من البدء في تصدير النفط العراقي. وتؤكد الولاياتالمتحدة انها تريد صدور القرار الاسبوع المقبل لأن منشآت التخزين العراقية أصبحت ممتلئة مما يعوق عملية التكرير والحصول على الغاز للشعب العراقي. ولكن الاقتراح المبدئي الذي قدمته مع بريطانيا واسبانيا واجه معارضة من فرنساوروسيا لأنه يعطيها الحق في بيع النفط مع اشراف دولي محدود. وقال باول خلال مؤتمر صحافي مشترك مع سيميون ساكس كوبورغ، رئيس الوزراء البلغاري، ان بعض اعضاء مجلس الأمن الدولي اقترحوا تعليقاً مبدئياً للعقوبات المفروضة على العراق منذ غزوه للكويت عام 1990. وهذا التعليق سيعطي اعضاء المجلس فرصة لمراجعة الطريقة التي تدير بها الولاياتالمتحدة موارد النفط في نهاية فترة معينة. وأضاف: "نعتقد بأن من الأفضل بكثير رفع العقوبات ولكن في اطار عملية المفاوضات سنبحث فكرة تعليقها بصفة مبدئية". وزاد: "نحن متلهفون لاستئناف ضخ النفط لتحقيق عائدات ونعتقد بأن رفع العقوبات هو الطريقة المثلى لتحقيق ذلك، لكن سندرس الرأي الداعي الى تعليقها، لكننا نفضل رفعها لذا قدمنا القرار بهذه الصورة". وبعد المحادثات التي أجراها باول في موسكو قال نظيره الروسي ايغور ايفانوف ان موسكو تريد أن يكون هناك "سند قانوني لمشاركة دولية واسعة النطاق" في عراق ما بعد الحرب. واعترف باول بأن هناك بعض القضايا المعلقة بما في ذلك قضية عودة المفتشين الدوليين. وقال مسؤول روسي كبير أمس ان مصير مشروع القرار يتوقف على حسم مسألة الديون العراقية والعقود المتفق عليها مع حكومة صدام حسين. وأضاف جورجي محمدوف نائب وزير الخارجية الروسي "مسألة الديون والعقود نوقشت بالطبع" خلال المحادثات مع باول. وزاد: "هناك مناقشات ساخنة جداً حول هذا الموضوع في نيويورك... ستحسم هذه المسألة. ومصير القرار يتوقف عليها". وكان باول تحدث الى اذاعة "صدى موسكو" قبيل مغادرته العاصمة الروسية، وقال ان الولاياتالمتحدة ستدخل "تعديلات على المشروع مرضية لروسيا" وشدد على ان بوتين لم يتطرق خلال المحادثات الى احتمال استخدام حق النقض "الفيتو" لتعطيل المشروع الأميركي أو الامتناع عن التصويت. وأكد ايفانوف ان روسيا تسعى الى ايجاد "حلول مقبولة" وقال ان موسكو تعمل مع واشنطن وباقي الأعضاء في مجلس الأمن للتوصل الى حلول للمشكلات التي ما زالت عالقة. وركز الوزير الروسي على أهمية أن يكون قرار مجلس الأمن المنتظر شاملاً ويتضمن فقرات واضحة لضمان الأمن، في اشارة الى اعتراض موسكو على تقسيم العراق الى ثلاث مناطق أمنية، وأشار الى ضرورة أن يوفر القرار أرضية لأوسع مشاركة دولية في مجال اعادة اعمار العراق. لكن باول استبعد احتمال السماح بادخال قوات دولية الى العراق. وتعد هذه احدى نقاط الخلاف بين الجانبين، اضافة الى عدد من الجوانب المتعلقة بتحديد فترة وجود القوات الاميركية في العراق وسبل ادارة "صندوق مساعدة العراق" الذي نص مشروع القرار الأميركي على انشائه، وتعد المشاركة الروسية في عمليات الاعمار إحدى النقاط التي ما زالت عالقة بين الطرفين. ووصل باول بعد ظهر أمس الى برلين في زيارة تستغرق 24 ساعة ويجتمع اليوم مع المستشار الاتحادي غيرهارد شرودر ووزير الخارجية يوشكا فيشر. وتعتقد أوساط مطلعة في برلين ان المحادثات التي سيجريها باول مع المسؤولين الألمان ستكون تحضيراً للقاء شرودر والرئيس جورج بوش في احتفالات تأسيس مدينة سان بطرسبورغ الروسية أواخر الشهر الجاري، وقمة الدول الصناعية السبع مطلع الشهر المقبل. لكن نائب الناطق باسم الحكومة الالمانية توماس شتيغ قال ان لا خطط حتى الآن لعقد مثل هذا اللقاء.