قال "بنك الكويت الوطني" ان أسواق المال كانت في وارد تجاهل الأخبار الجيدة والتركيز على الأخبار السيئة وانحصر تركيزها الأسواق على فروقات أسعار الفائدة لغير صالح العملة الأميركية. وأضاف البنك في تقريره الاسبوعي انه يعتقد ان العملة الأوروبية ربما سترتفع إلى أعلى من مستوى 1.15 في الفترة المقبلة، لافتاً الى أن معظم المحللين الاقتصاديين يعتقد أن القيمة العادلة لليورو حسب نظرية القوة الشرائية هي للعملة عند مستوى 1.15 دولار. وزاد ان خطر تدخل البنك المركزي الياباني في السوق قائم في ما لو ارتفع الين لأعلى من مستوى 116 مقابل الدولار الأميركي. وفي ما يأتي ما ورد في التقرير: استقطب مجلس الاحتياط الفيديرالي البنك المركزي الاميركي الاهتمام في أسبوع مليء بقرارات السياسة النقدية وأسعار الفائدة، فبينما أبقى كل من البنك المركزي الأوروبي وبنك انكلترا المركزي على أسعار الفائدة الرسمية من دون تغيير، أعلن مجلس الاحتياط تبني سياسة نقدية تحفيزية بانحيازه نحو الاستعداد لخفض أسعار الفوائد إذا لزم الأمر، وأوضح عدم رضائه عن انخفاض التضخم في الولاياتالمتحدة أخيراً. وعلى رغم أن أسعار السلع كمؤشر للتضخم بدأت بالانخفاض منذ أعوام عدة، إلا أن خطر استمرار ذلك الآن قد يؤدي إلى انكماش اقتصادي أميركي، كما حصل في اليابان منذ ما يزيد على ثلاثة أعوام حيث انخفضت أسعار الفوائد القصيرة الأجل هناك إلى صفر، ما كبّل أيدي صناع قرار السياسة النقدية. ومن هذا المنطلق يبدي بعض الاقتصاديين قلقهم من تكرار ذلك بالنسبة للولايات المتحدة وبالتالي تجريد مجلس الاحتياط من أهم أدواته لتحفيز النمو الاقتصادي. وكان الدولار الأميركي الذي بدأ بالانخفاض منذ أكثر من عام ونصف عام تعرض لمزيد من الضغوط التنازلية الأسبوع الماضي بعد بيان مجلس الاحتياط المتشائم في شأن مسار التضخم. فعلى رغم ظهور بعض الأرقام الاقتصادية الجيدة، كمؤشر معهد الإدارة للإنتاج غير الصناعي الذي ارتفع من 47.9 إلى 50.7 في نيسان أبريل، يبدو أن الأسواق المالية كانت في وارد تجاهل الأخبار الجيدة والتركيز على الأخبار السيئة وانحصر تركيزها على فروقات أسعار الفائدة لغير صالح العملة الأميركية. كما استمر تزايد القلق من ارتفاع العجز المتواصل في الميزان التجاري. من ناحية أخرى يبدو أن هناك عدم مبالاة من قبل الأسواق لانخفاض العملة الأميركية الأخير على رغم تأكيد وزير الخزانة الأميركي جون سنو مجدداً عدم تغيير الإدارة قرارها في شأن سياسة الدولار القوية. ويبدو أن ارتفاع اليورو مقابل الدولار أخيراً نتج عن إعادة بناء المراكز المشترية لليورو بعد أن تمت تصفيتها إبان الحرب على العراق في شهري شباط فبراير وآذار مارس الماضيين، ولذلك لا نعتقد أن مجمل مراكز العملات الحالي سيمثل أي عقبة في وجه استمرار ارتفاع العملة الأوروبية. وفي هذا الإطار يتضح لدينا أن الرغبات السياسية سواء المعلنة منها أو المضمرة لعبت دوراً مهماً في اتجاه العملات في هذه الفترة، فعلى سبيل المثال بينما كانت الرغبة السياسية في إضعاف الفرنك السويسري والين الياباني صريحة وواضحة كانت سياسة إضعاف الدولار أقل وضوحاً والمعلن منها يناقض الرغبة الدفينة لدى الإدارة الاميركية. وفي مقابل ذلك كان ارتفاع الدولار الكندي والدولار الأسترالي واليورو يقابله ترحيب سياسي من قبل سلطات القرار في هذه الدول. وبالنسبة لليورو فقد كانت هناك أصوات تعارض ارتفاع العملة الأوروبية على مستوى قطاع الأعمال، إلا أن غياب الأصوات السياسية المعارضة لهذا الارتفاع كان العامل الأهم في صعود اليورو على رغم وجود بعض القلق بعد ارتفاع العملة الأوروبية فوق مستوى 1.10 دولار. من ناحية أخرى يبدو أن هناك عدة عوامل ستساعد على استمرار ارتفاع اليورو مقابل الدولار منها أولا: أن حركة تصحيح الدولار لقوته السابقة لم تكتمل بعد، فعلى رغم انخفاض الدولار بنسبة 15 في المئة منذ بداية السنة الجارية إلا أن غياب المتغيرات الاقتصادية وغير الاقتصادية الجذرية في هذه الفترة سيجعل حركة تصحيح قوة الدولار تستمر مقابل الين ومقابل اليورو ومعظم العملات الأخرى. ثانياً: أن سياسة البنك المركزي الياباني لإضعاف الين وسياسة البنك المركزي الأوروبي لمحاربة التضخم جعلتا الضغط على الدولار مقابل اليورو أكبر منها من الضغط على الدولار مقابل الين. ومع بقاء سياسة البنك المركزي الأوروبي لمحاربة التضخم على ما هي عليه فإن أسعار السندات الأوروبية قد ترتفع نتيجة انخفاض ميل منحنى العائد الناتج عن هذه السياسة، ما يساعد على استمرار تدفق الأموال باتجاه أوروبا. وباختصار فان رفض البنك المركزي الأوروبي تخفيض أسعار الفائدة واستمرار البنك المركزي الياباني في الدفاع عن مستوى 117-115 يناً مقابل الدولار يضاعفان العبء الملقى على الدولار مقابل اليورو، ما يجعلنا نعتقد أن العملة الأوروبية ربما سترتفع إلى أعلى من مستوى 1.15 في الفترة المقبلة، علماً أن معظم المحللين الاقتصاديين يعتقد أن القيمة العادلة لليورو حسب نظرية القوة الشرائية للعملة هي عند مستوى 1.15 دولار. أما تقنياً، فالأرجح أن يتباطأ صعود اليورو، اذ تشير حركة الأسعار الى أن اليورو دخل في نطاق المبالغة في الشراء ولا يستبعد أن يراوح مكانه ليلتقط بعض أنفاسه ضمن حركة تصحيحية متوقعة قبل أن يعاود ارتفاعه مجدداً. أوروبا اليورولاند انتظرت الأسواق المالية قرار السياسة النقدية للبنك المركزي الأوروبي لكنها لم تفاجأ بعدم تغييره أسعار الفائدة بل تفاجأت من تصريح رئيس البنك فيم دويزنبرغ عندما قال ان صعود اليورو غير مبالغ فيه. وقد أثر هذا التصريح في قيمة اليورو مقابل الدولار وبشكل مباشر، اذ ارتفعت العملة الأوروبية إلى 1.1530 دولار، وهو مستوى لم نره منذ كانون الثاني يناير عام 1999، كما ارتفعت العملة الأوروبية مقابل الجنيه ومقابل الين الياباني الى اعلى مستوى لها منذ أربعة أعوام. أما بالنسبة للأوضاع الاقتصادية فمعظم الأخبار من هذه الجبهة كان سيئاً، اذ تواجه ألمانيا خطر الوقوع في الانكماش الاقتصادي بعد هبوط طلبات المصانع الحاد وارتفاع معدل البطالة لثلاثة عشر شهراً على التوالي. وكانت التقارير أظهرت انخفاض طلبات المصانع بنسبة 3.9 في المئة في نيسان الماضي، وهو أكثر مما كان متوقعاً، كما ارتفع معدل البطالة الى اعلى مستوى له منذ توحيد الألمانيتين، ما وأد الآمال في احتمال انتعاش الاقتصاد الألماني في المستقبل القريب، بل أعاد الخوف من احتمال عودة الانكماش في أكبر الدول الأوروبية. والجدير بالذكر أيضاً أن الإنتاج الصناعي الألماني كان قد هبط هو الآخر بأكثر مما كان متوقعاً وذلك بنسبة 1.1 في المئة في شهر آذار الماضي. وتتطابق هذه الأرقام السيئة مع توقعات المحللين من أن اجمالي الناتج المحلي سينمو فقط بنسبة 0.2 في المئة في الربع الأول، كما أن ارتفاع اليورو لا بد أن يؤذي الشركات الكبرى في ألمانيا لأن سلع هذه الشركات ستصبح أغلى لدى المستهلك الأميركي. وبشكل عام، فعلى رغم أن المستثمرين سينجذبون لارتفاع العوائد على اليورو مقارنة بالدولار فإن التطورات الاقتصادية في أوروبا ستؤذي الاقتصاد الأوروبي في المدى الطويل، أما في المدى القصير والمتوسط فمن غير المجدي أن يعاند الواحد منا هذا الاتجاه في ارتفاع العملة الأوروبية، ولذلك فعلى الذين يحتاجون شراء اليورو لأغراض تجارية أن يستغلوا أي حركة تصحيح في مسار اليورو لتغطية حاجاتهم. المملكة المتحدة أضعف قرار بنك انكلترا ترك أسعار الفائدة من دون تغيير عند مستوى 3.75 في المئة، وهو أدنى مستوى لها منذ 48 عاماً، الجنيه الإسترليني لكن العملة البريطانية استعادت بعضاً من خسائرها عند نهاية الأسبوع. وما زال كثير من الاقتصاديين يتوقع أن يقوم بنك انكلترا بتخفيض أسعار الفوائد في المستقبل القريب، اذ يعتقد هؤلاء أن انتظار السلطات النقدية يعود فقط إلى رغبتها الانتظار ولو قليلاً لرؤية ان كان لنهاية الحرب في العراق أي تأثير في المسار الاقتصادي قبل القيام بخفض الفوائد. بالإضافة لذلك فإن انخفاض الجنيه خصوصاً مقابل اليورو قد يكون زاد من مخاطر التضخم، وهو أمر يعد بالنسبة للبنك المركزي أكثر أهمية في المدى القصير من ضعف الاقتصاد. ومن المنتظر أن تستشف الأسواق الكثير من تقرير لجنة السياسة النقدية الربع سنوي في شأن التضخم هذا الأسبوع، كما ستراقب الأسواق بشغف تأثير توقف ارتفاع أسعار العقارات الأخير في بريطانيا على المستهلك البريطاني وهو الحلقة الأهم في النمو الاقتصادي. اليابان ارتفع الين الياباني مقابل الدولار الى نحو مستوى 116 يناً عند بداية منتصف الأسبوع الماضي وذلك في غياب أي مؤشر لتدخل البنك المركزي الياباني، إلا أنه عاد وضعف عند نهاية الأسبوع بمقدار 150 نقطة أساس بمجرد أن ترددت بعض الإشاعات عن تدخل البنك المركزي. وفي هذه الأثناء لم تتوقف تصريحات المسؤولين اليابانيين حول مراقبتهم الحثيثة للأسواق وحول عدم رغبتهم في ارتفاع الين. ومع أن الأسواق عادة لا تبالي كثيراً لهذه التصريحات إلا أنها استسهلت بيع الين مقابل اليورو لأن ذلك يتوافق مع سياسة البنك المركزي الأوروبي المعلنة والتي لا تمانع في ارتفاع اليورو وينسجم مع سياسة البنك المركزي الياباني المعلنة أيضاً والتي ترغب في بقاء الين ضعيفاً. بالإضافة لذلك فإن فروقات أسعار الفوائد لصالح اليورو شجعت على بناء هذه المراكز، وبذلك تجمعت كل الأسباب لنجاح هذه الصفقات، ما ساعد على ارتفاع اليورو مقابل الين لمستويات لم نرها منذ أربعة أعوام. والجدير بالذكر أن عوائد السندات الحكومية اليابانية لمدة 30 عاماً وصلت إلى مستويات دنيا تحت معدل واحد في المئة، ما يضاعف من الطلب على الأصول الأجنبية من قبل المستثمرين اليابانيين، وهو أمر كان مدار نقاش أخيراً من قبل كثير من المحللين في أسواق الصرف. إلا أن حركة أسعار الصرف الأخيرة زادت بشدة ويبدو أنها تقترب من حصول حركة تصحيحية. على صعيد آخر، ستنتظر الأسواق هذا الأسبوع بعض التقارير الاقتصادية اليابانية المهمة لمعدل الاستهلاك وثقة المستهلك في نيسان وطلبات المصانع في آذار ومعدل النمو في الربع الأول التي من شأنها أن تعيد تقويم المراكز في أسواق الصرف، لكن يبقى خطر تدخل البنك المركزي الياباني قائماً في ما لو ارتفعت العملة اليابانية الى اعلى من مستوى 116 يناً مقابل الدولار الأميركي.