اختار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين موقعاً واضحاً لاعلان خطوة تصالحية أخرى مع الولاياتالمتحدة، إذ تعهد أمس اقناع مجلس الدوما بإبرام معاهدة روسية - اميركية لخفض التسلح كان النواب رفضوا تصديقها احتجاجاً على الحرب، فيما أكد مسؤول في وزارة الخارجية ان عمليات إعمار العراق ستتقرر في الأممالمتحدة وليست في واشنطن. ولوحظ ان بوتين دأب خلال ثلاثة أيام متواصلة على الإعراب عن رغبته في إزالة التوتر الذي شاب علاقاته مع نظيره الأميركي جورج بوش. فأعلن في اليومين الماضيين ان روسيا لا تريد "التورط" في النزاع ولا ترغب في "هزيمة سياسية أو معنوية" للولايات المتحدة. وزار أمس مقر قيادة القوات الفضائية الصاروخية وهي عماد القوة الروسية الضاربة، ليؤكد ان موقف بلاده "لا يتطابق" مع الموقف الأميركي في شأن العراق. وللمرة الأولى يستخدم فيها هذا التعبير بدلاً من مصطلح "يختلف" الذي يعد في اللغة الديبلوماسية اكثر شدة. وتابع بوتين ان "عدم التطابق" يشكل "خلفية غير ملائمة" لابرام معاهدة خفض الأسلحة الهجومية الاستراتيجية التي كان النواب رفضوا المصادقة عليها احتجاجاً على الحرب. وتعهد الرئيس الروسي ب"العمل مع البرلمان" لاقناع أعضائه بإبرام المعاهدة التي قال انها "في مصلحة" روسيا. وعلى رغم الطابع "التصالحي" لما قاله بوتين فإن المراقبين لاحظوا انه تحدث في الوقت ذاته عن تعزيز القوات الاستراتيجية وشدد على أهمية اعطاء أولوية لأنظمة الانذار المبكر من الهجوم الصاروخي النووي، وذلك في اشارة الى أن موسكو تريد ان "تتصالح من مواقع القوة". وإذا كان الكرملين يبدو متأكداً من أن الحرب قد حسمت أو تكاد فإنه في الوقت ذاته لا يخفي خشيته من فرض سيطرة أميركية كاملة على العراق. وانتقد نائب وزير الخارجية يوري فيدوتوف قرار الكونغرس الذي طلب منع الدول المعارضة للحرب ومنها روسيا من الحصول على عقود في العراق. وأكد فيدوتوف ان كل ما يتعلق بإعمار العراق "يتخذ بقرار من الأممالمتحدة وليس من الكونغرس الأميركي". من جانبها أعلنت وزارة الخارجية الروسية انها لم تتخذ بعد قراراً باغلاق سفارتها في بغداد لكنها قالت ان مثل هذا القرار "لا يستبعد صدوره بسبب كثافة الغارات" على العاصمة العراقية. وأوصت الوزارة وسائل الاعلام الروسية بسحب مراسليها العاملين حالياً في العراق. إلى ذلك أ ف ب، أكد بوتين والرئيس الفرنسي جاك شيراك أمس خلال اتصال هاتفي تمسكهما بدور الأممالمتحدة في تسوية الأزمة العراقية، كما جاء في بيان للكرملين. وأضاف البيان ان بوتين وشيراك أعلنا "تطابق مقاربات بلديهما حيال دور الاممالمتحدة في تسوية الأزمة العراقية والمشاكل الانسانية في العراق". ورحب الرئيسان ب"نتيجة المشاورات بين وزراء الخارجية الروسي والفرنسي والألماني التي انتهت أول من أمس الجمعة في باريس". وأضاف الكرملين ان هذه المحادثة الهاتفية جرت بمبادرة فرنسية في اطار المشاورات المستمرة بين الرئيسين حول الأزمة العراقية. وخلص البيان إلى القول ان بوتين وشيراك شددا على "ضرورة ان يواصل المجتمع الدولي العمل بالتعاون لما فيه مصلحة السلام والأمن في الشرق الاوسط".