فشل الامريكيون والبريطانيون حتى مساء امس في تمرير مشروع قرار يتيح شن الحرب على العراق ولمح وزير الخارجية الامريكى كولن باول الى احتمال الغاء التصويت بشكل نهائى وعدم طرح مشروع القرار. ونقلت شبكة هيئة الاذاعة والتلفزيون البريطانية بى بى سى عن مراسلها للشئون الدبلوماسية قوله ان ذلك يتوقف جزئيا على ما اذا كانت بريطانياوالولاياتالمتحدة واثقتين من أن فرنسا ستستخدم حق النقض الفيتو. وكانت معلومات غير رسمية تسربت امس في مقر المنظمة الدولية تحدثت عن عزم الولاياتالمتحدةوبريطانيا سحب مشروع القرار وتعديلاته بعد تأكدهما من انه لن ينال التأييد المطلوب بينما قالت مصادر في المجلس ان الاعضاء يحاولون وجود مخرج من عنق الزجاجة وتقدم اعضاء الدول غير الدائمة العضوية لملء الفراغ بمشروع قرار يزاوج بين مواقف الخمسة الكبار. وكانت الضغوط والتهديدات التي مارستها لندنوواشنطن على مدى الاسبوعين الماضيين قد تحطمت على صخرة معارضة واسعة تقودها فرنساروسياوفرنسا التي اكد رئيسها جاك شيراك الاثنين ان باريس ستصوت ب"لا" على اي قرار جديد حول العراق "مهما كانت الظروف"مما دفع الامريكيين في البيت الابيض ووزارة الخارجية والبنتاجون الى شن حملة عنيفة ضدها ودعوا المواطنين الامريكيين الى اظهار تذمرهم بمقاطعة السلع الفرنسية كما جددت روسيا امس بشكل صريح رفضها المقترحات البريطانية الرامية الى ما تسميه اختبار جدية نزع الاسلحة العراقية والتي اعتبرتها موسكو "غير بناءة"، وكررت انها ستستخدم حق النقض (الفيتو) ضد اي قرار "على شكل انذار نهائي". واعلن نائب وزير الخارجية الروسي يوري فيدوتوف ان المقترحات البريطانية الجديدة "غير بناءة ولن تسوي المشكلة الرئيسية وهي تفادي" الحرب ضد بغداد. وقال المسؤول الروسي ان "النص لا يزال يحمل طابع الانذار والاختبارات (المقترحة) لا تؤدي الا الى تعزيزه". واكد فيدوتوف في تصريح نقلته وكالات الانباء الروسية "ان موقف روسيا لم يتغير. لن نسمح بتمرير اي قرار على شكل انذار قد يفتح الطريق امام استخدام القوة". واقترحت بريطانيا الاربعاء على مجلس الامن وضع شروط عدة للعراق لتجنب حرب، في ملحق لمشروع قرار قدم الشهر الماضي ورفضت بغداد الشروط على الفور. لكن المشاورات حول مشروع القرار الثاني وصلت الى طريق مسدود على ما يبدو. وقد ابدى الرئيسان الفرنسي والروسي جاك شيراك وفلاديمير بوتين اللذان يتمتعان بحق الفيتو في مجلس الامن الدولي، رغبتهما مجددا في القيام باي شيء من اجل التوصل الى تسوية دبلوماسية وسلمية للازمة العراقية وذلك اثناء محادثة هاتفية بينهما يوم الخميس. وقد تتواصل المشاورات داخل مجلس الامن "لكن اصواتا في هذه الاثناء بدأت ترتفع لتقول ان مشروع القرار قد لا يطرح على التصويت"، كما اعلن امس الجمعة فيدوتوف الذي اعتبر ان بريطانياوالولاياتالمتحدة ادركتا انهما لا تتمتعان بدعم "غالبية واسعة" داخل مجلس الامن. واضاف فيدوتوف "ان قرار واضعي مشروع القرار الامريكي البريطاني بتأجيل التصويت وربما عدم طرحه على التصويت اطلاقا، يدل على انهما ادركا انهما لا يتمتعان بدعم غالبية اعضاء مجلس الامن الدولي". ورأى ان الراي "المهيمن" في الاممالمتحدة ومجلس الامن هو المطالب "بتسوية المشكلة العراقية بطريقة سلمية عبر مواصلة عمليات التفتيش الدولية". واكد موقف روسيا المتمثل ب"عدم وجوب اعتماد مشروع قرار جديد حول العراق حاليا او تأييد قرار قد يؤدي الى الحرب". وكان دبلوماسي امريكي رفيع المستوى قد اشار مساء الخميس في موسكو الى ان واشنطن لا تزال تأمل في اقناع روسيا بعدم استخدام حق النقض في الاممالمتحدة، معتبرا ان موقف فلاديمير بوتين اكثر "تساهلا وتعاونا" من موقف "اعضاء اخرين دائمي العضوية" في المجلس في اشارة الى فرنسا. وبعد ان عجز التناطح بين الدول الدائمة العضوية في حسم الامر لاي من الفريقين حربا او سلما تشجعت الدول غير الدائمة العضوية وابدت رغبتها في تقديم مشروع قرار خاص بها وهذه الدول هى باكستان وتشيلى والمكسيك وانجولا وغينيا والكاميرون ويطلق عليها اسم /دول الوسط/ وتعد اصواتها هامة كي يحصل أى مشروع قرار على الاغلبية الضرورية فى المجلس. ويهتم مشروع القرار الجديد بالرد على المسألة الرئيسية وهى مسالة جدوى مواصلة التفتيشات الدولية حيث يتضمن ضرورة مواصلة عملية التفتيشات فى العراق لغرض البحث عن اسلحة الدمار الشامل واتلافها او اعلان ان بغداد لم تنفذ شروط قرارات مجلس الامن السابقة وضمنا القرار 1441. ويقترح المشروع فى الوقت نفسه تبنى القرار لا على اساس التصويت بل على اساس الاجماع بهدف (بلوغ توضيح الوضع كله داخل مجلس الامن وبذلك تهيئة قاعدة للوصول الى حل وسط على نطاق واسع). وكان مجلس الامن قد ناقش يوم الخميس مقترحات بريطانيا التى تتضمن ستة بنود /اختبارية/ بالنسبة لبغداد .. وقالت مصادر في مجلس الامن ان هذه المقترحات لا تتسم بعد بطابع رسمى او حتى شكلى ولم يحدد اعضاء المجلس غير الدائمين خلال تلك المناقشات موقفهم من المقترحات البريطانية .وهو الامر الذى اعتبره معظم اعضاء المجلس فشلا واضحا لبريطانيا فى اقناع مجلس الامن بتبنى هذا الموقف من حل الازمة العراقية لان الاعتقاد يسود بان المشروع البريطانى يؤدى تلقائيا الى بدء الاعمال العسكرية ضد العراق.