روسيا لا تريد للولايات المتحدة "هزيمة معنوية أو سياسية"، وأكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن بلاده ستتكبد خسائر كبيرة في حال لحقت الهزيمة بالأميركيين، رافضاً محاولات "توريط" بلاده بالنزاع العراقي، ومشدداً على أنها تتحمل مع أميركا مسؤولية مشتركة عن الاستقرار العالمي. وعلمت "الحياة" ان مستشارة الأمن القومي الأميركية كوندوليزا رايس ستصل إلى موسكو قريباً، لتناقش مستقبل العراق بعد الحرب. استدعى الرئيس بوتين في وقت متقدم مساء الخميس كاميرات التلفزيون لحضور لقاء غير مهم مع طبيب الأطفال ليونيد روشال الذي يدعو إلى اجلاء الأطفال الجرحى من بغداد، وذلك للادلاء بتصريح بعد ساعات على إعلان المفتي طلعت تاج الدين "فتوى الجهاد" ضد الولاياتالمتحدة. ومن دون الاشارة إلى الفتوى، قال بوتين إنه "يتفهم جزئياً الأحاديث العاطفية عن الأزمة العراقية"، لكنه أضاف: "العواطف ليست الناصح الجيد عند اتخاذ القرار". وشدد على أن روسيا لم تسمح بأن تُورط في نزاعات وأزمات كثيرة سابقة، وقال: "سأفعل كل ما بإمكاني كي تظل روسيا هذه المرة أيضاً غير متورطة بالنزاع العراقي، بأي شكل". ولفت إلى أن الولاياتالمتحدة أكبر شريك اقتصادي لبلاده، وسيبلغ التبادل التجاري معها هذه السنة عشرة بلايين دولار. وأضاف ان رصيد الاحتياط الروسي من العملة الصعبة يحتوي 5.55 بليون دولار، إضافة إلى مبالغ هي مدخرات المواطنين، لذلك فإن أي هزة جدية تصيب اقتصاد الولاياتالمتحدة وعملتها ستؤدي إلى "خسائر مباشرة" لروسيا. وشدد بوتين على أن أميركا وروسيا هما أكبر دولتين نوويتين، وتتحملان مسؤولية الاستقرار العالمي، وتعملان معاً لمنع انتشار أسلحة الدمار الشامل ومحاربة الإرهاب الدولي. وذكر أن هذه الأسباب تجعل موسكو مهتمة بتطوير علاقاتها مع واشنطن، على أساسا "تعزيز القانون الدولي ومؤسسات الأمن العالمي، وفي مقدمها الأممالمتحدة". واعتبر محللون كلام الرئيس الروسي تأكيداً لاستنتاجات توصلت إليها موسكو وباريس وبرلين وفحواها أن نتيجة الحرب حسِمت بالتالي ولا بد من التفكير في ما سيعقبها. وفي هذا السياق قال ل"الحياة" سياسي قريب إلى الكرملين إن كوندوليزا رايس ستصل إلى موسكو "في غضون أيام" للبحث في أوضاع العراق لمرحلة ما بعد الحرب، ودور الأممالمتحدة ومساهمة روسيا في البرامج الاقتصادية المقبلة. وكان وزير الخارجية الروسي ايغور ايفانوف ناقش هذه المحاور مع نظيره الأميركي كولن باول في بروكسيل، وأعلن ناطق باسم الخارجية الروسية ان الجانبين أكدا عزمهما على تجاوز الخلافات التي سببتها "أعباء الأزمة العراقية". وفي دعوة تكاد أن تكون سافرة إلى "تسريع" العمليات العسكرية، قال الناطق الكسندر ياكوننكو إن "أهم شيء الآن هو انهاء النزاع في أسرع وقت، وبأقل عدد من الضحايا" وتفادي "كارثة إنسانية". وعلى رغم تسليم موسكو بالأمر الواقع ميدانياً، ما زالت ترفض هيمنة أميركية كاملة على العراق وموارده. وسرّبت وكالة "ايتار تاس" الحكومية نبأ يفيد أن الولاياتالمتحدة تنوي تكليف فيليب كارول، الرئيس السابق لشركة "شل اويل" الاشراف على التنقيب عن النفط العراقي واستخراجه، من دون العودة إلى الأممالمتحدة. وأشارت إلى أن هذه الخطوة تواجه رفضاً دولياً، محذرة من أن البلدان المعنية قد تبرم صفقات نفطية تتم من دون "مظلة شرعية" توفرها الأممالمتحدة. ونسبت وكالة "انترفاكاس" إلى ديبلوماسي قوله إن موسكو تعارض استخدام عائدات بيع نفط العراق في إعماره. وأضاف ان تلك الأموال هي "للتعويض عن أضرار العقوبات وليس عن أضرار الاحتلال". إلى ذلك، أبدى وزير الإعلام الروسي ميخائيل ليسين مخاوف من حملة دعائية أميركية قد تشن على روسيا، وتوقع أن توجه إلى بلاده اتهامات تستند إلى "اعترافات" مسؤولين عراقيين يقعون في الأسر، وربما "يدعون" أن عقوداً وصفقات ابرمت مع شركات روسية في مقابل رشاوى، أو قد "يكشفون" مشاركة خبراء أو متطوعين روس في ترتيب الدفاعات العراقية.