استبق مكتب رئيس الحكومة الاسرائيلية تصديق المجلس التشريعي الفلسطيني على الحكومة الجديدة برئاسة محمود عباس أبو مازن بخفض سقف التوقعات منها بزعم ان تعيين أبو مازن حقق نتيجة عكسية لتلك التي رجتها تل ابيب وواشنطن "ولم يحقق الغاية الأساس المرجوة بإزاحة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، بل أدى الى تعزيز مكانته". ونقلت الإذاعة العبرية الرسمية عن أوساط سياسية اسرائيلية رفيعة المستوى قلقها من "تقوية عرفات وتعاظم شعبيته في أوساط الفلسطينيين"، وان أبو مازن لن يكون سوى "تابع" للرئيس عرفات "الذي نجح في استعادة مكانته الدولية وعاد مسؤولون دوليون كبار لمهاتفته وزيارته في مقره في رام الله بعد عزلة دامت نحو عام". وتابعت الإذاعة ان واشنطن وتل ابيب تدركان اليوم، انهما اخطأتا في تقديراتهما لقوة الرئيس عرفات وتجربته السياسية الغنية وقدراته على تجاوز الأزمات. وقالت ان اسرائيل اخطأت حين لم تقم بطرد الرئيس الفلسطيني من وطنه أو تصفيته جسدياً "ولو فعلت ذلك لنشأ فراغ كان بمقدور القيادة الفلسطينية الجديدة ان تملأه"، على ما قال مصدر اسرائيلي كبير للاذاعة. وزادت نقلاً عن مصادر مطلعة ان اسرائيل ما زالت مصرة على موقفها عدم اجراء مفاوضات مع الرئيس الفلسطيني كما انها لا تنوي رفع الحصار عنه "وفي المقابل سيواصل الجيش عملياته ضد المنظمات الارهابية واغتيال كوادرها كما فعلت اليوم أمس". وختمت بالإشارة الى تعيين عرفات مجلساً جديداً للأمن القومي الفلسطيني يرأسه بنفسه ويكون مرجعية أمنية عليا للقارات الأمنية كافة المتعلقة بالمرحلة المقبلة "أي سلب الوزير الجديد محمد دحلان هذه الصلاحية". في المقابل رحب أقطاب حزب العمل المعارض بخطاب أبو مازن في المجلس التشريعي أمس واعتبروه فرصة تاريخية لاستئناف المفاوضات السلمية. ودعا الأمين العام للحزب اوفير بينيس رئيس الحكومة الاسرائيلية الى مصافحة اليد الفلسطينية الممدوة للسلام والعودة الى طاولة المفاوضات، ودعا وزير الدفاع السابق بنيامين بن اليعيزر الحكومة الى مساعدة أبو مازن الذي ينبذ الارهاب كوسيلة لتحقيق الأهداف. وقال زعيم العمل عمرام متسناع انه استشف التشاؤم من أقوال قائد الجيش الاسرائيلي الجنرال موشيه يعالون امام لجنة الخارجية والأمن التي يتباهى فيها بما وصفها نجاعة سياسة اغتيال الناشطين الفلسطينيين واعتبرها "دعماً لأبو مازن". وعبر متسناع عن مخاوفه من ان تتحقق "توقعات يعالون من ان الحكومة الفلسطينية الجديدة لن تحدث التغيير المرجو اسرائيلياً". واعتبر الوزير العمالي السابق يوسي بيلين خطاب أبو مازن "أهم خطاب فلسطيني منذ اتفاقات اوسلو"، فيما انتقد نواب من اليسار الصهيوني استقبال اسرائيل الحكومة الفلسطينية باغتيالات جديدة. ولاحقاً نقل عن ناطق بلسان الحكومة الاسرائيلية قوله ان اسرائيل سئمت الكلام وتنتظر العمل "وسنتعامل مع كل حكومة ومن يرأسها حسب افعالها وليس حسب تصريحاتها". وهاجم نواب في أحزاب اليمين المتطرف الشريك في التوليفة الحكومية أبو مازن "الذي ينكر المحرقة". وحذروا شارون من تقديم أي تنازل أو "بادرة حسن نية" تجاه رئيس الوزراء الفلسطيني. وقال وزير الخارجية الاسرائيلي سلطان شالوم امس ان أقوال أبو مازن بداية طيبة، معبراً عن رضاه من حقيقة ان الفلسطينيين تبنوا التوجه الاسرائيلي القائل بوجوب حل المشاكل من خلال المفاوضات، مستدركاً ان أقوال أبو مازن عن التسوية الدائمة تطرح علامات استفهام صعبة حول استعداده لتسوية كهذه.