ظل مطار مدينة الفاشر عاصمة ولاية دارفور في غرب السودان مغلقاً أمام حركة الملاحة الجوية لليوم الثاني بعدما استولى عليه متمردون مسلحون ساعات فجر الجمعة، وألغت السلطات رحلة جوية تضم قيادات أمنية وصحافية امس. فيما أعلن احد الفصائل السودانية المسلحة في ولايات دارفور "سحب قواته من الفاشر بعدما حققت اهدافها العسكرية". واشار الى أسر طيّار برتبة لواء، وأكد في الوقت نفسه استعداده "اجراء حوار مع الحكومة للتوصل الى سلام شامل". اعلن وزير الاعلام السوداني الزهاوي ابراهيم مالك ان الجيش بسط سيطرته التامة على مدينة الفاشر بعد صد هجوم نفذه متمردون مسلحون عليها فجر الجمعة، مشيراً الى ان المطار ظل مغلقاً نهار امس بعد الغاء الرحلة الجوية التي دعت اليها الوزارة بهدف التأكد من استتباب الامن في المدينة. وقال ان الجيش يطارد القوات المعتدية ويجري عمليات تمشيط على بعد نحو 500 كيلومتر من الفاشر. ونظمت السلطات المحلية في الفاشر موكباً صباح امس استنكر عملية الهجوم على المدينة، واعتقلت السلطات العشرات من المدنيين المتهمين بالتعاون مع المتمردين المسلحين ومن بينهم تجار اتُهموا بدعم المسلحين. وذكرت السلطات ان بعض المواطنين اخفوا المسلحين في منازلهم بعد تسللهم ليلاً قبل يوم من الحادث رغم اعلان حظر التجول في المدينة منذ اكثر من اسبوع. وعُلم ان القوة التي هاجمت الفاشر فجر الجمعة تنتمي الى فصائل "حركة العدالة والمساواة" و"جبهة تحرير دارفور" و"حركة تحرير السودان" تسلّلت في مجموعات صغيرة على ظهر سيارات من غرب المدينة في السادسة والنصف صباحاً اي بعد نصف ساعة من انتهاء موعد حظر التجول، وركزت على مطار المدينة، اذ دمّرت اربع طائرات كانت جاثمة على ارض المطار ومستودعاً لغاز الطائرات وموقعاً للدفاع الجوي الامر الذي أدى الى انفجارات ضخمة أصابت المواطنين بالهلع. وروى شهود ل"الحياة" عبر الهاتف من الفاشر ان المهاجمين بعد استيلائهم على المطار تحركوا نحو مقر قيادة الجيش من دون ان يقصفوا بمدافعهم مقر جامعة الفاشر المجاور، واستهدفوا مخازن للاسلحة والذخائر ومستودعات للوقود، كما حاولوا الوصول الى محطة الاذاعة المحلية، واشتبكوا مع الجيش في مواجهات عنيفة استمرت اكثر من ساعتين. وافاد الشهود ان القوة المهاجمة بدت مدرّبة تدريباً عالياً على حرب العصابات والغارات السريعة وان لديها معلومات كافية عن المواقع التي استهدفوها لشل قدرة الجيش الذي عزّز وجوده في المدينة منذ اسبوعين والقضاء على تفوقه الجوي عليهم. وقال الناطق باسم الجيش الفريق محمد بشير سليمان ان القوات التي تسلّلت الى الفاشر استهدفت مرافق حيوية واستراتيجية وأدت المواجهات بين الطرفين الى مقتل 32 من الجيش من بينهم ضابطان وخربت اربع طائرات، وقتل 20 من القوة المهاجمة، كما دمّر الجيش اربع سيارات وغنم اثنتين من التي استخدمها المهاجمون. واضاف سليمان في مؤتمر صحافي مساء الجمعة ان "الخارجين عن القانون أرادوا من العملية احداث فرقعة اعلامية" لتغطية الهزائم التي تلقوها في الايام الماضية. واعتبر العملية "عملية انتحارية" موضحاً ان الجيش استطاع في الايام الماضية طردهم من منطقة جبل مرة وطاردهم حتى منطقة "عين سيرو" بعد معارك شبه حاسمة استولى فيها على سبع مركبات وعتاد عسكري مما اضطرهم الى الانسحاب الى منطقة "عين فرح" وكان يخطط لمهاجمتهم في المنطقة للقضاء عليهم خلال 24 ساعة او محاصرتهم في مناطق صحراوية لا يتوافر فيها الماء والغذاء. من جهة اخرى، ذكر الامين العام ل"حركة تحرير السودان" مني اركو ميناوي في اتصال هاتفي عبر الاقمار الاصطناعية اجرته "الحياة" بغرب السودان ان "الحركة" أجلت قواتها من مدينة الفاشر، احدى اكبر مدن ولايات دارفور بعد اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية مساء الخميس. وقال: "لقد حققنا اهدافنا المتمثلة في تدمير القوة الجوية في المطار ومستودعات الذخيرة، ثم سحبنا قواتنا بعدما استولت على تسليح عسكري ومواد تموينية من الجيش الحكومي". واكد "أسر اللواء طيار ابراهيم بشري من قيادة سلاح الطيران في الخرطوم". مشيراً الى "ان قتلى القوات الحكومية ارتفع الى 120 قتيلاً، فيما فقدت الحركة خمسة من مقاتليها خلال المواجهات العسكرية". واعلن ميناوي ان حركته مستعدة للحوار مع الحكومة. وقال: "لا نرفض التفاوض ولا نتمسك بالحرب، لكن الحكومة هي التي خرقت اتفاقاً سابقاً معنا بعد لقاء الرئيس السوداني عمر البشير الرئيس التشادي ادريس دبي، ولجأت الى التهديد العسكري". واضاف: "نرغب في سلام شامل وديموقراطية حقيقية وواقع جديد في سودان موحد يزيل التهميش والمظالم من كل المناطق المهمشة". ورفض وصف حركته ب"العنصرية والجهوية".