قدمت روسيا أفكاراً لرفع العقوبات عن العراق في غضون أسبوعين، يليان مطالعة يقدمها رئيسا هيئتي المفتشين هانس بليكس ومحمد البرادعي، فيما انتقد "الصقر" الأميركي المستشار في البنتاغون ريتشارد بيرل الحكومة الروسية، معتبراً أنها "راهنت على الخاسر"، وتوقع إلغاء العقود النفطية المبرمة بين موسكووبغداد. ونقلت وكالة "ايتار تاس" الرسمية عن مسؤول رفيع المستوى في وزارة الخارجية الروسية قوله إن موسكو "تصر على اغلاق ملفات التسلح في العراق بأسرع وقت، ما يسمح برفع العقوبات من دون تأخير". وأوضح أن ذلك يقتضي أن يتوجه رئيس لجنة "انموفيك" بليكس ومدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي إلى بغداد "ليؤكدوا خلو العراق" من أسلحة الدمار الشامل. وأشار إلى أن ذلك سيكون "أمراً بديهياً، إذ لا توجد أسلحة" محظورة في العراق. وزاد أن العقوبات يمكن أن تلغى فور إعلان بليكس والبرادعي رأيهما، وتوقع أن تستغرق هذه العملية أسبوعين. لكنه رفض في الوقت ذاته الطلب الأميركي برفع العقوبات فوراً، معتبراً أن ذلك يناقض أحكام القانون الدولي. ونسبت وكالة "انترفاكس" المستقلة إلى "ديبلوماسي رفيع المستوى" أن موسكو تعارض "بدء عملية التسوية العراقية من الصفر"، وترى أن من المهم تنفيذ القرارات الدولية. وأضاف ان روسيا لا تؤيد وقف العمل ببرنامج "النفط للغذاء"، وترى أن على "قوات الاحتلال" تحمل مسؤولية "المشاكل الإنسانية الناجمة عن العمليات العسكرية". وأشار إلى أن موسكو لم تتلقَ اقتراحات رسمية بمشاركة وحدات روسية في قوات "لحفظ الاستقرار" في العراق. وتابع ان موقف روسيا سيكون "سلبياً" في حال اثير هذا الموضوع. ولفت مصدر قريب إلى وزارة الخارجية في تصريحات إلى "الحياة" إلى أن الاقتراحات الروسية لم تعد تتضمن دعوة إلى عودة فرق التفتيش، بل عودة بليكس والبرادعي من أجل "تثبيت حقيقة" عدم وجود الأسلحة المحظورة. وذكر أن هذا "حل وسط" قد يبقي التسوية في إطار الشرعية الدولية، لكنه اعترف بأنه قد يتسبب في احراج للولايات المتحدة التي شنت الحرب بحجة وجود تلك الأسلحة وعليها الآن أن تقبل قراراً دولياً "يعني في الواقع لا شرعية الحرب". إلى ذلك، وجه ريتشارد بيرل انتقادات شديدة إلى موسكو، وقال في حديث إلى صحيفة "كوميرسانت" إنه كان حضر اجتماعاً "مغلقاً" مع مسؤول روسي رفيع المستوى زار واشنطن عشية الحرب لاقناعها بأن الكرملين لا ينوي "خلق مشاكل" في العلاقات الثنائية بسبب العراق. ولم يحدد بيرل اسم المسؤول، ولكن معروف أن مدير الديوان الرئاسي الروسي الكسندر فولوشين كان أجرى محادثات شبه سرية مع الرئيس جورج بوش وكبار المسؤولين، وذكر أنه نقل وجهة نظر "تصالحية" مع واشنطن. لكن وزير الخارجية الروسي ايغور ايفانوف أصدر بعد يوم على الزيارة تصريحاً هدد فيه باستخدام حق النقض الفيتو لتعطيل قرار في مجلس الأمن يجيز الحرب. واعتبر بيرل ذلك دليلاً على "تناقض وارتباك" لدى القيادة الروسية. وأضاف ان الحكومة في موسكو "راهنت على الخاسر"، وألحقت بذلك ضرراً كبيراً بمصالح روسيا، مشيراً إلى أن الحكومة العراقية المقبلة "يُستبعد أن تتعامل بأسلوب واحد مع الدول التي حررت العراق من صدام حسين، ومع مَن عارض ذلك". واستنتج أن هناك "احتمالاً كبيراً" لإلغاء العقود النفطية الموقعة مع روسيا، وذكر أنه "سيستغرب" أن تحافظ الحكومة المقبلة في بغداد على علاقات أقامتها الحكومة السابقة. واعتبر أن مطالبة روسيا وفرنسا والمانيا بدور للأمم المتحدة سببها أن هذه الدول "تدرك أنها لن تستطيع الوصول إلى العراق" من دون المظلة الدولية. وتابع ان الحكومة الجديدة في بغداد "لن تكون سعيدة" برؤية الرئيس الفرنسي جاك شيراك في العاصمة العراقية، وان الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان "قد يضمن له تذكرة" سفر.