انتقلت المعارضة لحماسة رئيس الوزراء البريطاني توني بلير لشن حرب على العراق من الوسط السياسي، داخل حزبه وخارجه، إلى القيادة العسكرية التي أعلنت أمس أنها لم تطلع على أدلة مقنعة تثبت تورط العراق بأحداث 11 أيلول سبتمبر، أو معلومات عن تسليمه أسلحة دمار شامل إلى تنظيم "القاعدة". وحذر مسؤولون عسكريون بارزون في لندن من تشتيت القوات البريطانية في مناطق النزاع راجع ص2 و3. وفيما عقد نائب وزير الخارجية الأميركي ريتشارد أرميتاج اجتماعاً مع مسؤولين في الحلف الأطلسي لإطلاعهم على "معلومات سرية عن امتلاك العراق أسلحة غير تقليدية"، أعلن وزير الدولة البريطاني بن برادشو اثر لقائه رئيس لجنة التحقق من ازالة الأسلحة العراقية المحظورة هانز بليكس في لندن أمس، أن بغداد انتهكت 23 قراراً دولياً من أصل 27. وتجرى في موسكو اليوم محادثات أميركية - روسية لبت قائمة السلع التي ستتضمنها "العقوبات الذكية"، كما تقترحها الولاياتالمتحدة التي ترفض أن يجيب مجلس الأمن عن الأسئلة العراقية، وتصر على امتثال بغداد لقرار عودة المفتشين. ونقلت صحيفة "ذي انديبندنت" أمس عن مسؤولين عسكريين بريطانيين رفيعي المستوى أنهم لم يتلقوا أي معلومات من الاستخبارات تفيد أن الحكومة العراقية أو أجهزتها زودت أو تزود "القاعدة" أسلحة كيماوية أو جرثومية، كما لم يطلعوا على أدلة مقنعة تثبت تورط العراق بأحداث 11 أيلول. وأشار المسؤولون إلى أنهم لم يتلقوا من رئاسة الوزراء البريطانية تعليمات بما هو مطلوب منهم، حين تندلع الحرب، محذرين من تشتيت القوة العسكرية البريطانية في مناطق النزاع. وأعلن برادشو إثر لقائه بليكس أن العراق ما زال يرفض الامتثال لقرارات الأممالمتحدة. وشدد على أن لندن تؤيد جهود الأمين العام للمنظمة الدولية كوفي أنان لاقناع بغداد بقبول عودة المفتشين، ورفض عرض النظام العراقي السماح بعمليات تفتيش بناء على ترتيب مسبق. ووصل إلى موسكو نائب وزير الخارجية الأميركي جون وولف لاجراء محادثات في شأن قائمة السلع ذات الاستخدام المزدوج التي تخضع لرقابة خاصة لدى تصديرها إلى العراق. وقال مصدر روسي إن موسكو تمكنت من "اختزال" بنود كثيرة في القائمة خلال الجولتين الماضيتين، وشطب مواد تصدرها إلى بغداد، ومنها آلات تستخدم في تأهيل البنية التحتية. وزاد ان موسكو ستؤكد خلال المحادثات اعتراضها على توجيه ضربة إلى العراق. لكن مراقبين لاحظوا أن لهجة الاعتراض الروسية بدأت تخفت، مشيرين إلى تصريح وزير الخارجية ايغور ايفانوف الذي قال إن "الائتلاف الدولي المناوئ للإرهاب لن ينهار" إذا استهدف العراق عسكرياً. في نيويورك، أكد السفير الروسي لدى الأممالمتحدة سيرغي لافروف أن موسكو ستجيب عن 19 سؤالاً طرحها العراق على مجلس الأمن، مشيراً إلى أنه في حال عدم تمكن المجلس من الاتفاق على اجابة موحدة، فإن "كل دولة عضو ستقدم آراءها إلى الأمين العام كوفي أنان ونحن سنفعل ذلك". وجاء الموقف الروسي رداً غير مباشر على تحريض واشنطن مجلس الأمن على عدم الرد على الأسئلة العراقية، باعتبارها "تجاوزاً" لمطالب الأممالمتحدة. وأكد مسؤول أميركي، رفض ذكر اسمه، معارضة الولاياتالمتحدة تقديم الدول الأعضاء أجوبة فردية أو جماعية، وقال إن "المجلس طلب من العراق الامتثال لقراراته، وهو الهيئة الوحيدة المؤهلة تقدير مدى هذا الامتثال". لكن لافروف أكد مركزية "سيادة" العراق، معتبراً ان "انتهاكها غير مقبول سواء عبر منطقتي الحظر الجوي أو عبر سياسات تتنافى مع القرارات الدولية، خصوصاً استخدام القوة لتغيير النظام في بغداد".