يلخص المانشيت الذي اختارته صحيفة "ميلليت" التركية امس والذي جاء فيه: "ماذا أتيت تفعل سيد باول؟"، كل التساؤلات في العاصمة التركية عن مدى نجاح زيارة وزير الخارجية الاميركية التي تأتي بعد شهر من رفض البرلمان التركي منح القوات الاميركية قواعد. وسُجل قبل ساعات من حلول موعد الزيارة تزايد الأصوات المعارضة داخل الحكومة التي أعربت عن قلقها للاستمرار في منح الاميركيين حق استخدام ممرين جويين، فيما وافق قادة الجيش على فتح تحقيق في اتهامات برلمانية بتسرب كميات كبيرة من العتاد الاميركي الذي قيل ان سفناً أعادته ونقلته الى منطقة الخليج. وأشارت الاتهامات الى ان كمية من هذا العتاد خزّنت في المواقع عند الحدود التركية - العراقية وأدخلت خلسة الى شمال العراق، بالإضافة الى وحدات عدة من القوات التي دخلت ايضاً الى الشمال. واعتبر المعارضون داخل الحكومة ان استخدام المجال الجوي التركي لنقل قوات اميركية الى العراق يعدل السماح بنقلهم براً، ويؤكد ان تركيا تشارك عملياً في الحرب. ولا تقتصر المعارضة على الدوائر الحكومية والبرلمانية، بل تنعكس ايضاً على موقف الشارع حيث تشير استطلاعات الرأي الى ان 94 في المئة يعارضون الحرب ومساعدة القوات الاميركية. وكان لافتاً ان قافلة عسكرية اميركية مؤلفة من 41 مركبة وشاحنة تعرضت قبل يومين الى الرشق بالحجارة خلال نقلها معدات من محافظة ماردين التي تقطنها غالبية عربية، في طريقها من جنوبتركيا الى قاعدة انجرليك حيث يعمد الاميركيون الى نقل 50 طائرة حربية كانت تتمركز فيها الى مواقع اخرى. وتحركت المنظمات الاهلية والنقابات العمالية للدعوة الى مقاطعة المنتجات والبضائع الاميركية والبريطانية، طالما استمرت الحرب على العراق، في خطوة تعتبر تصعيداً يتجاوز مجرد تنظيم تظاهرات معارضة للحملة العسكرية الاميركية. وقال رئيس اتحاد نقابات القطاع العام سامي افرين ان الهجمات على العراق تحولت الى حرب ابادة، مؤكداً ان المقاطعة هدفها الاحتجاج على موقف الولاياتالمتحدة والحرب التي تشنها. وأعلن "الاتحاد الثوري" للعمال دعمه الدعوة الى مقاطعة المنتجات الاميركية والبريطانية، لا سيما شركات الوجبات السريعة والهامبرغر الاميركية، وكذلك كوكا كولا. وأعلنت جمعية حماية المستهلكين تأييدها للحملة وكذلك فعلت نقابة سائقي السيارات. وفيما يعدّ رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان رسالة الى الكونغرس الاميركي لشرح موقف تركيا من القواعد العسكرية، حرص "مجلس الأمن القومي"، وهو أعلى هيئة تعنى بصوغ السياسات العسكرية والأمنية في تركيا، وتضم كبار المسؤولين السياسيين والعسكريين، على الدعوة في اجتماعه الشهري الأخير مساء الجمعة، وفي لهجة غير معهودة في مخاطبة الاميركيين الى وقف الحرب في أقرب وقت ممكن لتجنب مضاعفاتها الانسانية.